اوباما ,, ما بين الممكن والمستحيل!!

باتريشيا الحجاوي - دائما ما تأتيني الأفكار ليلا, وكأنها الخفافيش ترفض أن تخرج في النهار من أوكارها في ضوء الشمس, لا تسيء الظن بي يا صديقي فأنا لا أقصد أني وجدت فكر ملائكي, ولكن أقصد أني اكشتفت اكتشافا خطيراً, فبعد البحث والفحص والتمحيص وقراءة شيء من التاريخ وأشياء في المراجع وبعض الأقاصيص, اكتشف أن البعض يعتقد أن الوطنية اختراع, وأن الوطن يبتذل ابتذال, وأن الشخض اذا ما تحدث بما لا يفهم فهو بذلك حقق أكبر انتصار, وبعضهم يظن أنه اذا ما تحدث صارخا غاضبا من على المنصه وسمع صوت المصفقين ورأى قفز القافزين الزمبركيين فهو البطل منقذ الشعب من كافة أشكال العبودية خاصة الفكرية.اضافة اعلان


منذ ليلة الأربعاء وأنا أقرأ واتابع صخب صفحات الفيس بوك من مستخدمين كأشخاص او مجموعات بخبر 'ضرب امريكا لـسوريه', ليس هذا فحسب بل ان مواقعنا المحليه والوكلات العربية هي أيضا ضجت بالخبر 'أوباما يعطي أوامره لضرب سوريه', نشطاء الفيس بوك بين نافي للخبر وبين مؤيد ومؤكد وهناك أطراف اخرى مرتقبه بحذر.

ليس الغريب أن تكون معظم خواطري وأفكاري وآرائي السياسة تأتيني وأنا في حالة أقرب للنائم, فالجو العام يصيب بالغثيان والمعاني دائما ما تكون في بطن الشاعر.

والغريب أن يكون الأسد المغوار طفل أمام أعدائه ومفترس على شعبه وأن يكون الرئيس الصالح افسد أهل الأرض وأن تكتشف أن القبح جمال والقائد يصبح كلب هارب ... وما خفي كان أعظم.

لست أسطر ما أسطر دفاعا عن سوريه أو عن النظام الأسدي او حتى لتبرير مواقف أوباما أو غيره من الرؤساء والحكام أو حتى مواقف دول, ولكن أريد أن أطرح هنا بعض الأفكار وما أوردته الصحف وما قاله أوباما في تصريحاته, ولنقارنها بما تورده صحافتنا والوكالات العربية.

أوباما وفي تصريحات له قال بما معناه 'ان خيار عزل الأسد غير مطروح على الطاولة وأن امريكا تريد معاقبة بشار الأسد بشكل خاص لخرق اتفاقية جنيف واتفاقية الأسلحة الكيماوية'.

التناقض والازدواجيه في الطرح الأمريكي واضح للعلن الا للذين اختاروا ان يكونوا امواتا لا حول لهم ولا قوة في تشغيل الكرة ما بين الأكتاف, أوباما وفي تصريحاته أكد أن الولايات المتحدة ستتخذ خطوات جادة حيال ما يحدث في سوريه ومصر, وكانت صحيفة الفورتن بوليسي قد طرحت خبر بعنوان تعيين 34 موقع في سوريه احتمال تعرضه للضرب بصواريخ كروز واليوم الخبر تم تعديله إلى 35 موقع مشيرة إلى أن تلك المواقع هي اما أن تكون مصانع كيماوية أو قواعد جوية تحتوي على طائرات هليكوبتر وطائرات يمكن أن تستخدم لاطلاق صواريخ الكيماوي سواء من قبل النظام السوري او من قبل ما أسمتهم المتمردين او حتى المدنيين. كما كان قصر الأسد في دمشق احد تلك المواقع المرجح ضربها إضافة إلى مقر المخابرات العسكرية السورية وهيئة الأركان العامة للجيش السوري, وقيادة القوات الخاصة والحرس الجمهوري.

الملفت للنظر أن اوباما قرر ضرب سوريه بطريقة كما وصفها تحذيرية لعدم محاولة استخدام السلاح الكيماوي مرة أخرى او كما اسماها بطريقة أخرى لمعاقبة بشار على اختراق اتفاقية الأسلحة الكيماوية, ورغم التصريحات الممتالية بأنه جاد بضرب سوريه فإنه لم يذكر أي شيء فيما يتعلق باحتمالية مساعدات الأطراف الآخرى, أعني المتمردين كما يطلق عليهم هو. وكيف له أن يذكر فيما اذ كان هناك خطط لدعمهم وهو يطلق عليهم 'المتمردين'؟!!

أوباما يصر على أن الولايات المتحدة دائما تقرر استخدام القوة في الدفاع عن المصالح العامة وليس فقط للدفاع عن النفس, وانطلاقا من هذا قرر كما يدعي معاقبة بشار ضاربا عرض الحائط بموافقة مجلس الأمن او حتى الأمم المتحدة, ويمرر اوباما المبررات القانونية لتوجيه الضربه العسكرية بأنها عقوبة لانتهاك اتفاقية الاسلحة الكيماوية, وكما وصف ذلك وزير الخارجية الامريكية كيري بأنها عقوبة وردا على 'الفحش الأخلاقي' الذي لا يقبل الجدل في تصرفات النظام السوري باستخدام السلاح الكيماوي.

الجدير بالذكر هنا, تزامن هذه التهديدات والصراخ الأمريكي بضروره معاقبة نظام بشار الأسد مع عقد صفقة بيع قنابل عنقودية بقيمة 640 مليون دولار أمريكية الصنع إلى المملكة العربية السعودية, على الرغم من الاشمئزاز شبه العالمي على هذه الأسلحة, وعلى الرغم من أن 112 دولة وقعت على المعاهدة الدولية لحظر القنابل العنقودية, مع تصديق 83 دولة عليها, ليست من بينها الولايات المتحدة ولا المملكة العربية السعودية.

أوباما قالها بصريح العبارة يجب على الولايات المتحدة أن تحتفظ بحق تصرفها من جانب واحد للحفاظ على مصالحها – يقصد وان كان بعيدا عن موافقة مجلس الأمن او حتى الأمم المتحدة – ويؤكد أوباما على امريكا أن تتخذ موقف وقرار عملي تجاه احداث سوريه لا لدعم المتمردين – لأن اوباما يعلم تماما ويتخوف في حالة تسلم الجهات المتطرفه للسلطه فإن هذا يعني متاعب اخرى – بل ليؤكد على وجود الولايات المتحدة وانها ما زالت لاعب رئيسي في الأحداث الدولية ليس الا.

المحللين العسكريين للبحرية الأمريكية يوم أمس كانوا يطرحون بديل لصواريخ كروز بـ صواريخ توماهوك حيث أنها تكلفتها نسبية بعض الشيء ولا تشكل اي خسائر في ارواح الجنود على الاطلاق ويمكن استخدامها بسرعة وبسهولة محققه نفس الغرض, وكانت الاجتماعات والتداوالات لا زالت في خضم اتخاذ القرار بمعاقبة بشار الأسد جنبا الى جنب في تأكيدهم على ضرورة أن يكون هناك اهداف استراتيجيه لهذه الضربة وان الخطط التكتيكيه وحدها لا تكفي.

ما يدمي القلب هنا, هو تناقل المواقع المحلية والوكالات العربية خبر 'ضرب سوريه' وتهويل الامور والنسخ من موقع لآخر ومهارات التبهير والنكهات الزائدة, طبعا هذا لا يعني أنني أنفي هول الأمر في حالة حدوثه, لكن علينا أن نفكر ملياً, اوباما قرر معاقبة نظام بشار الأسد وكان من جملة الأماكن المقترح ضربها هو 'المصانع الكيماوية' ألن يزيد هذا الأمر سوءا؟؟ ويقال أن نتنياهو يقول 'يدنا على الزناد' في اشاره الى انه جاهز لضرب سوريه, اقول له 'ومن يتكفل بحماس؟؟' , أوباما وفي جميع تصريحاته بشأن معاقبة نظام بشار الأسد كان يؤكد بأن خيار عزل بشار غير مطروح. وهذا دليل على أن أوباما يريد فقط أن يبصم أن بلاده ما زالت ضمن القوى اللاعبه على الساحة ومحرك في الأحداث العالمية, وأنه لا يمانع اي مذابح دائرة في سوريه بغض النظر عن الجهة القائمة عليها سواء من قبل نظام بشار او حتى من المعارضة او التمردين, كل ما يعنيه 'عدم استخدام اسلحة كيماوية' ليس لانها تشكل خسائر في الارواح البشرية بنسب عاليه, أبداً, بل وحسب ما أرى يحاول ان يدعي (لانها استخدمت دون اشاره من امريكا), ولن أدخل هنا في جدل من الفاعل, لكن اريد أن اذكر بأن العراق لديهم أعداد ضخمه من الوال
يد المشوهيين بسبب ما أحدثته الحرب.

أوباما الذي تبجح بعدوله عن دعم الانقلاب في مصر وقراره بقطع المساعدات, ويتبجح الآن بضروره معاقبة النظام السوري للانتهاكات الوحشية – حسب تعبيرهم – وأن بلادهم, اي الولايات المتحدة الامريكية, لن تنتظر موافقه مجلس الأمن والأمم المتحدة لضرب سوريه وأن ما يقوم به قانوني نظرا لخرق بشار لاتفاقية الاسلحة الكيماوية, هو ذاته وذات ادارته التي فعلت ما فعلت بـ بغداد, أتذكرونها؟ هي ذاتها من خاضت حروب افغانستان مدعيه انها تريد احلال الديمقراطيه, ذات ادارتهم من تدخل الآن في مالي بحجة حمايتها من الحركات الاسلامية.

عزيزي اوباما, أتظننا أغبياء؟ تريد ضرب النظام السوري كعقاب له لتجاوزاته ووحشنيته؟ وماذا تسمي افعالكم؟

عزيزي اوباما, هل تجد في نفسك رئيس دولة بحق وأنت تقرر ضرب سوريه كعقاب دون طرح اي اهداف استراتيجيه سوى بقاء امريكا كقوة مؤثرة؟

عزيزي اوباما, هل انت مقتنع بطرحك بهذا القرار وأن تؤكد ان خيار عزل بشار غير وراد لأن المعارضة او المتمردين لن يدعموا سياسات امريكا؟

عزيزي اوباما, هل تصدق أن الولايات المتحدة قوى عظمى بدون مساعدة العرب باستغبائهم المقيت؟؟

عزيزي اوباما, هل قرار ضرب سوريه الذي كان مرجح بـ 48 ساعة القادمة والذي تم تعديله الى ما بعد يوم الخميس, سياسة دولية أم لعبه هزلية؟؟

عزيزي اوباما, ماذا لو قرر بشار في حالة اتخاذ قرار حاسم بضرب سوريه ان يوجه الكيماوي للأردن وعلى قولنا في العامية 'ما هي رايحه ورايحه', هل اتخذتم قرار بشأننا؟؟

عزيزي اوباما, بقي أن أخبرك بأني اتفق معك بأنه وان حدث كما تدعي الضرب بصواريخ كروز على مناطق حيويه في سوريه بأن هذا يتأتى ضمن غرور امريكا لتأكيدها أنها دولة مؤثرة على الساحة الدولية, رغم انكم اغتصبتم سوريتنا بطرق أخرى وباصابع خفيه.

عزيزي اوباما, هل ستشعر بالحزن لو أخبرتك أني اسمي هذه الضربات لعبات فتيش ضوئي من على المسرح, اشبه بحركات لمخرج مغرور يحاول ان يذكر جمهور 'لم ينسى' بأنه احد اللاعبيين الاساسيين في هذه المجازر القذرة؟؟

لدي أمر أخير اوباما, ارجوك لا تخبرني بأنك مقتنع بما قاله عبد الله النسور رئيس حكومتنا بأن الأردن مستعدة لاحتمال ضربنا بالكيماوي, فعبد الله النسور يا عزيزي اوباما قد ضحى بنا 'ارضا وبحرا وجوا'.