في الوقت الذي تنشغل فيه الأمة الإسلامية بملاحقة فتاوى الإرهاب والتطرف وتسعى جهات ومؤسسات إسلامية الى التخفيف من ظاهرة الغلّو تنساب بشكل مريب على رذاذ الفضاء الاعلامي فتاوى لقضايا ثانوية، لا تمس الا صاحبها على افتراض صدق السؤال الموجه الى دوائر الافتاء الرسمية، فثمة سيلان مريب لهذه الفتاوى التي ينصّب اغلبها على مواضيع غرائزية او موضيع افتراضية وليس اخرها فتوى نوم الزوج غاضب من زوجته او فتوى زواج القُصّر، وكأن الدين الحنيف الذي جاء للبشرية كافة مشغول بهذه القضايا دون سواها .
الريبة في المسألة جاءت على لسان قاضٍ شرعي رصد تعداد ومستوى الاسئلة المطروحة على دوائر الافتاء كلما ظهرت ازمة مع تكوين ديني سياسيا أكان ام عنيفا، فتنشط الاسئلة الذاتية على حد قوله وتنشط كذلك الاسئلة الايحائية بالغرائز، ويمضي القاضي في رأيه بالقول، ان هناك ماكينة اعلامية تبدأ في الترويج لهذه الاسئلة ونشرها على نطاق واسع وكأن دوائر الافتاء الرسمية مشغولة بكل ما هو ثانوي في حين ان دوائر الافتاء الحزبية الدينية مشغولة بقضايا الامة الكبرى .
بالمقابل لا ينفِ القاضي الذي يحمل شهادة علمية رفيعة غياب دوائر الافتاء الرسمية عن الاجابة عن اسئلة المجتمع الاسلامي في القضايا الكبرى وترك المجال للتكوينات السياسية لكي تعبث بوجدان الناس حسب رغائبها، فالتقصير حاصل كما يقول وانعدام الثقة موجود ولا يمكن انكاره ويسهب الرجل في تحليل الظاهرة اكثر بقوله « نجح التيار الديني السياسي في استثمار هذا الاختلال والغياب لبسط سطوته على عقول الناس بالفتاوى التي سماها نارية مقابل فتاوى علماء السلطان غامزا الى دوائر الافتاء الرسمية .
اشكالية انفلات الفتوى اشكالية متواصلة منذ انفلات عِقد الدولة العربية ولجوئها الى العامل الديني لبسط سلطان القانون و شرعية الحاكم وتحديدا في الانظمة الانقلابية، فأنتجت طبقة الحكم تحالفات مع تيارات دينية تراوحت بين الصوفية والسلفية رغم الفارق الشاسع بين المدرستين، وغابت الحوزات الدينية عن المشهد او جرى تغييبها لاسباب متعددة خاصة في الدول التي تتبع المذهب السنّي، فتراجعت حوزة الازهر على سبيل المثال مقابل دوائر الافتاء السياسية في الاحزاب الدينية ونجحت بعض المذاهب في التسلل الى الحوزات الرئيسة بتأثير المال والدعم السياسي .
اليوم وفي حضرة التطرف والغلو والارهاب نحتاج الى اعادة الاعتبار للحوزات الرئيسة ولدوائر الافتاء الرسمية لضبط انفلات الفتوى وبروز فقه العوام كمؤثر رئيس عليها، من خلال منح الاستقلالية الكاملة لدوائر الافتاء وتوحيد مظلتها ومعاقبة الفتاوى المنسابة دون ضوابط، فمواجهة التطرف ليست مواجه آنية او خاضعة لظاهرة الفزعة، ونحن ندفع الآن ثمن هذا الانفلات، فإختلاف الأئمة كان رحمة للناس، لكن الاختلاف الآن ذبح للناس بعد غياب الائمة وتصدُر المشهد افراد لا تنطبق على اكبرهم اي شرط من شروط الإمامة والفتوى .
انفلات عقال الفتوى وسيولتها على السنة كثيرين، سيسمح بتنامي التطرف والارهاب وسيجد كل فريق من يبرر له سوء اعماله بإسم الدين، وستضيع الدولة المدنية التي سعى اليها الدين الحنيف ورسوله الامين عليه افضل الصلوات والتسليم، وابرز ركن من اركان الدولة المدنية سيادة القانون حتى لو كنا مختلفين عليه، فثمة ادوات لتعديل القوانين وتغييرها استقرت عليها اركان الدولة ومجتمعاتها، وابرز القوانين المطلوبة الآن قانون يضبط الفتوى ويحدد مرجعيتها بمؤسسات الدولة والا فإن وجود دائرة الافتاء سيصبح عبثيا وتستطيع مكاتب السياحة تنظيم رحلات الحج والعمرة بدل وزارة الاوقاف .
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو