السبت 2024-12-14 10:37 ص
 

بداية خاطئة تضع الحكومة في مأزق

10:32 ص

الحكومة في وضع لاتحسد عليه، وستواجه في الأشهر الثلاثة المقبلة أياما صعبة. ردود الفعل الأولية على تسريبات قانون ضريبة الدخل مقلقة وخطيرة. ملامح الصدام مع البرلمان بادية منذ الآن، والتوتر في الشارع ينذر بأزمة قادمة.اضافة اعلان

في اللحظة الراهنة، وفي ضوء المعطيات القائمة حاليا، فإن تمرير الحزمة الجديدة من الإصلاحات المالية يحتاج لمعجزة سياسية.
المؤكد أن المعنيين في مراكز صناعة القرار قد رصدوا عن كثب أحوال الشارع في الأيام الأخيرة، وحالة السخط العام على التعديلات المقترحة على قانون الضريبة، هذا قبل أن نشرع في الحديث عن المصفوفة الكاملة لقانون الموازنة العامة للعام المقبل.
وما ضاعف من مأزق الحكومة افتقارها المريع لخطط إدارة النقاش العام، واعتماد وسائل تقليدية وبالية في طرح القضايا الحساسة، والفجاجة في عرض برامجها، وغياب التنسيق بين حلقاتها الأساسية، والإصرار العجيب على ربط ملف الإصلاحات الاقتصادية بمفهوم الجباية الذي التصق بالحكومة بسبب أسلوب فريقها الاقتصادي في مقاربة أزمة المالية العامة.
في لقاء غير مخصص للنشر قال مسؤول حكومي رفيع المستوى إن مشروع قانون الضريبة المقترح لن يمرّ في مجلس النواب. هذا يعني أن الحكومة كانت تعرف وفي وقت مبكر صعوبة المهة، فلماذا إذن التزمت بهذه التعديلات أمام المنظمات الدولية، وسرّبت عناوينها للرأي العام؟
النتيجة الوحيدة لهذه السياسة الخرقاء هي تأزيم الشارع ووضع مشروع قانون الموازنة القادم في مهب الريح، وربما الحكومة أيضا.
كان تعديل قانون ضريبة الدخل وما يزال مطلبا للحكومة وقوى اجتماعية وحزبية ومعارِضة، فلماذا لم نفكر بفتح القانون للنقاش في وقت مبكر، ومناقشته وإقراره في البرلمان دون أن يكون متزامنا مع مشروع قانون الموازنة العامة؟
ليس مطلوبا من حكومة الملقي أن تتخلى عن خططها لإصلاح المالية العامة، لأن ضبط العجز وتخفيض المديونية ورفع نسب النمو الاقتصادي هي أهداف لكل الأردنيين. التحدي هو في كيفية الوصول إليها بأقل التكاليف الاجتماعية، ودون تعريض الطبقة الوسطى لمزيد من المعاناة، وربط الخطط بنتائج ملموسة تنعكس بشكل مباشر على حياة الناس كما ذكر رئيس الوزراء في آخر مقابلة تلفزيونية.
ما حصل في الأيام القليلة الماضية كان مثالا حيا على البداية الخاطئة، وسوء التقدير، وغياب الحس العام بالناس ومعاناتهم. ينبغي التوقف فورا ومراجعة العملية برمتها، وإعادة تقدير الخطوات الممكنة ووضعها بميزان سياسي وأمني دقيق، لتجنب المفاجآت الكبرى.
ما أزال أعتقد أن ما هو مطلوب في سنة واحدة يمكن توزيعه على سنتين، لتخفيف العبء على المواطنين، وضمان الموازنة بين احتياجات الإصلاح الاقتصادي وأساسيات الاستقرار الاجتماعي والسياسي في المملكة.
المنظمات الدولية والدول المانحة يتعين عليها أن تفهم بأن الأردن يستحق المكافأة لا العقاب على صموده واستقراره في إقليم يحترق، لا بل وتحمل أكلاف أزمات لا دور لنا فيها.
الأردن صمد وعبر العاصفة بكلفة لا تساوي واحدا بالمئة من الثمن الباهظ الذي دفعه المجتمع الدولي جرّاء انهيار دول في المنطقة.
 
gnews

أحدث الأخبار



 




الأكثر مشاهدة