لا يستطيع أي متابع منصف لأعمال الجلسة الافتتاحية للقمة العربية التي عقدت أمس في قاعة المؤتمرات بالبحر الميت ان يتجاوز عدة ملاحظات، الأولى ان الأردن حشد كل ما يملك من طاقات دبلوماسية لضمان حضور أكبر عدد من الزعماء العرب وبمشاركة عربية كاملة (باستثناء سوريا)، الثانية ان الإعداد اللوجستي للقمة وتنظيم انعقادها تم بصورة دقيقة ومتقنة تماماً، لدرجة ان معظم الضيوف عبّروا لنا في الكواليس عن “دهشتهم” من هذا التنظيم وما سوف يتركه من “عبء” على الدول التي ستستضيف القمة لاحقاً، الثالثة ان الحضور الإعلامي في القمة كان ملفتاً، (ليس على صعيد وسائل الإعلام العربية والدولية فقط)، وانما على صعيد اعلامنا المحلي، وتحديداً التلفزيون الأردني، حيث كانت أعمال القمة متاحة بشكل مباشر للجمهور، وبأدق التفاصيل، الرابعة ان جلسة الافتتاح اتسمت بالهدوء، وباستثناء بعض “التلميحات” التي وردت في بعض الكلمات، فقد التزم الرؤساء بخطاب متوازن ولم يخرج أي خلاف او اختلاف بينهم على العلن.
هذه الملاحظات (الانطباعات إن شئت) كانت ضرورية لتسجيل نقطتين أساسيتين: الأولى هي ان خطاب القمة يشير بشكل واضح الى ان العواصم العربية تشعر بأن العالم العربي كله في “مأزق”، وهذا الاعتراف وحده يكفي للتفكير جدياً بالتقدم خطوةً للأمام على طريق البحث عن حلول، كما انه يعكس احساساً او مزاجاً عاماً لما وصلنا اليه كعرب من “استنزاف” فلا منتصر ولا مهزوم، ولا افق للحل الاّ “بالتوافق” وجسر الفجوة بين الأنظمة وشعوبها أولاً وبين الأنظمة مع بعضها ثانياً.
النقطة الثانية هي ان خطاب القمة –في العموم-كان باتجاه “الحل العربي” كبديل ضروري لصراع الاجندات في المنطقة وعليها، صحيح ان البعض أشار بدبلوماسية الى التدخلات الدولية والإقليمية في بعض البلدان العربية، لكن الصحيح ايضاً هو ان ما سمعناه من خطابات في الجلسة الافتتاحية كان صريحاً في هذا المجال، وخاصة فيما يتعلق بالنفوذ الإيراني والتدخلات الدولية الأخرى.
بعد سنوات طويلة من “التيه” لا يمكن للزمن العربي ان يعود للوراء، كما لا يمكن لعواصمنا العربية ان تتجاوز ما حدث من “زلازل” وانفجارات، منذ ست سنوات على الأقل، وبالتالي فإن مهمة القمة ستظل في دائرة “الامل” لإحداث أي اختراق في جدران القطيعة بين الأشقاء، او انقاذ ما يمكن إنقاذه، واعتقد ان قمة عمان نجحت في تحقيق جزء من هذه الأهداف، فقد شهدت الجلسة الافتتاحية عدة لقاءات جانبية بين بعض الدول: مصر والسعودية، العراق والكويت مثلاً ، كما انها بعثت للشعوب العربية وللعالم أيضا برسالة، ولو رمزية ، تؤكد قدرة العرب على الاجتماع وربما الحوار والتفاهم ايضاً.
الأردن، الذي نجح في تنظيم “القمة” وفي ضبط إيقاعها كان يدرك ان الملفات المطروحة “أكبر” من قدرة أي قمة على إنجازها، ولهذا كان حريصا على أبرز أهم الملفات التي تشكل خطراً داهماً على العرب والمنطقة، ومنها ملف القضية الفلسطينية والقدس، وملف الإرهاب والتطرف، وملف الحروب التي تدور رحاها في أربعة بلدان عربية على الأقل، لكن ومن المفارقات ان أصداء الخطاب الأردني ترددت على ألسنة بعض الزعماء العرب الآخرين، هنا يبقى السؤال الأهم: ماذا ستنجز القمة لاحقا وما هو الحل العربي لأزمة العرب، ثم اين هو المشروع العربي القادر على إعادة الامل لشعوب هذه المنطقة بالأمن والحرية والاستقرار.
سيتحمل الأردن –بالتأكيد-مهمة نقل نتائج القمة ومقرراتها ومتابعتها، سواء على صعيد العواصم العربية او عواصم صناعة القرار في الإقليم والعالم، وربما تكون واشنطن هي أول المحطات التي سيزورها جلالة الملك، لكن يبقى المهمة الأكبر على عاتق الدول الشقيقة الكبرى التي يفترض ان تتحرك لبلورة موقف عربي موّحد، وحل عربي جامع، سواء على صعيد وقف عجلة الحروب والصراعات الداخلية بين أصحاب الوطن الواحد، او على صعيد وقف التدخل الخارجي الغربي أصبح خطراً يهدد وحدة العرب ومستقبلهم ايضاً.
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو