سَعت الدولة بكل مؤسساتها إلى إنجاز انتخابات البلديات واللامركزية، بطريقة حضارية ونزيهة تخلو من العيوب، وبذلت الجهود الكبيرة خلال الفترة الماضية للإعداد للعملية من قبل الهيئة المستقلة للانتخابات، لترتقيَ إلى طموحات الناس وتطلعاتهم.
كانت انتخابات الثلاثاء رصيدا يضاف إلى النوايا الصادقة لدى المؤسسات لعدم انتهاك العملية بأي شكل من الأشكال، والعمل بجد لمحو صورة تكرست عند الأردنيين تتعلق بقناعة ترسخت لديهم بأن الانتخابات مزورة.
وللحق، كانت الانتخابات، نظيفة وخالية من شبهات التدخل، بيد أن العطب الخطير الذي أصابها كان ما تكرر في الموقر في العامين 2016، 2017 من اعتداء على قاعات وسرقة الصناديق، لا نعلم مصيرها إلى اليوم.
المحظور يتكرر، ويحدث في المنطقة ذاتها، حيث وقع الاعتداء السافر مجددا على صناديق اقتراع، وتم احتجاز رئيس لجنة انتخاب، وهذا الفعل المدان طغى على المشهد، وأفقد العملية بعض رونقها، خصوصا أنه تكرر في المنطقة ذاتها، ومرتكبوه لم يتلقوا الجزاء العادل على ارتكاب خطيئة بحق الأردن جميعه، وليس الانتخابات وسمعتها فقط.
الفرق بين الاعتداءين أن الدولة في المرة الأولى لم تعاقب المخالفين بإلغاء نتائج الاقتراع، وتركتهم من دون حساب، ما جعلهم يستسهلون فعلتهم، ويعمدون إلى تكرارها مرة أخرى، متحدّين إرادة الدولة، ومجاهرين بخروجهم على القانون، فمن يسيء الأدب ولا يلقى العقوبة اللازمة سوف يتجرأ مرة ثانية وثالثة، وسوف يضع في حسبانه بأنه يستطيع فعل ما يريد.
إن من يشاهد الفيديوهات التي تم نشرها للواقعة الجرمية من تكسير للصناديق ونثر لمحتوياتها، والعبث بالأوراق الانتخابية الرسمية فيها، والاعتداء على اللجان التي جاءت للمساهمة في تكريس مبدأ الشراكة الشعبية في صنع القرار، سوف يصل إلى حقيقة أن صورة الدولة في أذهان بعضهم وصلت إلى مستوى خطير، وبات يعتقد أن باستطاعته تحدي إرادتها وقوانينها!
الصورة في الموقر كانت مستفزة. وبالتفاصيل، وفق شهود عيان، اقتحم أنصار مرشح ثلاثة مراكز اقتراع في مدرسة ذكور وآخر للإناث، إضافة لمركز الملكة رانيا لتكنولوجيا المعلومات، وقاموا بداية بالاعتداء على صناديق الاقتراع وتخريب محتوياتها، ومن ثم احتجاز رئيس اللجنة الانتخابية.
العيب لا يكمن هناك فقط، بل في القصور عن منع تكرار الحادثة التي استفزّت الناس وتصدرت تعليقاتهم على مواقع التواصل الاجتماعي، وتحديدا أن الهيئة المستقلة للانتخاب حذرت من مغبة تكرار الفعل، ونبهت إليه، وصنفت لواء الموقر في البادية الوسطى من ضمن البؤر الساخنة انتخابيا.
المغزى من قصة الموقر وما حدث هناك، أنها لم تمسّ نزاهة الانتخابات ولا سمعتها، بل مست هيبة الدولة، وخدشت من جديد مفهوم دولة القانون وسيادته، إذ ظن هؤلاء أن بإمكانهم التعدي والتطاول على مراكز الاقتراع أمام نظر الجهات الأمنية المعنية، فقط لقناعة في داخلهم أنهم ربما أقوى من الدولة، أو ظنا منهم أن الأمور ستجري كما حدث في المرة الأولى تماما، وأن الدولة ستتعامل معهم وفق مبدأ 'المسامح كريم'!
بالمحصلة، وبشهادة المؤسسات الرقابية بما فيها الإعلامية، لم تكن الخروقات تتجاوز ممارسات فردية وحضورا محدودا للمال السياسي، وثبت أن التدخل الرسمي غاب بقرار، لكن بقي هناك جرح غائر يذكرنا ببقاء استقواء البعض على المؤسسات، وشعور بداخلهم أنهم فوق القانون والمؤسسات.
ما حدث في الموقر فعل خادش للهيبة العامة، وتطاول على القانون، وينبغي التعامل مع القضية بحجمها الكبير والخطير، وعدم التقليل من شأنها، فما حدث لم يمس الانتخابات ونزاهتها بل مس هيبة المؤسسات جميعا، وعطب الأمل بأننا نسير فعلا باتجاه دولة القانون والمؤسسات والعدالة.
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو