أثر هيكلة المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي وإخضاعها لنظام الخدمة المدنية على كفاءة المؤسسة ومستقبلها مع مبررات قانونية وموضوعية لاستثنائها من الهيكلة
يُعتبر شمول المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي بمشروع هيكلة القطاع العام ووضعها تحت مظلة نظام الخدمة المدنية واحداً من أبرز التحدّيات والتهديدات التي نعتقد أنها ستؤثر سلباً على مستقبل المؤسسة ودورها في الحماية الاجتماعية والتنمية الاقتصادية، ومع تحفّظنا على الطريقة التي تم إخضاع المؤسسة فيها للخدمة المدنية، إلاّ أننا نؤكّد أن ذلك سوف يُضعف كفاءتها في قادم الأيام، ولا نزال على قناعة بأن ما تم لم يراعِ التشريعات النافذة، ولم يأخذ بالاعتبار طبيعة المؤسسة كمؤسسة عامة ليست حكومية، وأنها يجب أن تحظى بالاستقلالية المالية والإدارية، وأن لا يتم إدخالها في دهاليز العمل الحكومي البيروقراطي، لأن ذلك يتعارض مع قدرتها على أداء الرسالة التي أُنشئت من أجلها، ويتعارض مع ما جرى عليه العرف الدولي في إدارة مثل هذه المؤسسات.
نعرض فيما يلي أبرز الجوانب ذات العلاقة بهذا الموضوع:
أولاً:الحصانة والعرف الدولي في إدارة مؤسسات الضمان الاجتماعي:
•اعتمد قانون الضمان الاجتماعي في نصه على تشكيل مجلس إدارة المؤسسة على النمط العالمي في إدارة مؤسسات الضمان والتأمينات الاجتماعية (ثلاثي الأطراف) من ممثلي الحكومة وممثلي أصحاب العمل وممثلي العمال، وهذا ما استقر عليه العرف الدولي والتوجهات العالمية وما اتفقت عليه المنظمات الدولية ذات العلاقة وهي منظمة العمل الدولية والبنك الدولي.
وباستعراض الجهات الممثلة في مجلس إدارة المؤسسة، فهو يتكون من 7 أعضاء يمثلون القطاع العام'الحكومة' و 4 أعضاء يمثلون العمال، و 4 أعضاء يمثلون أصحاب العمل، وبالتالي فإن المشرّع قصد أن يشير إلى النمط التشاركي بين الحكومة والعمال وأصحاب العمل في إدارة المؤسسة. وقد منح القانون مجلس الإدارة صلاحية إقرار الهيكل التنظيمي، وجدول تشكيلات الوظائف ووصفها، ووصف المهام والمسؤوليات في المؤسسة، انطلاقاً من أن منْ يتولون تلك الوظائف، هم الذين يقومون بتنفيذ السياسة العامة للمؤسسة بشقيها التأميني والاستثماري، وبالتالي فإن الانتقاص من استقلالية المؤسسة الإدارية والمالية عبر تجريد مجلس إدارتها وإدارتها من العديد من الصلاحيات من خلال شمولها بنظام الخدمة المدنية يعتبر سيراً معاكساً للاتجاه والعرف الدولي، خصوصاً وأن الأردن وقّع في عام 2003 على الاتفاقية رقم 144 لعام 1976 الخاصة بالمشاورات الثلاثية لتعزيز تطبيق معايير العمل الدولية، وبالتالي فإن هيكلة المؤسسة وتجريد ممثلي العمال وأصحاب العمل في مجلس إدارتها من الكثير من صلاحياتهم يعدّ خرقاً لهذه الاتفاقية.
ثانياً: صلاحيات مجلس إدارة المؤسسة:
•إن إخضاع المؤسسة لنظام الخدمة المدنية أدّى إلى ظهور تعارض بين التشريعات، وإعاقة لعمل المؤسسة، فقد نصت المادة (109) من قانون الضمان الاجتماعي على أن 'لا يعمل بأي نص ورد في أي تشريع آخر الى المدى الذي يتعارض فيه مع أحكام هذا القانون' إلا أنه وبمراجعة نظام الخدمة المدنية تبين وجود تعارض فيما يتعلق بالصلاحيات والمهام المحددة لمجلس الإدارة والمدير العام ومجلس التأمينات والصلاحيات الممنوحة بموجب نظام الخدمة المدنية، حيث انتقل بعضها لمعالي الوزير و/أو اللجان المركزية أو لمجلس الخدمة المدنية مما ينعكس سلباً على مستوى تقديم الخدمة المطلوب تأديتها وفقاً لأحكام القانون ومن ذلك المادة (11/ج) من قانون الضمان الاجتماعي التي نصت على أن' يتولى مجلس الإدارة إقرار الهيكل التنظيمي وجدول تشكيلات الوظائف ووصفها ووصف المهام والمسؤوليات في المؤسسة'، فيما نصت المادة (13/ج) من نظام الخدمة المدنية على أن 'يصدر مجلس الخدمة المدنية بناءً على تنسيب لجنة وصف الوظائف في الديوان تعليمات وصف وتصنيف الوظائف لجميع الفئات وما يتعلق بشؤونها من تحديث وتعديل وتقديم الدعم الفني للدوائر'، أيضاً فإن المادة (13/ب/6) من قانون الضمان الاجتماعي أناطت صلاحية تسمية اللجان التأمينية بمجلس التأمينات فيما منحت المادة (92/ب) من نظام الخدمة المدنية رقم (30) لسنة 2007وتعديلاته صلاحية النقل للموظفين من الفئة الأولى لمعالي الوزير، علماً بأن لجان تسوية الحقوق المركزية والفرعية التي تقرر كافة الحقوق التأمينية للمشمولين بأحكام القانون هي وحدات تنظيمية على الهيكل التنظيمي يشغلها موظفون من الدرجات العليا في المؤسسة، وظائفهم محددة في جدول التشكيلات. كما حدد نظام موظفي المؤسسة السابق أسس تقييم الأداء في المؤسسة بموجب تعليمات صادرة عن مجلس الإدارة تم بموجبها منح الأداء المؤسسي وزناً نسبياً يعادل(70%) والأداء الفردي (30%) وكان يتم توزيع الحوافز المقررة بموجب أحكام النظام السابق وفق النسب المشار اليها أعلاه، لكن نظام الخدمة المدنية نص على ربط الحوافز بتقييم الأداء الفردي فقط دون التطرق إلى الأداء المؤسسي وهو ما سيؤثر سلباً على نتائج عمل المؤسسة.
ثالثاً: الكفاءة والتمكين:
•لقد استثمرت مؤسسة الضمان الاجتماعي بموظفيها لسنوات طويلة(منذ عام 1980) وقامت بتأهيلهم فنياً وأكاديمياً حتى باتت اليوم تمتلك موارد بشرية ذات نضج معرفي وعملياتي، وإن خسارة هذه الموارد يمثل أحد أبرز المخاطر التي تنطوي عليها هيكلة المؤسسة ضمن القطاع العام، ولا يوجد في المملكة نظام آخر للضمان الاجتماعي أو صندوق تقاعدي شبيه من حيث طبيعة العمل والوظائف والخبرات مما يجعل من الصعب استقطاب كفاءات بديلة محلية، الأمر الذي يحتم الاحتفاظ بالكفاءات التي تم بناؤها وتأهيلها وليس التضحية بها. وقد بلغ عدد الموظفين الذين قدّموا استقالاتهم من المؤسسة خلال الشهور الستة الماضية (148)موظفاً معظمهم من ذوي الخبرات الطويلة.
•تعتبر مؤسسة الضمان الاجتماعي لاعب محوري ضمن منظومة الحماية الاجتماعية في المملكة من خلال ما تقوم به من دور في التمكين الاجتماعي والاقتصادي والسياسي وكذلك قيامها بدور أداة التوازن ما بين الجانبين الاجتماعي والاقتصادي للفرد والدولة، وهي أدوار في تعاظم وتنامٍ مستمر. فالمؤسسة تقدم حالياً خدمات تأمينية وتقاعدية لحوالي (68%) من المشتغلين في المملكة، وتعمل على إدارة النظام التأميني لأكبر صندوق تأميني تقاعدي في الوقت الحاضر، حيث وصل عدد المشتركين الفعالين المنضوين تحت مظلة الضمان الاجتماعي الى أكثر من مليون مؤمن عليه، وتم شمول (67) ألف منشأة من مختلف القطاعات الاقتصادية بالضمان، وتقدم المؤسسة رواتب تقاعدية لحوالي (180) ألف متقاعد ومستحق 'وريث' بالإضافة إلى قيامها بصرف تعويضات الدفعة الواحدة للمؤمن عليهم غير المستحقين للرواتب التقاعدية، كما توفر خدمات العناية الطبية والمنافع الخاصة بإصابات العمل، ومنافع تأمين التعطل عن العمل وتأمين الأمومة، وهي أعمال وأعباء كبيرة ومتنامية يوماً عن يوم وتحتاج إلى دعم ومساندة من الدولة لتمكين المؤسسة من الارتقاء بمستوى الخدمة والحماية المقدّمة. ناهيك عن أن المؤسسة تحقق إيرادات تأمينية كبيرة سنوياً، (بلغت 892 مليون دينار عام 2012)، فيما تزيد نفقاتها التأمينية على نصف مليار دينار سنوياً (نفقات المؤسسة التأمينية خلال عام 2012 بلغت 547 مليون دينار)وتشكّل استثماراتها حوالي 26% من الناتج المحلي الإجمالي. من جانب آخر تتحمل المؤسسة عبئاً كبيراً ضمن نطاق مسؤولياتها ومهامها، حيث تتشابك مع عمليات المؤسسة وإجراءاتها مجموعة من الأعمال؛ فهناك الجوانب المالية والتأمينية والقانونية والمعلوماتية والدعم اللوجستي والفني (الهندسي والطبي والتمريضي)، لذلك، يوجد مخاطر مهنية متعددة وكثيرة (الإغراءات التي قد تقود إلى الاستغلال الوظيفي والرشوة والتنفع) ترافق عمليات تقديم خدمات المؤسسة بكافة أشكالها وعناصرها سواء لمتلقي الخدمة الخارجي أو الداخلي، خصوصاً مع تعاظم الدور القادم للمؤسسة بعد أن استكملت مشروع توسعة الشمول الذي جاء تنفيذاً للتوجيهات الملكية السامية وقرار مجلس الوزراء بشمول جميع المنشآت التي تستخدم عاملاً فأكثر مما أدى إلى زيادة ضغوطات العمل ورفع مستوى المخاطر المهنية الوظيفية، إضافة إلى تطبيق تأمينات جديدة كالتعطل عن العمل وتأمين الأمومة اعتباراً من 1/9/2011 والذي جاء تنفيذاً لقرار مجلس الوزراء وهو ما رتّب أعباء جديدة هائلة تتمثل بدخول شرائح جديدة الى أعمال المؤسسة كالمؤمن عليهم والعاطلين عن العمل والسيدات المنتفعات من تأمين الأمومة وهذا يشكل حقبة مهمة جداً من عمر المؤسسة وتطوراً كبيراً في منظومة الحماية الاجتماعية في الدولة.
•تدل المؤشرات الأولية أن كفاءة المؤسسة وكادرها البشري بدأت تتأثر سلباً بسبب الهيكلة التي أدّت إلى تأثّر المراكز الوظيفية لموظفيها، مما أدّى إلى شعور هائل بالإحباط يسود أجواء الموظفين، وقد ارتفعت حالات الاستقالات والتقاعد من المؤسسة، وارتفعت الاجازات المرضية بصورة غير مسبوقة حيث بلغت خلال عام 2012(16871) يوم إجازة، في حين كانت خلال عام 2011 'قبل الهيكلة' (13445) يوماً.
•لقد أخطأت الهيكلة إذْ وضعت كافة المؤسسات المستقلة في سّلة واحدة، وكان لا بد أن تفرّق بين مؤسسات كانت وليدة اجتهادات خاطئة تماماً، وبدأت الحكومات تعترف بذلك، فشرعت بلملمتها دمجاً وإلغاءً واستنزفت من الخزينة العامة مليارات الدنانير، دون أن يتوازى ذلك مع الخدمة التي تُقدمها أو القيمة المضافة التي تؤديها للوطن، وبين مؤسسات عريقة أُنشئت لأغراض عظيمةوحملت عن الدولة ولا تزال عبئاً كبيراً كان من الصعب على الحكومات تحمّله، ومنها مؤسسة الضمان الاجتماعي التي أضحت مظلة لكافة عمال الأردن في القطاعين العام والخاص. فهذه المؤسسة شأنها كشأن مؤسسات وهيئات الضمان والتأمينات الاجتماعية في العالم، لا تستطيع أن تعمل بكفاءة إلاّ في إطار الاستقلالية المالية والإدارية وإدارة الشركاء الثلاثة لها بصلاحيات كاملة مسؤولة وضمن حدود الولاية العامة للحكومات، ولها أنظمتها ولوائحها الخاصة، وهي ليست مؤسسة حكومية بالمعنى الحقيقي للكلمة، وإنْ كانت ذات نفع عام، كما أن لها موازنتها المستقلة تماماً عن موازنة الحكومة، ولا تدخل أموالها في الخزينة العامة للدولة ولا يجوز أن تختلط بها لأنها أموال الناس والعمال، تُردّ إليهم على شكل رواتب تقاعدية ورواتب عجز ووفاة ونفقات تأمينية وعلاجات إصابات عمل وتعويضات وبدلات إجازة أمومة وتعطّل وغيرها، كما أن قانونها 'قانون الضمان الاجتماعي' نص على إعطاء الصلاحية لمجلس إدارتها الثلاثي التمثيل لوضع هيكلها التنظيمي ووصف وظائفها ومسؤولياتها ومواردها البشرية، إضافة إلى اقتراح الأنظمة المالية والإدارية والفنية التي تحكم عملها وتنظم مهامها ووظائفها. وإن الانتقاص من استقلاليتها ومصادرة أنظمتها، كما حصل، شوّه ما جرى عليه العرف والتشريع عربياً ودولياً في إدارة مثل هذه المؤسسات، وسوف يُضعف دورها في المجتمع مستقبلاً، في حين أن المطلوب هو تقوية دورها وتعزيزه بصورة كبيرة خصوصاً وأن الأردن سوف يشهد ذروة فرصته السكانية بحلول عام 2030 حيث ستبلغ نسبة السكان في سن العمل (من 15 – 64 عاماً) ما يقرب من 69% من سكان المملكة وفقاً لدراسات المجلس الأعلى للسكان، وهو ما يفتح الباب أمام دخول أعداد كبيرة إلى سوق العمل، وسيكون هؤلاء بحاجة إلى غطاء تأميني ومظلة حماية اجتماعية لحمايتهم من المخاطر والحد من الفقر مستقبلاً، وهو الدور الذي تقوم به حالياً مؤسسة الضمان الاجتماعي، وقد كشفت دراسة أجرتها المؤسسة بأن الدخل التقاعدي الذي توفره أسهم في انتشال (6%) من سكان المملكة من العيش تحت خط الفقر.
رابعاً:الجانب القانوني:
هناك جوانب قانونية مهمة تم إغفالها عند شمول مؤسسة الضمان الاجتماعي بهيكلة القطاع العام ونظام الخدمة المدنية، ويمكن إبرازها على النحو التالي:
•تنص المادة (8) من قانون الضمان الاجتماعي رقم (7) لسنة 2010 على أن:
«تنشأ بمقتضى أحكام هذا القانون مؤسسة تُسمى (المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي) تتمتع بالشخصية الاعتبارية وذات استقلال مالي وإداري ولها بهذه الصفة أن تقوم بجميع التصرفات القانونية وإبرام العقود بما في ذلك حق التقاضي وتملك الأموال المنقولة وغير المنقولة واستثمارها وقبول الهبات والإعانات والتبرعات والوصايا والاقتراض والقيام بالإجراءات القانونية...».
وقد حدّد القانون مصادر أموال المؤسسة وإيراداتها: حيث المصدر الرئيسي هو الاشتراكات الشهرية التي تُدفع من قبل المنشآت والمؤمن عليهم( أصحاب العمل والعمال)، إضافة إلى ريع استثمارات هذه الأموال، وهذا تأكيد على أن المالك الحقيقي لهذه الأموال هم المشتركون 'المؤمن عليهم'، وبالتالي لا تدخل هذه الأموال في خزينة الدولة، ولا تخضع إدارتها للحكومة.
•أصدر مجلس الوزراء نظام الخدمة المدنية كنظام مستقل، بموجب المادة (120) من الدستور، وهي صلاحية تشريعية منحها الدستور لمجلس الوزراء بإصدار أنظمة مستقلة لكنها صلاحية استثنائية، حيث حدّد الدستور حدودها ومضمونها، وبالتالي لا يستطيع مجلس الوزراء بموجب هذه الصلاحية الاستثنائية أن يشرّع في نظام الخدمة المدنية نصوصاً تُلغي أو تعدل في الأنظمة التنفيذية التي نصت القوانين على صدورها لتنفيذها، وإلا اعتبر ذلك خارجاً على مبدأ الفصل بين السلطات واعتداء على حق السلطة التشريعية ذات الصلاحية في التشريع..! وبالرجوع إلى النظام المعدل لنظام الخدمة المدنية رقم (52) لسنة 2011 المنشور في العدد (5132) من الجريدة الرسمية الصادر بتاريخ 18/12/2011، نجد أن هذا النظام في المادة (3) والمادة (178)، قد جاء متعارضاً مع قانون مؤسسة الضمان الاجتماعي، وفي المادة (190/أ) أُلغي نظام موظفي المؤسسة رقم (93) لسنة 2007 الصادر بموجب المادة (107) من قانون الضمان، وبالتالي حوّل نظام الخدمة المدنية مؤسسة الضمان الاجتماعي إلى وحدة إدارية تدخل ضمن صلاحيات الحكومة، وتعامل معها على هذا الأساس.
•وحيث من المبادئ المستقرة في الفقه والقضاء، أنه لا يجوز التوسع في تفسير الاستثناء ولا القياس عليه، فإن ذلك ينطبق على المادة (120) من الدستور التي قرر المجلس العالي أنها تعطي لمجلس الوزراء، صلاحية استثنائية في التشريع ضمن حدودها. حيث أعطى نص المادة (120) من الدستور لمجلس الوزراء صلاحية حصرية في إصدار أنظمة مستقلة، وجاءت صيغته على النحو التالي:
«التقسيمات الإدارية في المملكة الأردنية الهاشمية وتشكيلات دوائر الحكومة ودرجاتها وأسماؤها ومنهاج إدارتها وكيفية تعيين الموظفين وعزلهم والإشراف عليهم وحدود صلاحياتهم واختصاصاتهم تعين بأنظمة يصدرها مجلس الوزراء بموافقة الملك».
•وعليه، فإن النظام المستقل الذي تصدره الحكومة يتعلق تحديداً بدوائر الحكومة ووظائفها وموظفيها، في حين أن مؤسسة الضمان الاجتماعي ليست مؤسسة حكومية ولا دائرة من دوائر الحكومة، وأموالها ليست أموالاً عامة ولا تدخل خزينة الدولة، وإنما هي أموال المشتركين بالضمان من عمال وغيرهم، وما يؤكد ذلك الطابع الاستقلالي الذي أعطته المادة (8) من قانون الضمان للمؤسسة، وهو ما قرره الديوان الخاص بتفسير القوانين، وما قررته الهيئة العامة لمحكمة التمييز، حيث بيّن الديوان الخاص بتفسير القوانين في قراره التفسيري رقم (6) لسنة 2006 تاريخ 15/11/2006 المنشور على الصفحة رقم (4619) من عدد الجريدة الرسمية رقم (4794) بتاريخ 30/11/2006 ما يلي:
«إن المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي مؤسسة تتمتع بالشخصية الاعتبارية وذات استقلال مالي وإداري، ولكنها ليست مؤسسة رسمية عامة، وليست لها شخصية اعتبارية، وليست بالتالي من المؤسسات الحكومية أو الرسمية العامة، وليس لأموالها علاقة بالخزينة العامة، وإنما هي مؤسسة ذات نفعٍ عام..».
أما الهيئة العامة لمحكمة التمييز فقد أكدت في قرارها رقم (3344/2005) تاريخ 5/7/2006 (بصفتها الحقوقية) ما يلي:
«إن مؤسسة الضمان الاجتماعي وإن اعتبرت مؤسسة عامة رسمية إلا أنها ليست دائرة من دوائر الحكومة».
•رأي ديوان التشريع والرأي بتاريخ 25/3/2013 للمستشار السيد تحسين القطاونة، أكد فيه أن مؤسسة الضمان الاجتماعي لا تعد مؤسسة حكومية أو رسمية عامة، بل مؤسسة ذات نفع عام.
•في ضوء ما سبق، وحيث أن ولاية مجلس الوزراء في إصدار نظام الخدمة المدنية المعدّل المستند إلى المادة (120) من الدستور، هي ولايةٌ منحصرةٌ في شؤون دوائر الحكومة والموظفين فيها، وكان هذا الاختصاص التشريعي هو استثناء من الأصل العام الذي يجعل سلطة التشريع هي صاحبة الولاية العامة في شؤون التشريعات، وحيث إن مؤسسة الضمان الاجتماعي ليست مؤسسة حكومية، ولا جزءاً من الدوائر أو المؤسسات الحكومية، فإن نظام الخدمة المدنية لا يجوز أن يشمل مؤسسة الضمان الاجتماعي.
•عطفاً على ما سبق من تكييف قانوني يقيّد صلاحيات مجلس الوزراء في إصدار الأنظمة المستقلة وفقاً للدستور، ويقتصرها على الدوائر الحكومية، هناك أيضاً آراء قانونية ترى أن تفسير الموظف الوارد في المادة (120) من الدستور يجب أن يفسّر ضمن إطار التعبير الوارد في المادة (76) من الدستور، فالوظيفة العامة وفقاً لأحكام هذه المادة هي: كل وظيفة يتناول صاحبها مرتبه من الأموال العامة، وبناءً على ذلك فإنه تطبيق الهيكلة على المؤسسات يجب أن لا يشمل المؤسسات التي لا تعتبر أموالها أموالاً عامة، وهي التي تعرف بالمؤسسات ذات النفع العام ومنها المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي.
مرفـق:
قرارات محكمة التمييز حقوق ( هيئة عامة ) رقم 3344/2005 و3340/2005 و3343/2005
المبدأ القانوني الوارد بالقرارات
1 - إن مؤسسة الضمان و إن اعتبرت مؤسسة مؤسسة رسمية إلا أنها ليست من دوائر الحكومة .
2 - أن مؤسسة الضمان الاجتماعي مؤسسة نشأت بقانون خاص ولها شخصية اعتبارية مستقلة وتتمتع باستقلال مالي و إداري وأموالها تتحصل من اشتراكات المنتسبين اليها واستثمار هذه الاموال و لا تدخل في ميزانية الدولة و تنفق من أمواله الخاصة .
3 - ان مؤسسة الضمان الاجتماعي هي مؤسسة عامة رسمية الا ان ميزانيتها ليست جزء من ميزانية الدولة والخزانة العامة وانها تتمتع باستقلال مالي ولها ميزانية مستقلة عن ميزانية الدولة ولها مصادر تمويل خاصة ولا تدخل هذه الاموال في خزانة الدولة .
قرار تفسيري رقم 10/1990 صادر عن ديوان تفسير القوانين
1 - ان مؤسسة الضمان الاجتماعي انشئت بقانون وشخص معنوي له استقلال مالي واداري ويتولى ادارة مرفق عام في نطاق السياسسة العامة للدولة ويخضع لإشراف الدولة عن طريق الارتباط باحد وزاراتها .
2 - لا يكفي لاعفاء مؤسسة الضمان من الرسوم والضرائب ان تكون مرتبطة باحد وزارات الدولة او تحت اشرافها بل لا بد ان تكون موازنتها جزء من ميزانية الدولة والخزانة العامة بحيث ينحصر انفاقها فيما يرصد لها من ميزانية الدولة وتدخل وارداتها وما تجيبه من اموال في خزانة الدولة ايضا اسوة بدوائر الحكومة العادية التي تعتبر جزء من الجهزة الادارية للوزارات .
3 - حيث ان مؤسسة الضمان لا تدخل اموالها في ميزانية الدولة ولها مصادر تمويل خاصة بها ولا تدخل هذه الاموال في الخزانة العامة للدولة لذ فلا وجه لأن تتمتع المؤسسة بالاعفاء من الرسوم والضرائب لمجرد انها مؤسسة عامة رسمية بل لا بد من نص صريح على الاعفاء في قانونها الخاص او في قانون الضريبة
المصــــــادر:
-الدستور الأردني.
-قانون الضمان الاجتماعي رقم (7) لسنة 2010.
-نظام الخدمة المدنية رقم (20) لسنة 2007 وتعديلاته حتى تاريخ 18/12/2012.
-الاتفاقية الدولية رقم (144) لسنة 1976 حول المشاورات الثلاثية لتعزيز معايير العمل الدولية.
-مقال (نظام الخدمة المدنية المعدل لا يمكن أن يسري على موظفي مؤسسة الضمان الاجتماعي)، د. محمد الحموري، الدستور 1/2/2012.
-كتاب رئيس ديوان التشريع والرأي رقم (د ت 1/1/إ/64) تاريخ 27/3/2013 الموجّه لدولة رئيس الوزراء، ومرفق به رأي الديوان بالموضوع.
-مقال (مدى دستورية شمول المؤسسات العامة بنظام الخدمة المدنية) د. نوفان عجارمة، موقع عمون الإخباري، 5/12/2011.
-دراسة (دور الراتب التقاعدي في الحد من الفقر) – المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي/ 2010(تحديث 2012).
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو