السبت 2024-12-14 03:10 ص
 

رؤية اقتصادية واضحة

09:02 ص

نحن في الأردن لم نتبن رؤية اقتصادية واضحة، ولم نستطع امتلاك هوية اقتصادية متخصصة، ولم نحدد مساراً اقتصادياً محورياً يشكل العمود الفقري للاقتصاد الأردني، يتم من خلاله احتواء ابداع الأردنيين وتقدمهم وتميزهم فيه على مستوى الإقليم، فقد ضيعنا الزراعة بعد أن كانت تمثل نسبة عالية في الدخل القومي سواء على صعيد الحبوب أو الخضراوات أو الحمضيات، وكان المزارع الأردني يحتل مرتبة متقدمة على الصعيد العربي، وكانت الأردن تصدر الخضروات للخليج والعراق وسوريا، ولكن القطاع الزراعي شهد تراجعاً مريعاً، وتدهور وضع المزارع الأردني إلى درجة الضياع والشفقة.

اضافة اعلان


أما السياحة الأردنية فما زالت تحبو وما زالت في طور لا يبشر بخير، ولم تشكل رقماً محترماً في الإسهام بالاقتصاد القومي، كما أن قطاع صناعة الأدوية شهد تراجعاً، بعد أن كان الدواء الأردني يحتل مرتبة مميزة، وربما ينطبق هذا الوصف على صعيد السياحة العلاجية وسياحة التعليم الجامعي، بالإضافة إلى الإقرار بعدم نجاح قطاع الصناعة إلى تلك الدرجة التي تشعر بالراحة والاطئمنان، فأصبحنا كالغراب الذي عجز عن تقليد الحمامة، ولم يستطع الرجوع إلى هيئته الأولى.


نحن بحاجة ماسة إلى إعادة ترتيب أوضاعنا الاقتصادية وبحاجة إلى بلورة رؤية مدروسة من أجل تحديد العامود الفقري للاقتصاد الأردني، وربما في هذا السياق ليس أمامنا إلّا العودة المنظمة إلى ترتيب الأولويات وتحديد أهمية القطاعات وربما تكون الأولوية الأولى للقطاع الزراعي والله أعلم، مع إعادة النظر في كيفية ترتيب هذا القطاع، فلماذا لا نستعمل المياه العادمة بعد معالجتها وتنقيتها وفق المعايير الدولية في إيجاد مساحات واسعة من المراعي (البرسيم) وسحب مياه الخربة السمراء وغيرها من المحطات الكبيرة إلى البادية الأردنية، لتشكل مورداً علفياً كبيراً وبعد ذلك يتم انشاء مزارع ضخمة وعديدة للأبقار والأغنام تعيش على هذه المراعي، ثم إنشاء منظومة صناعية متطورة لمنتوجاتها الحيوانية على صعيد اللحوم والألبان والجبن والزبد والجلود، من أجل تأمين حاجات المجتمع الأردني أولاً، وتزويد الدول العربية المجاورة، وهناك تجارب ناجحة في هذا المجال مثل هولندا الدانمارك، التي استطاعت أن تجعل من هذا القطاع ما يزيد عن ربع انتاج البترول العربي.
ولذلك يمكن أن تصبح هذه المنظومة تمثل مساراً اقتصادياً أردنياً كبيراً، يتصاعد خلال السنوات القادمة ليحتل مرتبة متقدمة ومتميزة، بالإضافة إلى مسار الدواء ومسار السياحة العلاجية والتعليم العالي، وصناعة المنسوجات والألبسة التي استطاعت أن تشكل حالات نجاح يمكن البناء عليها وتطويرها في ظل الأفق الاقتصادي المسدود الذي يبعث على التشاؤم.


وزارة الزراعة ونقابة المهندسين الزراعيين والبيطريين ربما تكون أكثر قدرة على تقديم الأفكار والرؤى والدراسات العلمية والبحثية من أجل بلورة رؤية زراعية ناجحة قابلة للتطبيق وتحمل بذور البشرى والنجاح، وهذا ينطبق على بقية النقابات والمؤسسات الوطنية ذات المساس المباشر بقطاعات الاقتصاد الوطني، مثل نقابة المهندسين التي تملك إمكانات كبيرة تؤهلها لخوض تجارب اقتصادية ناجحة على مستوى الوطن خاصة في مشاريع الإسكان والطاقة التي يجب أن تتوافق مع الرؤية الاقتصادية الموحدة للدولة والمجتمع والمؤسسات المتخصصة بمنهج شمولي.


 
gnews

أحدث الأخبار



 




الأكثر مشاهدة