الجمعة 2024-12-13 01:49 ص
 

كارثة بيئية تهدد المصدر الرئيسي للحليب في المملكة

12:21 ص

الوكيل – يشكو مواطنون ومزارعون ومربو أبقار من 'كارثة بيئية'، استوطنت منطقة الضليل، شمال شرق الزرقاء، فيما ذهبت رزمة طويلة من الشكاوى والعرائض لجهات رسمية أدراج الرياح، لتخلف 'الكارثة' وراءها مياها عادمة، من مخلفات المصانع المحيطة بالمنطقة وبمزارع الأبقار، وحالات نفوق كبيرة بين الأبقار والحيوانات، وروائح وآثار ضارة صحيا وبيئيا.اضافة اعلان


وفيما تتهدد 'الكارثة' المياه الجوفية في المنطقة بالتلوث، والانسان والحيوان بانتشار الأوبئة، سارع وزير البيئة الدكتور طاهر الشخشير، وخلال زيارة له برفقة مسؤولين من جهات رسمية مختلفة امس، وبالتزامن مع استكمال تحقيق ميداني لـ'الغد'، بالتهديد باتخاذ 'عقوبات شديدة' بحق الملوثين لبيئة المنطقةـ وتكيثف الرقابة الرسمية عليها.

تحقيق 'الغد' المصور في المنطقة، والذي امتد على مدى ايام، كشف عن ان نحو 91 مزارع أبقار في منطقة الضليل، يمتلكون قرابة 20 ألف رأس بقر، يرزحون هم ومزارعهم ومجاوروهم من السكان، تحت وطأة تلوث بيئي وصحي كبير، تتسبب به أساسا، صهاريج نضح المياه العادمة، التي تقوم بإفراغ حمولاتها داخل طرق وأطراف المزارع.

هذه المخلفات الكيماوية، ووفق مدير الجمعية التعاونية لمربي الأبقار المهندس خالد السعد، تؤدي إلى تلوث المياه الجوفية في المنطقة، وانتشار الأوبئة، التي تضر بالإنسان والحيوان.

ويشير السعد، لـ'الغد' بعد مرافقته لها بجولة في المنطقة، إلى أن الجمعية خاطبت جميع الجهات الحكومية المعنية في الضليل ومحافظة الزرقاء 'دون جدوى'.

مشاهد مفزعة، تم تصويرها وتوثيقها. جثث لأبقار وعجول، تم رميها على جوانب ومداخل الطرق، المؤدية إلى المزارع، ما يشيع في المكان رائحة نتنة لا تطاق.

هياكل عظمية لحيوانات نافقة، بعضها لكلاب وأبقار، ألقيت بجانب منازل السكان. وشوارع تملؤها الحفر، وباتت غير صالحة للاستعمال من قبل المركبات. مشاهد تلخص كلها وضع منطقة الضليل، التي تنتج، وفق السعد، 75 % من إجمالي إنتاج المملكة من الحليب.

السعد شدد على أن الجمعية التقت وخاطبت في أكثر من مناسبة، مختلف الجهات الرسمية لمعالجة هذه الكارثة البيئية 'دون جدوى'، مبينا أنه تمت مخاطبة وزارة البيئة، ومجلس النواب ورئاسة الوزراء والشرطة البيئية مرارا.

وأضاف 'يقوم المتنفذون بالضغط على الجهات الرسمية، لترك أي صهريج، يتم ضبطه خلال قيامه بإفراغ حمولته، من المياه العادمة الخاصة بالمصانع داخل وخارج أراضي الجمعية، الأمر الذي يجعل من المنطقة بؤرة للأمراض والفيروسات التي تودي بحياة الحيوانات، التي هي مصدر رزق المزارعين'.

وأوضح أن الجمعية التقت قبل عدة أشهر بمحافظ الزرقاء، وتم عرض المشكلة عليه، دون حلها لغاية الآن، لافتا إلى أن المشكلة 'تتفاقم يوما بعد يوم، وحالة النفوق بين الأبقار في تزايد'.

وأكد أحد مزارعي الأبقار، أحمد شريم، ان هذه المشكلة 'قديمة'، وأن المزارعين 'عملوا على توجيه كتب رسمية، عبر الجمعية للجهات الحكومية المعنية، لكن دون جدوى'.

ولفت شريم إلى أن سائقي صهاريج النضح 'يقومون بإفراغ حمولاتهم من المياه العادمة حول المزارع دون مراعاة لصحة أو بيئة'، وأن عددا كبيرا من هذه الصهاريج 'لا يحمل لوحات أرقام'، كما يقوم السائقون بإفراغ حمولاتهم 'في أوقات ما قبل الفجر، وبشكل كبير، وفي مختلف المناطق، حتى لا يتم ضبطهم، من قبل الشرطة البيئية، أو من قبل دوريات الأمن العام، أو حتى من قبل المزارعين أنفسهم'.

وشدد شريم على أن أراضي المنطقة المحيطة بالمزارع 'تحولت إلى مستنقعات لمياه الصرف الصحي، حيث أدى ذلك إلى نفوق المئات من الأبقار'.

زيارة 'الغد' أمس للمنطقة، استكمالا لتحقيقها، تزامنت مع زيارة لوزير البيئة طاهر الشخشير، الذي أكد أنها زيارة 'تأتي ضمن سلسلة زيارات ميدانية للبؤر الساخنة بيئيا ومناطق اخرى من المملكة'.

وأكد الشخشير لـ'الغد'، ان هذه الزيارة جاءت 'تأكيدا على دور الوزارة في مراقبة ومتابعة تنفيذ القرارات الصادرة للمحافظة على البيئة والكشف المستمر عليها'.

وشدد أن الوزارة 'لن تتهاون في اتخاذ كافة الإجراءات القانونية بحق المخالفين، باعتبار أن البيئة خط احمر، لا يجوز التهاون أو التراخي بشأنها'، وقال 'الوضع في منطقة الضليل هو مسؤولية مشتركة لجميع الجهات المعنية'.

ودعا الشخشير إلى 'تضافر كل الجهود للتخفيف من الآثار البيئية السلبية، والتي تضر بصحة الإنسان والحيوان، والاراضي والمياه الجوفية'.

الشخشير، وفي معرض حديث عن مشكلة الضليل، قال إنه 'تم إيقاع عقوبات ومخالفات، على الجهات المخالفة، خلال الأشهر الماضية'، لكنه شدد على 'أنه سيتم اتخاذ عقوبات أشد قريبا، بعد الكشف الشخصي على الوضع البيئي السيئ في المنطقة'.

وأوعز بتكثيف وتعزيز كوادر الشرطة البيئية في المنطقة، وتشكيل لجنة من البلديات المعنية، والمجتمع المحلي، والجهات المعنية، لـ'وضع الخطط الكفيلة ضمن برنامج محدد للتخلص من جميع الآثار البيئية السلبية على المدى المنظور'.

وأعلن الشخشير عن استعداد الوزارة لتقديم الدعم الفوري للبلديات، للمساعدة على تحسين وتخفيف الآثار البيئية بأسرع وقت لحين إيجاد الحلول الدائمة.

وحضرت 'الغد' لقاء الشخشير مع مدير الإدارة الملكية لحماية البيئة، ورئيس بلدية الضليل، ومدير قضائها وأهالي المنطقة، ومزارعي الأبقار فيها، حيث تم بحث السبل الكفيلة والمقترحات للحد من الوضع البيئي السيء في المنطقة.

وتضمنت المقترحات، إقامة منطقة خاصة، لإيقاف صهاريج النضح، ضمن إجراءات وأوقات محددة، لمنع تجاوزها، إضافة إلى إنشاء شبكة صرف صحي في المنطقة، وفرض قيود على الصهاريج، وتغليظ العقوبات على أصحاب المخالفة منها.

من جانبه، قال نقيب المهندسين الزراعيين محمود أبو غنيمة إن ما فاقم المشكلة في الضليل هو 'استغلال سائقي الصهاريج قرب المسافة، للتخلص من نفاياتهم السائلة'، كما لفت إلى أن 'دخول مخلفات المنطقة الحرة، وجزء منها صناعي، ضمن ما يلقى في المنطقة فاقم المشكلة أكثر، وهو ما يشكل خطرا في المدى المنظور، وخطرا أعظم على مستوى المياه الجوفية في منطقة شاسعة الامتداد'.

وطالب أبو غنيمة بالالتفات إلى مشاكل مربي الأبقار في هذه المنطقة الحيوية، التي تتركز فيها تربية أبقار الحليب، عبر زيارة تجمع مسؤولي عدد من الوزارات المعنية للمنطقة.



الغد


 
gnews

أحدث الأخبار



 




الأكثر مشاهدة