وصل التصعيد إلى ذروته، وتكاد نذر الحرب تلوح في الأفق قبل أيام من الاستفتاء الموعود على استقلال كردستان.
في الأثناء نشارك منذ أول من أمس في ملتقى حول الديمقراطية وتقرير المصير في السليمانية العاصمة الثانية لكردستان العراق، ومع أن الأوراق المقدمة لها طابع فكري ثقافي، فالتطورات السياسية المباشرة فرضت نفسها وتمحور النقاش حول الموقف من الاستفتاء على استقلال الاقليم المزمع إجراؤه في 25 أيلول (سبتمبر).
كان هناك ضيوف من الأردن وفلسطين ومصر ولبنان، إضافة إلى مثقفين وأكاديميين من العراقيين العرب ومداخلاتهم بالكامل تمنت على الأكراد تلافي الاستفتاء الآن وجعل الحوار والتفاهم طريقا لحل الإشكالات مع السلطة المركزية في بغداد، الحقيقة أن أشواق الأكراد في العراق كما في الدولة المجاورة تركيا وإيران للحصول على دولة مستقلة لم تغب يوما. وهم يرون أن ترتيبات ما بعد الحرب العالمية الأولى ظلمتهم من دون بقية القوميات. وفي المراحل اللاحقة تمازج نضالهم التحرري مع القوى الوطنية والديمقراطية في كل دولة ضد السلطة المستبدة. وفي مرحلة معينة في العراق كان الحزب الشيوعي الأكثر نفوذا بين الكرد، وتراجع مع تراجع نفوذه العام وظهرت أحزاب إسلامية مسلحة لكن تم دحرها من البشماركة. والآن يتقاسم الحزبان الكرديان الرئيسيان الآن (برزاني وطالباني) السلطة على الأرض بين أربيل والسليمانية. كما يتقاسمان الأغلبية في برلمان الأقليم.
بعض المسؤولين الأكراد شرحوا في لقاء جانبي أن الشراكة باتت مستحيلة مع السلطة الطائفية – الشيعية الإيرانية الحاكمة في بغداد والتي تفرض مفاهيم وثقافة على المجتمع والمؤسسات تتعارض جذريا مع مفاهيمهم المدنية والديمقراطية ويسرقون الدولة ويجيرون المليارات لفسادهم ولميلشياتهم الطائفية. لكن مفكرين عراقيين ذكروهم معاتبين أنهم –أي التحالف الكردي- تعاملوا وتفاهموا مع هذه القوى الطائفية الشيعية لتقاسم السلطة منذ البداية، بدل أن يتعاونوا مع أصدقائهم التاريخيين من القوى الديمقراطية والتقدمية العراقية.
والمهم والمحصلة أن جوهر توجه الأكراد بعد دحر داعش هو الاستقلال ولم يعد يعنيهم شراكة السلطة في بغداد، ويبدو ان الوطنيين العراقيين لم يعودوا مهتمين بمقاومة هذا التوجه ما دامت السلطة في بغداد نفسها باتت نهائيا بيد أتباع إيران وحتى الأحزاب الشيعية لم يعد موضوعها هو استقلال كردستان بل 'المناطق المتنازع عليها' مثل كركوك التي يريد الأكراد شملها بالاستفتاء وحول هذه المناطق يمكن أن تتفجر حرب أهلية، ويهدد قادة التركمان فيها أيضا بالردع المسلح لأي محاولة لفرض الاستفتاء هناك وفزع أردوغان أيضا مهددا بإنزال قوات هناك. والحقيقة أن الردع الإقليمي والموقف الدولي سيكون هو صاحب التأثير الأهم إذا ما قرر الأكراد التراجع عن مشروع الاستفتاء وهو احتمال مايزال قائما بقوة.
القيادات الكردية تهون من أمر الاستفتاء بأنه لا يعني الذهاب مباشرة لإجراءات الانفصال، وهم يبدون استعدادا لتأجيله بضمانات وشروط يبدو أنها قيد التفاوض، وفي النقاشات في ملتقى أول من أمس وعلى هامشه تحدثنا مع الأكراد عن مقارية جديدة تقوم على ترتيب البيت الداخلي الكردي بصورة أفضل كنموذج للحكم الديمقراطي المؤسسي، خصوصا أن تهم الفساد والتفرد بالسلطة تلاحق أيضا الحزبين الحاكمين، وكان البرزاني قد جمد البرلماني الكردي عامين كاملين ويستمر بالحكم وقد انتهت ولايته، وهناك شكوك بأنه يريد إدامة حكم العائلة مقتديا بالرئاسات العربية المشؤومة، ويهرب من استحقاقات التغيير إلى قضية الاستقلال التي تلهب مشاعر الأكراد وأشواقهم التاريخية.
والطريق الآمن البديل لمصلحة الأكراد والعراقيين عموما هو تطوير الحكم في الإقليم كنموذج ملهم لإصلاح الحكم في العراق بالتعاون مع القوى الوطنية والديمقراطية العراقية.
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو