السبت 2024-12-14 05:20 ص
 

قراءة في البيان الوزاري لحكومة الملقي

07:04 ص

جاء البيان الوزاري لحكومة دولة الدكتور هاني الملقي شاملا لمواجهة التحديات الداخلية والخارجية، وذلك لغايات ترسيخ الامن والاستقرار وتعزيز مسيرة الاصلاح والديمقراطية والنمو الاقتصادي وفق الرؤى الملكية السامية والاوراق النقاشية الملكية الست، وإن كانت التحديات جسام والموارد المالية والطبيعية محدودة فإن جلّ الفرضيات التي استند عليها البيان كانت توفّر الدعم المادي لمشاريع اقتصادية ضخمة وكبيرة وواسعة وشاملة، ولذلك فقد كانت وجهات النظر الأخرى التي تتباين مع ذلك أن يكون التركيز على مشاريع محددة بعينها ويمكن تطبيقها وفقاً لما ورد في خطاب العرش السامي في افتتاح الدورة العادية لمجلس الأمة الثامن عشر والذي أشّر للحكومة أن يكون البيان الوزاري واقعي وقابل للتطبيق والتنفيذ.اضافة اعلان

الغوص في البيان بقراءة متأنية وعميقة يؤشّر أن بيان الثقة كانت أرضيته معظمها لبرامج حكومية سابقة وإمتداد لعمل حكومات سابقة قدّمت برامج عمل خلال الست سنوات الماضية، سوى قضايا إنتخابات اللامركزية والبلديات للعام 2017 والموازنات المالية للمحافظات في العام 2018 والقمة العربية القادمة وتطوير القضاء وبعض القضايا الاخرى، وشخصياً أؤكّد بأن تبني بعض البرامج الحكومية السابقة يؤشر لنهج حكومي تراكمي وهو إشارة إيجابية لا سلبية للمضي قدما في مؤسسية الدولة الأردنية صوب المضي قدماً في تحقيق أهدافها المتوخاة والمرتبطة بإطار زمني وفق خريطة الطريق الإصلاحية الشاملة التي رسمها جلالة الملك المعزز صوب أردن إصلاحي وعصري وقوي مواكب للتطورات الدراماتيكية على الأرض.
فنكهة البيان الوزاري كانت معظمها اقتصادية لتشغيل فئة الشباب العاطل عن العمل في محافظات الاطراف وإيجاد الاستثمارات وفرص العمل ومحاربة الفقر والبطالة، وتتلخص المشاريع التي تم طرحها في البيان الوزاري بالإصلاحِ المنسجمِ مع زيادةِ الاستثمارِ، وتقليصِ نسبةِ إجمالي الدينِ العام إلى الناتجِ المحليِّ الإجماليِّ، ودعم المشاريع الصغيرةِ والناشئة والصادراتِ الوطنيّة، وبناء المشروعات الكبرى ذاتِ القدرةِ التنافسيّة العالية والمعتمدةِ على المواردِ المتاحةِ في الأردن، واستكمالِ البنى التحتيّة والمرافقِ الأساسيّة في مجالات الطاقةِ والمياهِ والاتصالات والنقل، وتعزيزِ دورِ المشاريعِ الرياديّة في الاقتصادِ الوطني من خلالِ الاستراتيجيّةِ الوطنيّةِ لريادة الأعمال وتنميةِ المشاريع الصغيرة للأعوام الخمسة المقبلة، وتوفير فرصِ العملِ للباحثينَ عنه بطرقٍ غير تقليديّة وليصبحوا منتجينَ للأعمالِ لا باحثينَ عنها، واستحداثِ تشريعٍ يضعُ جميعَ الصناديقِ التمويليّة للمشروعاتِ الصغيرةِ والمتوسطةِ تحتَ رقابةٍ موحّدة، واستحداثُ نقاطٍ جديدة لاستيرادِ المشتقّات النفطيّة وتخزينها، وكذلك بناءَ سعاتٍ تخزينيّةٍ استراتيجيّة متعدّدة لها، وزيادةِ مساهمةِ الطاقة المتجدّدة في خليطِ الطاقة الكليّة، وتسهيلِ استكمالِ الإغلاق المالي لمشروع الصخرِ الزيتيّ، واستكمال مشروعِ الطاقة النوويّة لغايات الاستمرار في تنويعِ مصادر الطاقة، والتوسّعِ في تنفيذِ منشآتِ الحصاد المائي، وتشجيعِ الزراعاتِ المحميّة وزراعةِ المحاصيل ذاتِ العائد العالي للمياه، وإنشاءِ مدارسَ جديدةٍ، وصيانةِ وتطويرِ المدارس الحالية، وزيادةِ مستوى الدعمِ للطلبةِ غير المقتدرينَ في الجامعاتِ الرسميّةِ من خلالِ تطويرِ آليّاتِ الدعمِ الحاليَّةِ، واستحداثِ وسائلَ جديدة، والتوسّعِ في بناءِ المستشفياتِ والمرافقِ الصحيّةِ الحكوميّةِ في مختلفِ محافظاتِ ومناطقِ المملكة، وتحديثِ الخدماتِ والبنى التحتيّة وتطويرِ المعدّاتِ الطبيّةِ في مختلفِ المستشفياتِ والمراكزِ الصحيّةِ التابعة لها، ودراسةِ شمولِ جميعِ المواطنينَ بالتأمينِ الصحي، ولقد بدأت ذلك بالتدرّج، وتنفيذِ برنامجِ بعثاتٍ لدراسةِ الطبّ لأبناءِ المحافظات، والتوسّع في إنشاءِ مشروعاتِ المياه والصرفِ الصحّي وإقامةِ السدود في مختلفِ محافظاتِ ومناطقِ المملكة، وتنفيذِ المشاريعِ الاستراتيجيّةِ المائيّةِ الكبرى كمشروعِ ناقل البحرين، ومشروع الناقل الوطني الذي يربطُ جميعَ محافظاتِ المملكة ضمن استراتيجيّةِ التزويد المائي لمحافظاتِ الشمال، بالإضافة إلى البدء بدراسةِ تنفيذِ المشروع الوطنيّ لجرّ المياهِ الجوفيّة العميقة من منطقة الشيديّة والحسا، وتزويدِ محافظاتِ الجنوبِ، وإنشاءُ مشروعِ السكك الحديديّة الذي يُعَدُّ خياراً استراتيجيّاً وعنصراً أساسيّاً لإنشاءِ نظامِ نقلٍ متعدّد الوسائط، وطوير البنيةِ التحتيّةِ لقطاعِ النقلِ من خلال المشروعاتِ الكبرى وفي مقدّمتِها مشروعُ تأهيلِ الطريق الصحراوي، وذلك بعد أن قامت بإجراء إصلاحاتٍ سريعةٍ، والمباشرةُ بتنفيذِ مركز جمرك عمّان الجديد في منطقة الماضونة، بالإضافة إلى استكمالِ تنفيذِ طريق الزرقاء – الأزرق/العمري الذي من المتوقّعِ الانتهاءُ منه نهايةَ العام المقبل، والاستمرار بتنفيذ مشروع الباص السريع بين عمّان والزرقاء ليرتبطَ بمشروعِ الباصِ السريع في أمانة عمّان الكبرى، وتطويرِ البنيةِ التحتيّةِ لمطار الملكةِ علياء الدولي ومطارِ عمّان المدني، واستكمالِ تنفيذِ أعمالِ التوسعةِ والتطويرِ لموانئ العقبة، واستكمالِ شبكةِ الأليافِ الضوئيّة بهدف توفيرِ بنيةٍ تحتيّةٍ رقميّةٍ متطوّرةٍ لتسهم في رفعِ كفاءةِ الخدماتِ الصحيّةِ والتعليميّةِ والتوسّعِ في تقديمِ الخدماتِ الحكوميّةِ الإلكترونيّة، بالإضافةِ إلى تطويرِ منظومةِ أمن وحمايةِ المعلوماتِ الوطنيّة، وتطويرِ المناطقِ المتضرّرة بيئيّاً، كحوضِ سيل الزرقاء، وإنشاءِ وحدةِ معالجةٍ للنفايات الخطرة ، وغيرها.
البيان الوزاري عربياً وإقليمياً وسياسياً أكّد أن طرح الاوراق الملكية النقاشية يعد قيمة أردنية عميقة وتؤشر الى نهج الحكم الهاشمي التاريخي الراشد وتؤكد احترام القيادة الهاشمية للوعي الجمعي الوطني، وستتخذ الحكومة منها نهجا لتجذير الاصلاح الشامل، كما أن الجكومة أكّدت على أنها تتطلع لان تكون استضافة الاردن وترؤسه للقمة العربية المقبلة محطة على طريق اعادة تفعيل العمل العربي المشترك، وجاء بالبيان أن الاردن الاقرب الى فلسطين وقضيتها العادلة وشعبها الشقيق ومعاناته وقد اثبت الاردن على الدوام انه الاكثر دفاعا عن القضية الفلسطينية، وأن الحكومة ستواصل حمل المسؤولية واداء الامانة وسنتصدى لكل المحاولات المدانة والمرفوضة التي تقوم بها سلطات الاحتلال الاسرائيلي في القدس الشرقية المحتلة تجاه مقدساتنا الاسلامية والمسيحية، كما أن الحكومة ستواصل دعم جهود ترسيخ الامن والاستقرار ومحاربة الارهاب والتطرف في العراق واليمن وليبيا وغيرها من الدول الشقيقة، مثلما انها ستعمل على الدفع باتجاه تحقيق الحل السياسي للمأساة السورية والذي يشدد عليه جلالة الملك منذ اندلاع الازمة السورية على انه الحل الوحيد لهذه الازمة، وتعهد دولة الرئيس بتوفير كامل الدعم لقواتنا المسلحة الباسلة واجهزتنا الامنية وهي تدرك حجم التحديات التي تواجهها والجهود التي تبذلها في سبيل الذود عن حمى الوطن وامنه وسلامة ابنائه، وأشاد البيان بوسائل الاعلام الرسمية والخاصة، معتبرا ان مهنية اعلامنا وانحيازه الدائم لمصلحة الوطن جعله عامل قوة للدولة في الحفاظ على امنها ومصالحها وثوابته.
الجديد في البيان أنه يدعو للعمل والانجاز والتنفيذ لا لوضع الخطط والاستراتيجيات، وهذا مؤشر إلى أن الحكومة صدعت للتوجيهات الملكية في هذا الصدد ليكون البيان الوزاري تنفيذياً وواقعياً على الأرض دون تنظير أو إستراتيجيات حبيسة الأدراج، وإن كان البعض يقول أن الحكومة قد توسّعت في المشاريع المطروحة وهنالك تخوّف أن لا يتم إستكمال هذه المشاريع على الأرض بسبب نقص السيولة المالية لذلك.
ملفات ساخنة لاقت صدا عند الرأي العام ستلقى مزيدا من النقاش من قبل السادة النواب إبّان مناقشة البيان الوزاري تتضمن تحديدا مواضيع إستيراد الغاز الاسرائيلي والمناهج المدرسية والوضع الاقتصادي ورواتب موظفي الدولة، وهذه بالطبع فيها الكثير من الحديث ليمتد ما بين المصالح الوطنية العليا من جهة والمصالح الخاصة والمزايدة وربما مصالح الوطن من وجهة نظر أخرى! ولذلك نتوقع أن يكون جلّ حديث السادة النواب منصبّ على هذه المواضيع بعينها.
سيبدأ مجلس النواب الموقر اليوم الأحد بمناقشة البيان الوزاري لحكومة دولة الدكتور هاني الملقي في خضم توقعات لثقة مريحة يتجاوز عدد أصواتها 90 من 130 إلا أن نقاشات القبة لن تخلو من خطابات بعض النواب النارية للشوفية أو للحماس الزائد في بداية موسم الدورة العادية الاولى للمجلس، وهذا شيء متوقع في بداية نقاشات للثقة في أول دورة برلمانية تحوي أكثر من سبعين نائباً جديد تحت القبة.
مطلوب التشاركية والتعاون بين الحكومة ومجلس النواب الموقر للوصول لتفاهمات تنعكس على قضايا التنمية وخدمة للمواطن، وهذا طلب ملكي ليضطلع كل من الحكومة ومجلس الأمة بمسؤولياتهم تجاه الوطن دون استعراضات أو مناكفة أو تحدي بين الجهتين، ليكون هنالك تكاملية بالعمل لصالح الوطن وخطط التنمية ومساهمات واقعية وعملية مرتبطة بمسؤوليات وطنية.
اليوم وفي هذه المرحلة مطلوب عدم المزايدة على حساب الوطن من قبل البعض والتأكد أن الوطن بحاجة الجميع دون تخندق أو رياء أو استعراض، ومطلوب طروحات خلّاقة وإبداعية وعصف ذهني يساهم بها كل السلطات وتحديداً السلطتين التنفيذية والتشريعية لغايات بلورة طروحات عملية وواقعية.
بصراحة بيان طلب الثقة شامل لجميع المناحي ويحتاج للتطبيق على الارض دون مواربة، ويحتاج لدعم السادة النواب للنقاط المضيئة فيه وتصويب الممكن منها والتأشير إلى التوجهات الصائبة والأولويات التنموية لصالح ومصلحة الوطن الأشم ووفق الرؤى الملكية السامية.


 
gnews

أحدث الأخبار



 




الأكثر مشاهدة