السبت 2024-12-14 11:07 ص
 

عطاء بلا حدود

08:52 ص

(1)
الشراشف بيضاء... لباسها ابيض.. قلبها أبيض...روحها بيضاء، ترفرف حول الجميع، فتعزف سيمفونية الأمل على وجوه القابعين في الاسرّة.اضافة اعلان

قبل إجراء العملية تنظر اليها بخوف وهلع لكأنها جزار ينظم عملة تسليم واستلام المشارط وتسليمها للجزار الأكبر(الطبيب الجراح) لإقتناص روحك المعذبة . لكنك بعد نجاح العملية تنظر اليها لكأنها ملاك هارب من الجنة ... يعتني بك ويحنو عليك دون سابق قرابة او محبة أومعرفة.
لا يمكن ان تنجح في عملها دون دفق هائل من المحبة تجاه الآخرين.. دون احساس بالمسؤولية عن حياة الآخرين .
كم يقتلها وفاة مريض!!!!
وكم يجرحها عويل طفل !!
وكم تحتاج من الصبر لإقناع طفلة مرعوبة بالانصياع للإبرة!! .. هي لا تسعى لإيلامها لكنها تعرف بأن القليل من الألم قد يؤدي الى الشفاء.
تلسعها نظرات الناس ونكد الأطباء والمسؤولين وغلاسة بعض المراجعين والزوار .. مع ذلك تظل مبتسمة ومرحة وجادة في عملها ونشيطة طوال الوقت.. بالتأكيد تحتاج الى جهد جبار لتظل هكذا : روحا دافقة بالحيوية والمحبة والعطاء.
تتقمص معاناة الناس وتعاني الامهم وتحيا آمالهم بالشفاء ، وتسعى الى تحقيقها بالعمل الدؤوب الذي لا يعرف اليأس والإحباط:
اذا نجحت يغمرها الفرح!!
واذا فشلت يدميها الحزن!!
لكن ، لا النجاح يمنحها ترف الراحة
ولا الفشل يسمح لها بالاستسلام.
إنها كائن دائم المحبة ... انها المحبة التي تمنح الحياة للأخرين.

(2)
روحها على راحة يدها ، بين اصابعها ، على كف وخزة خاطئة من إبرة ملوثة أو جرثومة هاربة من (عينة) متمردة. تملك قلب ممرضة وعقل باحث وحذر طبيب ولمسة أنثى.... ليست طبيبة .. لكن الأطباء لا يقررون شيئا، الا بعد ان يدرسوا نتائج الفحوصات المخبرية التي أجرتها للمريض.
قد يخشاها الاطفال (والكثير من الكبار ايضا) كما يخشون مصاصي الدماء ، لكنها في الواقع تتفطر حزنا عليهم وهي تحاول ان تسحب منهم قطرات من الدم بأقل قدر ممكن من الألم ... إنها ضريبة ندفعها جميعا : القليل من الألم من وخزة.. أو مشرط.. او مطعوم كريه الطعم والراحة ، من اجل صحة وسلامة الجسد.
لا تتقزز من ان تشتغل في فضلاتنا في سبيل صيانة صحتنا والحفاظ عليها لأطول وقت ممكن .
عملها دقيق ولا يحتمل الخطأ ولو بنسبة الواحد بالألف ، لذلك فإنه مرهق للروح والجسد، لكن : «لا بد دون الشهد من إبر النحل « ... وهي تتحمل مسؤولية الأخطاء ايضا في جسدها وحياتها اولا ... والكثير من الشهيدات سقطن فريسة الامراض التي انتقلت اليهن اثناء فحص العينات الملوثة او التعامل معها .. انها فدائية لا يمجدها احد.
الميكرسكوب سلاحها الاساس الذي يكشف امام عينيها جحافل الجراثيم والفيروسات والآعراض المرضية التي يمكن التحذير منها قبل استفحالها في الجسد.
انها مانعة صواعق ومتنبئة جسدية.
هي أول من يلام!!
وهي آخر من يشكر!
هي أول الوقاية !!
وآخر العلاج!!
هي سيدة النذير!!
وحاملة البشرى بالشفاء !!
هي اقحوانة المختبرات الطبية!


 
gnews

أحدث الأخبار



 




الأكثر مشاهدة