الوكيل- انتشرت في الآونة الأخيرة ومع تدفق موجات اللجوء الانساني من دول ما يسمى «الربيع العربي»، وبصورة كبيرة جدا، لجان وهمية في الكثير من جامعاتنا وأسواقنا ومساجدنا وشوارعنا بدعوى انها تتبنى حملة تبرعات خيرية.
وتقوم هذه الفئة بجمع الأموال لصالح بناء مساجد، وأخرى تجمع التبرعات لصالح مغسلة موتى، وآخرى من أجل إخواننا في بلد ما، وجماعة أخرى تجمع التبرعات من أجل دور أيتام وتحفيظ القرآن.
من المسؤول عن هذه الفوضى في جمع التبرعات؟.. ومن يضمن أن ما يتم جمعه من تبرعات يذهب لمستحقيه او من اجل الغاية التي تم جمع المال والمعونات لأجلها؟.. خاصة وإن وجود هذه اللجان وبهذه الطريقة العشوائية امر «غير طبيعي»، وغير مقبول ويسهل استغلالها من ذوي الانفس الضعيفة، بحيث يصبح المواطن الاردني ضحية لفئة تستغل مشاعره الانسانية، وتحصل على المال منه رغم انه غير متأكد من وصول تبرعاته لمستحقيها.
ويلاحظ هنا، أن بعض هذه اللجان أو أعضائها يحمل الوصولات المزورة، وكتبا رسمية اخرى غير صحيحة، على انها صادرة عن جهات رسمية بهدف إقناع المتبرع بشرعية هذه اللجنة أو عملها في جمع التبرعات، بالاضافة الى منشورات مضللة تبين المشاريع الخيرية التي انجزتها تلك اللجان، التي تمارس عملها بحرية في ظل غياب الرقابة الكاملة عنها وعن الحملات التضليلية العشوائية التي تنتهجها.
الملاحقة الأمنية مطلوبة
ان تجربتنا مع نتائج تلك التبرعات لا تفرض علينا فقط منع تلك الحملات، بل وملاحقة أمنية وقانونية لمن يتبناها، إلا ان كان تحت مظلة رسمية حكومية أو مصدقة من الجهات المختصة، وأن يمنع انتشارها في الأماكن العامة بنفس الكيفية الحالية، لأن وجودها بهذا الشكل غير طبيعي ويسهل استغلالها من ذوي النفوس الضعيفة.
وليس معنى ذلك اننا نطالب بإيقاف العمل الخيري في المدارس والجامعات والمساجد على وجه الخصوص، ولكن الهدف هو تنظيم تلك التبرعات من ناحية والقضاء على أي استغلال لطيبتنا التي كشفت الأيام انها تحتاج لبعض المواجهة، خاصة وان تلك الحملات تعتمد أكثر على منهجية الحماسة، وتفعيل قدرة من يحمل أو تحمل الظرف لجمع التبرعات والدعاء لكل محسن بل ولمن يعتذر أو تعتذر عن التبرع لعدم القناعة بمصير تلك التبرعات، خاصة وان تصريف تلك التبرعات غير واضح ولا يمكن التثبت من آلية توزيعها المعلنة للمتبرع، مما يعني امكانية استغلالها بشيء لا يرضي أصحاب العمل الخيري والمتبرعين.
احتيال بأساليب متنوعة
ولا شك ان الاحتيال اخذ ابعادا اوسع وتطورت خطط الحصول على الاموال بطرق غير مشروعة، حيث تعيش مفاصل عديدة في مجتمعنا احداثا غريبة ودخيلة على قيمنا وتقاليدنا، بحيث تتنوع اساليب الاحتيال وتتعدد مواقع العمل وتمتد الى المساجد والمستشفيات بل وبيوت العزاء المخصصة للأثرياء ذلك عندما يستند ممارسو الاحتيال الى حجم النعي في الصحف اليومية فإن كبر الاعلان كانت القناعة بأن ذوي المتوفى اثرياء، وقس على ذلك.
وقد كثر الحديث في الفترة الاخيرة عن انتشار مئات الجمعيات واللجان الوهمية الاشبه بـ «العصابات» وحتى اشخاص فرادى ينتشرون في الاسواق والمساجد ودور العبادة وعلى ابواب البيوت يطلبون التبرع من الناس لبناء مساجد ودور تحفيظ قرآن ولجان زكاة وفقراء وما شابه ذلك دون سند قانوني حتى وصل الامر ببعض وسائل الاعلام بفتح باب التبرع لقضايا انسانية دون وجود اي سند قانوني يخولهم جمع المال من العامة، مما يحتم علينا الاشارة لهذا الموضوع الخطير واهمية ضبطه لسد الطريق امام كل من تسول له نفسه استغلال عطف الناس وانسانيتهم لصالحه الشخصي.
من يراقب التبرعات؟
وفي هذا الإطار على ابواب المساجد وفي بيوت عزاء الأثرياء وفي الشوارع وفي اروقة المستشفيات وفي كل مكان تكثر به حركة المارة تجد شابا او طاعنا بالسن يردد عبارات مألوفة للمساهمة في بناء جامع وفي يده اوراق بالية لا يظهر منها الا بعض اختام، لا يعلم احد بها، موهما المتبرعين انه لجنة مرخصة رسميا..كما انه وفي غفلة عن وزارة الاوقاف يقوم محتالون بجمع التبرعات من المواطنين مدعين انها لبناء المساجد.
وعلى صلة.. سجلت دعوات التبرع لبناء المساجد حضورا لافتا سواء في عمان او في المحافظات أو الاحياء السكنية القائمة في المدن الاردنية، وهو ما حذرت منه مصادر مسؤولة في وزارة الأوقاف المواطنين من الانخداع والسماح للمحتالين باستغلالهم والتغرير بهم والحصول على تبرعات منهم، تحت دعوى بناء مساجد او مشاريع خيرية اخرى، مشددة على ضرورة تسليم تبرعات بناء المساجد الى الجمعيات واللجان الرسمية والجهات المختصة بذلك.
واشارت الى ان تعليمات وزارة الاوقاف تمنع جمع اي اموال من المتبرعين حيث تناط هذه المهمة بلجان المساجد وهي لجان شبه رسمية تمارس عملها في ظل مراقبة ومتابعة من قبل وزارة الاوقاف.
ودفعت عمليات الاحتيال التي شهدتها بعض المساجد او المخاوف من استغلال هذه الاموال في عمليات مخالفة للقانون ببعض رجال الاعمال والميسورين الذين يعملون على بناء مساجد بوضع لوحات ولافتات على هذه المساجد التي يعملون على بنائها كتب عليها «بأنها تتم كاملة على نفقة فاعل خير ويمنع التبرع لها».
والمتابع للمشهد الفوضوي يلمس ان الانفلات هو السمة الغالبة على جمع التبرعات لبناء او توسعة بعض المساجد ذلك ان عملية جمع التبرعات ليست دائما تحت غطاء التقوى ولا تخلو من التجاوزات والتحايل والخداع في عدة مناسبات، وهذا ما جعلنا نتساءل هل يتم مراقبة عملية جمع تبرعات بناء وتوسعة المساجد!..
الامن العام
«الدستور» توجهت بالسؤال الى الناطق الإعلامي في مديرية الأمن العام الرائد عامر السرطاوي عن هذا الأمر، والذي اكد بدوره أن الامن العام يتعامل مع هذا النوع من القضايا، وقد وردت بضع شكاوى تم على اثرها القبض على اشخاص يمتهنون جمع التبرعات رغم عدم حصولهم على اي تصاريح رسمية، او قيامهم بتزوير شهادات ودفاتر وصولات، وأنه تم توقيفهم بتهم جرائم الاحتيال وتحويلهم الى القضاء.
واكد السرطاوي، أن كافة مديريات الشرطة والمراكز الامنية تقوم بدورها الرقابي تجاه هذه الممارسات، وانها تدعو المواطنين للتعاون والابلاغ فورا عن أي لجان تعمل على جمع اي نوع من التبرعات دون حصولها على تراخيص رسمية لهذه الغاية.
بيوت العزاء
ايضا فإن بيوت العزاء هي الاخرى لم تسلم ابدا من تواجد ممتهني جمع التبرعات بدواعي بناء مسجد والزكاة ورعاية الايتام ومساعدة الفقراء، حيث يقوم بعض الاشخاص باستغلال مراحل الحزن عند اهل المتوفى خاصة الاثرياء منهم، لتبرز هنا احد انواع الابتزاز باساليب رخيصة ومرفوضة، حيث يستثمر هؤلاء الاشخاص فترات ما بعد الغروب التي تشهد عادة تواجدا مكثفا من المعزين ليقوم احد ممتهني جمع الأموال بالقاء موعظة غالبا ما تكون ركيكة بلا مضمون ويختمها بالدعاء للمتوفى لاستدراج الاحسان ومن ثم يطلب المساعدة لاستكمال بناء مسجد او رعاية ايتام او لجنة زكاة ودور تحفيظ القرآن الكريم او مساعدة المرضى والفقراء وما شابه ذلك من اساليب رخيصة مبتذلة.
صناديق ولكن..
ايضا فإنه لا يكاد يخلو مركز تجاري أو مجمع خدمي من صندوق زجاجي او خشبي او معدني لجمع التبرعات وبمسميات متعددة ظاهرة تطرح تساؤلات عن مدى وصول هذه الأموال إلى الجهات التي تجمع باسمها وهل تخضع للرقابة من قبل الدولة؟ أم أن القائمين عليها هم فوق الشبهات؟!
كما وأن انتشار صناديق جمع التبرعات لا تعكس أي جانب تراحمي، لأن ما يوضع فيها ربما لا يكفي العاملين عليها من حيث التنقلات والمواصلات والموظفين، فلا احد يعلم أية جهة أو مؤسسة تتبع، في ظروف يغيب عنها الوضوح والشفافية.
أين تذهب التبرعات؟
ترى هل بلغت الطيبة أو غيرها من المسميات ببعض المواطنين أن يتبرعوا بالمال دون أن يتثبّتوا عن الجهة المستفيدة بالرغم من كل التحذيرات والتنبيهات التي تصدر عن الجهات الأمنية في المملكة.. هل هؤلاء المواطنون ضحية خداع وتضليل من الشخص الذي كان يجمع التبرعات.
أسئلة كثيرة محيرة لا تنتهي!
ولا شك ان عمليات جمع المال من أجل غايات مبهمة غامضة تغلف بالنبل والإحسان هي من بقايا زمن سابق عندما كان بوسع أي شخص الوقوف أمام المسجد والادعاء أنه يجمع تبرعات للمجاهدين أو لفقراء المسلمين أو لجمعيات تحفيظ القرآن وبناء المساجد ثم نكتشف بعد ذلك أن المال كان يستخدم لغايات أخرى، بل وأحياناً يذهب مباشرة إلى جيوب جامعي التبرعات المزعومين.
ثغرات نظام جمع التبرعات
من جانبه بين مصدر مسؤول في وزارة التنمية الاجتماعية ان نظام جمع التبرعات يخول الوزارة بمنح تصاريح الجمع عبر نظام صادر عام 1957 معترفا بوجود ثغرات عدة في النظام، الأمر الذي مكن العديد من الجهات استخدام الرسائل القصيرة ومواقع التواصل الاجتماعي وأشرطة شاشات الفضائيات واروقة المساجد لجمع تبرعات لوجوه الخير دون معرفة الجهة المستفيدة.
ولفت المصدر الى ان ما يشهده ملف جمع التبرعات من فلتان وفوضى يفرض ان يتم فعلا تجديد هذا النظام ووضع آلية رقابة حقيقية من خلال تسجيل مقدم الطلب لوزارة التنمية والفترة التي يسمح له بجمعها من الناس اضافة الى احصاء المبلغ المحصل وآلية صرفه لنتجنب جميعا الفساد في هذا الملف.
فلتان وفوضى لافتة
بدوره قال رئيس مركز الجسر العربي للتنمية وحقوق الانسان المحامي الدكتور امجد شموط انه من غير المعقول ان تستمر عمليات جمع التبرعات من المساجد واماكن تجمعات المواطنين دون ان يتم وضع ضوابط لها في ظل قيام ضعاف النفوس بالتسلل تحت عباءة العمل الخيري، وتحت اسماء لجان وهمية غير مرخصة ويجمعون آلاف الدنانير يقتسمونها فيما بينهم ويضعونها في جيوبهم.
وبين شموط ان الامر يتوجب تصميم صناديق معتمدة من وزارة التنمية الاجتماعية او وزارة الاوقاف على سبيل المثال، وتكون مغلقة، او ان تكون صناديق مغلقة مصممة لجمعيات بعينها مثل جمعيات المحافظة على القرآن الكريم، ودعم مرضى السرطان والمعاقين، والتي نراها في معظم المحلات التجارية والبنوك والدوائر الرسمية، وضمن ضوابط وايصالات رسمية ومختومة ومرقمة، مطالبا بإخضاع جمع التبرعات داخل المسجد للترخيص الإداري، بينما يكون الإمام مسؤولا عن العملية داخل المسجد ويقوم بتدوينها في سجل خاص يقيد فيه نتائج هذه العملية.
فيما قال عضو جمعية الفيحاء الخيرية براء مسلم قاسم ان الحكومة مطالبة بتفعيل نظام جمع التبرعات وآلية الرقابة عليه بهدف تحريك الموضوع واتخاذ قرار فعلي يمنع التطاول على المال الخيري الذي يدفعه الناس في سبيل الله تعالى ولمساعدة الفقراء والمحتاجين والحفاظ على نظافة العمل الخيري وتنقيته من الشوائب.
واشار قاسم الى ان عمليات جمع التبرع يجب ضبطها وتنظيمها من الجهات المسؤولة لمنع تسرب بعض المشبوهين الذين يتقصدون جمع التبرعات عبر انتشارهم في الشوارع والمساجد وبيوت العزاء والقنوات الفضائية لترك الطريق معبدة امام المؤسسات الشرعية التي تقوم بعملية الجمع بكل نظافة وخلق وتذهب الأموال الى الجهة التي يتم الجمع لها، سواء لاقامة المساجد او لدعم الجمعيات الخيرية او لجان الزكاة او حتى مساعدة الأسر الفقيرة.
وبين قاسم ان ملف التبرعات والدعم الخيري يجب ان يفتح من قبل كافة المسؤولين نظرا لاهمية مراقبته وضبطه عبر تحديث الانظمة والتشريعات لتصفيته من الشوائب بهدف استمرار عمل الخير بامان ودون تشويه خصوصا في ظل ارتفاع اعداد المحتاجين لهذه النوع من الدعم وتحقيقا لاهدافه النبيلة.
تبرعوا تؤجروا!
«تبرعوا تؤجروا».. هذه العبارة وغيرها من العبارات البراقة التي تربط أي فعل بعاطفة الإنسان الدينية المتعطشة للأجر والثواب من رب العباد حيث تنتشر في مساجد مناطق عمان الغربية والشرقية على حد سواء لجان واشخاص بمفردهم يزعمون جمع المال لبناء مسجد او استكمال بناء مسجد وزكاة وغيره.
ولا شك ان كل إنسان ينشد الأجر لكنه يريد على الأقل أن يرى أثر عمله، وأن تصل تبرعاته لمستحقيها عبر أقصر الطرق، وأهم من ذلك أن تسهم تلك التبرعات في رفع ضائقة، او بناء بيت من بيوت الله ومساعدة فقراء أو محتاجين أو منكوبين لا أن تتحول إلى حسابات بنكية لا نعلم عنها شيئا، أو لجيوب متكسبين ومتاجرين، حيث تلقى مثل هذه الدعوات إقبالا من أناس يجهلون تماما الغايات والمرامي التي يسعى لها جامعو التبرعات الذين اندسوا تحت مظلة العمل الخيري والديني!
وفي ظل هذه الفوضى فقد اصبحنا ومع كل حادثة او نكبة تحل ببلد عربي او مسلم او حتى تداعيات الربيع العربي على دول الجوار، يخرج علينا من يدعو الناس للتبرع بما تجود به أنفسهم، رغم ان هؤلاء ليست لهم أي صفات رسمية، ولا أحد يعلم عن مصير ما يجمع ولا في أي محفظة سيوضع، وأكثر ما يخشاه العقلاء والحريصون على الصالح العام أن تصل تلك التبرعات لكل الجيوب باستثناء جيوب المحتاجين!
رأي المواطنين
وعلى صلة.. يرى عدد كبير من المواطنين ان الجهات الرقابية والحكومية المتعددة يجب ان تقوم بضبط هذا الفلتان والفوضى التي يقترفها البعض في جمع التبرعات.
حيث شدد احد المصلين في مسجد الهمشري في خلدا مازن النشواتي على ضرورة ضبط المساجد والحفاظ على قدسيتها، وعدم دفع أي أموال لأي شخص داخل المسجد أو خارجه من دون إيصال رسمي معتمد لمواطنين من الانخداع والسماح للمحتالين باستغلالهم والتغرير بهم والحصول على تبرعات منهم، تحت دعوى بناء مساجد او مشاريع خيرية اخرى، مشددة على ضرورة تسليم تبرعات بناء المساجد الى الجمعيات والجهات الرسمية المختصة، خاصة وان التعليمات والقوانين تمنع التبرع لبناء المسجد بطريقة عشوائية تعتمد على اجتهادات الأفراد.
وبين النشواتي ان مسجد الهمشري وهو المكان الذي يقوم بآداء الصلاة فيه في خلدا نظرا لكون رواده من الاثرياء فان المسجد يكتظ يوميا بمئات الاشخاص الذين يمتهنون جمع التبرعات بصورة غير قانونية في ظل غياب تام للرقابة عن هذا المسجد، مؤكدا انه لا يجوز تحت اي ظرف من الظروف ان يقوم اي شخص او اية جهة بوضع صندوق مفتوح او كرتونة، او حتى سجادة لجمع التبرعات عليها حتى ولو كانت لجهة معتمدة.
فيما يقول المواطن معن عبدالكريم المبيضين «موظف» لم أتبرع عبر تلك الصناديق المجهولة او اللجان المزعومة التي تنتشر في المساجد والاسواق، من باب الحرص أن تصل صدقتي إلى مستحقيها، مشيرا الى انه لا يحبذ انتشار تلك الصناديق بسبب ضعف الرقابة من الجهات المختصة، وانه لا يقصد التشكيك في مصداقية الجهات المشرفة على تلك الصناديق بقدر ما يحرص على عدم اختلاط الصحيح والهادف بالخاطئ والزائف.
وشدد المبيضين على ان أي حملات لا تنطلق تحت مظلة رسمية يجب ألا يلتفت لها من قبل المواطنين، وعلى الدولة سن نظام يجرم مثل هذه الأعمال كونها تنظم خارج الإطار القانوني ويضع من يقوم بها تحت طائلة العقاب، فالدولة تنظم مثل هذه الحملات لا الأفراد.
اما مجدي محمود الحمصي «تاجر بوسط البلد» فيقول: أمضينا زمنا ندفع التبرعات عند أبواب المساجد وفي أيام الجمع تحت التهليل والتكبير والدعوات دون أن ندري إلى أين تذهب تلك الأموال وفي أي أكياس توضع، وإلى أي مكان تحرك بوصلتها، وكانت تجمع تحت اسم تبرعات حملات تتحرك بحجة بناء مساجد، أو كفالة أيتام، والناس يندفعون دون أدنى تفكير.
وكشف الحمصي انه يرى ومنذ اكثر من خمس سنوات ثلاثة اشخاص اشقاء يجمعون المال منذ تلك الفترة لبناء مسجد وحتى الان يجمعون المال ولا احد يعلم اين هو المسجد المزعوم وما صحة تلك الادعاءات.
وبين التربوي بكر خليل ابوبكر انه يرى أن الصناديق ظاهرة غير مقبولة لأنها أسلوب آخر من أساليب التسول الموجود في الشوارع والجوامع وأخذ المال عبر هذه الصناديق لا يختلف عن من يأخذه بشكل مباشر، مؤكدا انه لا يميل إلى التبرع عبر الصناديق وذلك لعدم معرفته من وجود تراخيص لتلك المؤسسة او الجمعيات او اللجان أم لا ونظراً لما يراه من تزايد عدد الصناديق لمؤسسات مختلفة ولم يجد ما يثبت له مصداقية وصولها إلى المقصد أم لا، تزامنا مع ما يراه من تزايد في اعداد المتسولين في الوقت الذي تتزايد فيه عدد المؤسسات والجمعيات واللجان التي تدعي أنها تحد من حالات الفقر.
اما نايف الظواهرة الهلسة «موظف في قطاع التأمين» فقد اشار الى انتشار كبير وبالشكل العشوائي لصناديق جمع التبرعات تحت مسميات عديدة بعضها يتعلق في الدين والزكاة والاخر بجوانب انسانية وخيرية وصحية حيث تجد تلك الصناديق في بقالات ومحلات وبنوك ومولات ومساجد وكنائس وغير ذلك، مما يجعل هناك تخوفات من الاستنفاع من تلك الصناديق من قبل ضعفاء النفوس الذين تسللوا للقطاع الخيري بحثا عن منافع شخصية لهم.
وعلى النقيض فإن الناشط الحقوقي المحامي راجح عليان يقول أنه تبرع عدة مرات عبر هذه الصناديق ويؤكد أنه سيواصل التبرع بسبب الثقة التي تتمتع بها معظم تلك الصناديق تتبع جهات لها مصداقية بغض النظر عن ما ندر في غايات سيئة لجمع المال، رغم أن الرقابة ضرورية وانه يؤيد فكرة تشديد الرقابة الرسمية لمتابعة أعمال تلك الجهات.
الداخلية تحذر
في غضون ذلك حذر مصدر مسؤول في وزارة الداخلية من تزايد ظاهرة انتشار جمع الزكوات والصدقات والتبرعات بواسطة أشخاص ولجان وجهات مجهولة «غير مرخصة» رسميا، مستخدمين في الوصول إلى أهدافهم المشبوهة عدة وسائل من ضمنها: ورود رسائل نصية عبر الهاتف تدعو إلى جمع التبرعات المالية لمشاريع خيرية، وطلب إيداعها في حسابات بنكية لدى البنوك المحلية، إلى جانب التواجد في الاماكن العامة والمساجد ودور العبادة لمقابلة الناس بشكل مباشر وتقديم شهادات مزورة تشير إلى مرضهم او تحملهم ديون وغيرها من دعاوى بناء المساجد ورعاية الايتام وإعالة الأسر بحثاً عن المساعدة.
وحذر المصدر ايضا من أولئك المتسولين في المساجد أو في الأماكن العامة الذين يحملون صكوكاً صادرة من خارج هذه البلاد يطلبون مساعدتهم زاعمين تحملهم ديات أو غيرها فقد تكون هذه الصكوك مزورة، مبينا ان المواطن ايضا تقع عليه مسؤولية لا تقل عن مسؤولية الجهات الرسمية، لأنه مطالب بالتأكد من الجهة التي يدفع لها اي تبرع، وان يحصل على وصولات رسمية، وان يتوقف عن دعم المتسولين الذين احترفوا ذلك، والذين يتفننون في اسلوب جذب الانتباه اليهم.
رأي الشرع
وعلى صلة.. يقول الشيخ احمد عبدالرحمن «استاذ شريعة» ان الدين الإسلامي يندب إلى تقديم العون والمساعدة لمن هو بأمس الحاجة لها، لكن ليس على الإطلاق إذ لا بد أن يتحرى المتبرع إذا كان لا يستطيع إيصال ما يجود به بنفسه، والتحري يوجب التأكد من تلك الجهات، وهل هي مرخصة من الدولة أم أن من يديرها مجرد أشخاص يتكسبون من وراء تلك الحملات المشبوهة.
وأضاف: يجب علينا أن نضع زكاة أموالنا وتبرعاتنا في أيد أمينة موثوقة، وهي الجمعيات الخيرية التي لديها تصريح رسمي من وزارات الشؤون الاجتماعية والأوقاف والداخلية والدعوة والإرشاد بالطرق النظامية المتبعة، وذلك بإيداعها بشيكات في حساباتها لدى البنوك، وأن نحذر كل الحذر من وقوعها في أيد مجهولة أو مشبوهة.
المراقبة مطلوبة
وطالب المستشار المحامي زهير محمود كريشان أن تخصص وزارة الأوقاف لجانا من قبلها لمراقبة اموال وصناديق التبرعات في المساجد من حيث الجمع والصرف وألا تفتح الصناديق إلا أمام مسؤولي لجنة الأوقاف، ويتم تحرير محضر بالمبالغ التي جمعتها الصناديق، وأخرى بالمبالغ المصروفة وجهات الصرف على وجه التفصيل والدقة كمستند رسمي رقابي وأن يكون ذلك كله تحت مظلة وإشراف لجنة الأوقاف.
واشار كريشان إلى أن هناك رجالاً ونساء من جنسيات مختلفة تقاذفتهم تداعيات ونيران الربيع العربي المزعوم في بلادهم، ونراهم في كل موقع حتى على عتبات أبواب منازلنا يجمعون الأموال ونحن نبذل لهم ذلك بسخاء، رغم أن هناك جمعيات مخصصة للمحتاجين منتشرة في كافة مناطق المملكة تقدم لهم المال والمؤن، ومما ينبغي التنبه إليه ويدخل في هذا السياق أنه ينبغي علينا ان نوجههم إلى جمعيات البر الخيرية المنتشرة بالمملكة لكي نتأكد من هؤلاء.
وبعد..
الآن بعد كل تلك التجارب المريرة يفترض أن الصورة قد اتضحت لكل من يريد التبرع، وقد تم إيجاد القنوات البديلة وهي الجمعيات والهيئات ذات الصفة القانونية الواضحة سواء جمعيات البر التي تنفق ما تجمعه من تبرعات على المحتاجين في الداخل.
وفي كل الأحوال، يجب أن لا تنحرف عمليات جمع التبرعات عن مسارها الخيري وتصبح وسيلة هدم، إلى غايات أخرى غير سليمة بما في ذلك عمليات الاحتيال الشخصي، ويجب أن نتأكد دائماً، قبل أن نتبرع، من أن لدينا معلومات كافية عن الجهة المستفيدة وألاَّ نتسرع في تصديق كل من يدعي أنه فاعل خير يجمع التبرعات من أجل غرض نبيل.(الدستور)
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو