كنت في دمشق عام 1980 عندما وصلت حرب الاسد الاب ضد الاخوان المسلمين ذروتها بمجزرة حماة الذي ذهب ضحيتها اكثر من 30 الفا ، رد الفعل جاء من تجار دمشق وحلب الذين اعلنوا استجابتهم للدعوة الى اضراب شامل مما دفع المواطنين في العاصمة الى التزاحم على شراء وتخزين المواد التموينية حتى خلت رفوف المحلات . غير ان التجار تراجعوا عن الإضراب عندما ظهر كبارهم الى جانب الرئيس في نشرة المساء الإخبارية ، تردد انذاك حديث في الشارع السوري عن صفقة عقدت بين الطرفين ، يلغي التجار الإضراب مقابل التزامات من الدولة تخفف عنهم ( قيود الاشتراكية) خاصة إجراءات تحويل العملة الاجنبية والتجارة الخارجية .
بعد ايام من تلك الحادثة زارني احد الأصدقاء السوريين الذي قال بان أخاه يعمل ضابطا في مكتب الأمن التابع لسرايا الدفاع ، الشهيرة في السبعينات والثمانينات ، وقبل ان تتحول الى مسماها الجديد ( الحرس الجمهوري ) عندما أقيل قائدها رفعت الاسد بعد محاولة انشقاق فاشلة ضد شقيقه حافظ الاسد في منتصف الثمانينات والتي روى فصولها فيما بعد وزير الدفاع الأسبق مصطفى طلاس ، اخبرني ذلك الصديق نقلا عن أخيه بانه لو نفذ التجار الإضراب وتطور الامر الى ما يشبه احداث حماة فان خطة وضعت من قبل سرايا الدفاع التي تحيط بدمشق كالسوار ، قسمت بموجبها العاصمة الى مربعات لتكون هدفا لقصف مركز من كافة انواع الاسلحة، فالسرايا تملك احدث الاسلحة من صواريخ ودبابات بالاضافة الى قاعدة المزة الجوية .
اذكر هذه القصة فيما تحولت دمشق منذ الأربعاء الماضي الى ساحة رماية للمدافع والصواريخ والمروحيات . وهو ما يدفع بالأزمة السورية الى خيارين أحلاهما مر : اما حرب اهلية محدودة وقصيرة او حرب اهلية طويلة وخطيرة قد تتورط فيها اطراف اقليمية رغما عنها مثل لبنان واخرى من مصلحتها اشعال النار مثل ايران .والسبب في حصر مسار الازمة بهذين الاتجاهين هي طبيعة الجيش الذي اعاد الاسد الاب بناءه منذ عام 1979على اساس ان الهدف الثابت له هو حماية النظام الأسدي من الشعب وليس تحرير الجولان ، الذي لم يشهد طلقة واحدة خلال 38 عاما ، ولم يكن خفيا على السوريين بشكل خاص ان الاسد قسم الجيش الى قسمين ، جيش كثير الافراد قليل العتاد يعتمد على التجنيد الاجباري ويملك اسلحة قديمة غير متطورة ، وجيش اخر اقيمت قواعده في منطقة الساحل وفي المزة بدمشق يملك قواعده الجوية المتطورة من طائرات وصواريخ ودبابات وقوات خاصة . ويلاحظ ان الانشقاقات تاتي من الجيش الاول .
هذا الواقع المؤلم لحال الجيش يرجح احتمالات الحرب الاهلية فإذا توسعت الانشقاقات وظهر ضباط وطنيين من الساحل السوري لحسم الوضع باتجاه إجبار الاسد على الرحيل عن السلطة فان مظاهر الحرب الاهلية ستكون محدودة ، اما اذا نفذت خطة تدمير دمشق فان سوريا ستشهد حربا طويلة ( سواء حدث تدخل دولي ام لم يحدث ) لان الثورة السورية ستزداد اشتعالا وتصميما على اقتلاع حكم عائلة الاسد من جذورها ، ولان وحشية النظام تجعل كل الاحتمالات مطروحة ، مثل الانسحاب الى الساحل وسعيه الى تصدير العنف الى لبنان بشكل خاص ، لتوسيع دائرة الصراع واطالة مدته بهدف الوصول الى تقسيم سوريا بإقامة دولة الساحل الذي يروي بعض المقربين من اللبنانيين للنظام بانها تستهدف الجغرافيا الممتدة من جنوب الاسكندرونه الى الخط الأزرق في جنوب لبنان .
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو