بين زكي بني ارشيد وعبير عيسى

في طفولتي أحببت عبير عيسى كثيرا، وأتذكر أنها بدأت مسيرتها الفنية في العام (1977) من خلال مسلسل خليجي مع الفنانة الكويتية سعاد العبدالله كان أسمه (صحوة زمن)..بعد ذلك توالت أعمالها وأول عمل برزت فيه هو (طرفة بن العبد).اضافة اعلان

في فترة الثمانينات برزت عبير عيسى ورصيدها الفني زاخر جدا جدا فأنا لا أخجل من الحب واعترف أني احب هذه الفنانة جدا ولهذا أحفظ عن ظهر قلب كل ما أنتجت :- (السيف الذهبي، كنوز وحكايات، حارة أبو عواد، الفرح المنسي، جرح الغزالة، بقايا الرماد.....الخ ) وأحفظ ما انتجت من مسرحيات :- (اختبار حواء، البلاد طلبت أهلها،....الخ).
فيما بعد حين كبرت واصبحت صحفيا، ونبت زغب الحروف على قلبي للتو.... قابلت (عبير)، واصبحنا اصدقاء..وأجمل ما في وجه عبير عيسى أنه وطن بكل تفاصيل الكلام والجغرافيا، هي الفنانة الوحيدة التي قاتلت العمر وهزمته....فأنا مثلا لم أجرؤ على مقاومة السنين وبرغم الشباب سرقت شيبات نبتت في اللحية والمرفق مني بهجة العنفوان أما عبير عيسى فقد سرق الريحان منها خصلتين على الشعر وبدلا من الشيب أزهر الرأس وردا..ونبت على الشفتين وطن من الموسيقى والألحان هي لم تكبر أبدا.
أنا لا أغازل عبير عيسى ولكني..أدافع عن عبير واسأل السيد زكي بني ارشيد الذي زار نقابة الفنانين أول من أمس وألقى خطبة تضامنية أسأله هل أنت بحجم عبير عيسى حتى تخطب في حضرتها؟...على الأقل عبير في عمرها الفني أدت أدوارا فيما لا يقل عن (خمسين) عملا فنيا أما أنت فكل ما أديته في حياتك دوران يتيمان فقط وهما :- سكرتير خالد مشعل، ودور المحرض من خلال منصب أمين عام جبهة العمل الإسلامي....
عبير عيسى ومن خلال أعمالها أبرزت الهوية الوطنية الأردنية عرضت تفاصيل حياة الناس في الأردن، وفي دورها الرائع من خلال نمر بن عدوان شاركت في صياغة صورة الفارس الأردني النبيل والعاشق والرائع..أنت ماذا أديت من أدوار؟ لا شيء..سوى التحريض والتثوير والتشكيك وآخر دور كان لك هو حديثك عن مسيرات الولاء ووصفها بالبلطجة؟....وكان دورا فاشلا إخراجاً وسيناريو وأداء.
يحق لي أن أكتب واتحدث في حضرة عبير عيسى فأنا كتبت عن الجيش عن الوطن عن الحب وعبير كان الوطن والناس همها ومحور عملها.....بالمقابل نظلم عبير عيسى حين نسمح لممثل مبتدئ أدواره برزت من خلال شاشة احدى الفضائيات أن يتحدث عن الوطن....وأدواره كانت خالية من السيناريو وتحتوي على الشتم والتشكيك بكل شيء...
بصراحة أعلم أن الفنانة العظيمة عبير عيسى لا تقبل بالمبتدئين ولا بالباحثين عن الضوء ان يعتصموا أو يتضامنوا مع قضيتها...ومع قضية الفنان الأردني الكبيرة والملحة والهامة....أعلم أن زكي بني أرشيد جاء ليقدم دورا وجاء ليمارس فن الأداء..وجاء ليقول لنا إنه الآخر ممثل ولكنَّّ ثمة فارقاً بين ممثل يحمي الهوية الوطنية وممثل يحرق قلوبنا حين لا يعرف شيئا خلف المايكريفون سوى الشتم.
هذا المقال هو بمثابة انتفاضة فنية وطنية وعبير عيسى هي مثال للفن الأردني النبيل الملتزم الجميل...هي مثال لعشق الشاشة فأنت حين ترى هذا الوجه الملائكي على التلفاز تتسمر وتشعر بأن الوطن يجتمع في عيون أنثى...بالمقابل حين ترى زكي تكتشف أن الوطن يضيع في لقاءات عابرة مع السفير البريطاني وزيارات تنسيقية مع السفير الأمريكي وهواتف ليلية مع الإخوان في مصر للترتيب...وتثوير مبرمج ومقصود وكيدي للمخيمات..وترى وسامة زكي بكل صورها لا تصنع سوى الشرخ فوق الشرخ والوجع فوق الوجع.
أدافع عن صديقتي عبير عيسى ضد زكي بني ارشيد الذي جاء ليسرق من حضورها وألقها...وهل يستوي زكي وعبير بالطبع لا؟هل يستوي الفنان المبدع الخارق الجميل مع السياسي المحرض والمشعل للازمات...بالطبع لا..واذا أراد زكي أن يقيس حضوره بالمقارنة مع حضور عبير عيسى فلينزل للشارع..سيكتشف أن الناس يحملونها في العيون والأهداب وأن نظراتهم تحرسها..أما زكي فهو بحاجة لمن يحميه.
لا أريد أن أطيل المقال..ولكني أكتب عن عبير كعينة ونموذج للفن الأردني...وأختم مقالي بنصيحة للأخ زكي نصيحة تتطلب منه أن ينظر لها بجدية وهي :- أنت فشلت في التمثيل بالمقابل عبير عيسى سرقت قلوبنا جميعا بحضورها وألقها ونجاحاتها..وأنت جئت لتسرق وتوظف حضورها وحضور الفنانين الأردنيين في المشهد...جئت لتسرق منهم وأظن بالرغم من كونك ممثلا دون المستوى فحتى لو بقيت تخطب على منبر النقابة لعام فلن تحصل على نصف عضوية أو حتى عضوية فخرية في لجنة المسرح...لأن هؤلاء الناس جمعوا بين الفلسطيني والأردني ووحدوا بين العاشق والمعشوق وأسسوا لهوية وطنية درامية..أنت ماذا فعلت لاشيء سوى الخراب فوق الخراب...
صديقتي الغالية عبير عيسى.....صباحك سكر.