السبت 2024-12-14 11:03 ص
 

كيف نعيد السلم للجامعات .. ؟

02:59 م

إسراء أبو جبارة - بدأ الصراع الجامعي بمشاجرات خفيفة بين الطلبة في الأعوام السابقة و لم تؤخذ بعين الاعتبار.. فتفاقمت تلك المشاجرات إلى حروب دموية و تعليق الدوام و تأخير باقي الطلاب و عرقلة مسيرتهم العلمية و فقدان عائلة لأحد ابنائها و تيتم أبناء و ترمل النساء كل هذا بسبب لجوء الطلاب للإنتقام من بعضهم البعض بأسلوب عار على التعليم ومخزي للوطن. اضافة اعلان


طالما أن الظاهرة تتكرر في الجامعات الأردنية ( و لا تنحصر في الأردن فقط) فما هو السبب في غضب الطلاب والتعبير عنه بالاقتتال في ساحات الجامعات..؟

من منظوري الشخصي و كوني عملت بإحدى الجامعات الخاصة أرى أن الضغط النفسي الذي يحتل شبابنا له أثر كبير في خلق روح من العدائية تترجم لاقتتال بالشتم و الضرب و تفاقم الأمور إلى استخدام الأسلحة التي تقتل جيل مثقف و واعي يرتكز عليه الوطن و المجتمع و العائلة.

فلا بد من وجود أسباب للضغط النفسي و من أهمها:

1- عدم الرضى عن المعدل الذي حصل عليه في المرحلة الثانوية و التوتر الذي عاصره طيلة الفترة و رهبة الامتحان الوزاري و النتيجة غير المتوقعة لمجهوده الدراسي و تحكم المعدل في اختيار الجامعة و التخصص غير المرغوب به سواء من التحصيل العلمي او إرضاءً لرغبة الآباء.. مما تقتل أحلامه الذي رسمها للمستفبل و الرضوخ الإجباري فلا بد من الاستكمال الدراسي و الحصول على شهادات عليا لمواكبة العصر و الحصول على عمل براتب مشرف..

2- اصطدام الطالب باختلاف البيئة الجامعية عنها في المدرسية.. و الشعور بالضياع من إجراءات التسجيل و اختيار المواد و التعرف على المكان الذي سيقضي سنواته الدراسية فيها فيبدو المكان كالحصن أو القلعة لا بد من اختراقها لكي يستمر بالمراحل المتبقية فتمر المراحل الأولى بسلام و تبدأ المعركة العلمية باجتهاد الطالب أو إخفاقه.

3- الهيئة التدريسية و شعوره بالاضطراب و التخوف من ظلم بعض أعضاء الهيئة التدريسية حسب ما يتناقله الطلاب الذين سبقوه في المقاعد الجامعية و خبراتهم و تحذيره منهم .. فيصطدم الطالب بمواجهة الأستاذ بعنصريته و الآخر يرتشي و أحدهم مساهم في الجامعة فترسيب الطالب يدر له المال و آخر يقوم باستغلال الطالب والضغط عليه بالتوسط له مع والده لإنجاز معاملة حكومية ما، فنجاح الطالب متعلق برغبات الهيئة التدريسية، و عليه الاحتفاظ بالسر كي تمر المرحلة بسلام فيصبح الطالب مغتصب فكرياً..

4- الاختلاط بالرغم وجوده في شتى المجالات الحياتية إلا أنه ينحصر في الجامعات بطرق تخدش الحياء و عدم احتشام الطالبات الذي لا يليق بالمكان و أيضاً التصرفات غير اللائقة و سلوكها أمام الطلاب مما يؤدي إلى الإنحراف أو القيام بردات فعل لا إرادية للتفريغ عن هذا الكبت و الذي يعتبر سبباً رئيسياً للتعبير عنه بالشراسة .. و لا نغض النظر عن الفتن و إثارتها من قبل الطالبات مما يثير الغضب و يبتديء عرض العضلات و رشق الدماء.

5- لا ننكر النشاط الإعلامي و طريقة نقل الخبر إلى العالم بإظهار جرائم القتل و طرق النحر و المجازر و مشاهد الدماء الذي اعتاد عليها المشاهد و كثرة تكرارها و تناقلها عبر الفضائيات و المواقع الإخبارية الإليكترونية و الصفحات الإجتماعية والجرائد اليومية و الأسبوعية. فهذه المشاهد تُنقش في عقل و فكر المشاهد و ممارستها عادة طبيعية، فأصبح حمل السلاح و استخدامه أمراً بديهياً بسبب زرع روح العدائية للمشاهد من حيث لا يدري.. فلجأ الشباب إلى الانتحار و كثرت حالات الانتحار في الآونة الاخيرة كأسلوب تهديد و ضغط على المسؤولين سواء ولي الأمر أو الجكومة.. و أيضاً سماع الكثير من حالات الاغتصاب لجميع المراحل السنية و الجنسية فلم تسلم الأطفال و الشيوخ من الابتزار و الاغتصاب و التسرع في قتل الفتيات و كثرت قضايا الشرف في المحاكم دون اللجوء إلى حل سلمي والسبب كما ذكرت الاعتياد على مشاهد الدماء و التحفظ بالحقيقة ليبدو كاللغز لاستخدام المشاهد كأداة إعلامية سريعة الانتشار فيبدأ حديث الشارع و تشب النيران في نقاشات و أفكار عقيمة لا أصل و لا فصل لها.

6- الفروقات الطبقية، فالجامعات عبارة عن مدينة صغيرة تقدم العلم للجميع .. سنجد تلك الفروقات في مواقف السيارات ، فاصطفاف السيارات الفخمة التي يتباهى بها الطلاب أمام الآخرين لجلب الفتيات و احتوائهن خلال المرحلة الدراسية مما يثير الغيرة و الحسد بين الطلاب الأقل طبقة، فلتحجيم بعضهم لبعض يشتعل ثقاب التشاجر جراء الشعور بالنقص أمام المتفاخر و المغرور و حصوله على مبتغاه مقابل صرف المال دون حساب .. فيشعر الطالب الاقل طبقة بالظلم و يأخذ حقه بيده انتقاماً لنفسه .

7- العشائرية .. فابن فلان لديه (واسطة) فيخرجه من المصيبة مثل الشعرة من العجين.. فأول الاصطدام يعرف بنفسه أنا ابن فلان من عشيرة فلان .. فالطالب المقابل لا يستقبل تلك اللغة فهو من عشيرة أخرى لا تقبل بالرضوخ و الخضوع .. فصراع العشائر و المناطق في الأردن و العنصرية القومية هي سبب رئيسي في ثورة الطلاب الشباب داخل و خارج الجامعات بسبب زرع هذا الفكر العشائري من الأسرة فينتقل إلى الجامعات بعباءة ابن العشيرة ..

8- اختلاف الجنسيات .. يلتحق بالجامعات مختلف الجنسيات العربية .. فالعلاقات الدولية المتوترة تخلق العداوة بين الطلاب العرب.. فيكون الطالب الأجنبي منبوذاً تبعاً لعلاقة الدولة ببلده .. فيظهر الطالب المواطن بدور الجندي للدفاع عن وطنيته في الحرم الجامعي متجاهلاً السياسات التي تقوم بها العلاقات الداخلية و الخارجية و دوبلوماسية التعامل لتفادي الحروب فيشعل الحرب أمامه.

9- الطعام و الشراب.. لا نختلف ابداً بأن المقاصف المدرسية و الكفتيريات المتواجدة في الجامعات ترفع من أسعار المشروبات و المأكولات مما لا يتناسب مع جيب الطالب، فمصروف الطالب لا يكفي لشراء ما يسد جوعه و عطشه، فالشعور بالجوع يؤدي إلى عدم التركيز و الشعور بالفشل و منه للغضب، و أيضاً بعض الطلاب يلجأون للأماكن المتواجدة خارج الجامعات بحجة النظافة أو بعدم توفر ما يرغب بشرائه و تلك المحلات تبيع الكحول بسهولة فيشرب الطالب و يسكر و يذهب عقله و يكون قنبلة موقوتة في حرم الجامعة.

كيف نعيد السلم إلى الجامعات..؟

لا بد من تفريغ الطاقات الشبابية المكبوتة و ذلك عن طريق إلهاء الشباب بالأعمال التي تعود بالفائدة لهم و للمجتمع.. و ذلك من خلال ورشات العمل و قيام الندوات و المشاركة بالألعاب الرياضية بمختلف أنواعها و السيطرة على مجلس الطلبة عند الانتخابات فمعظم المشكلات تبدأ من هنا.. فنجن لم نعد نرى الاصطفاف و الطابور الصباحي و الإذاعة في الجامعات .. فاختل النظام و اختلط الحابل بالنابل ولا يوجد ما يشعر الطالب بالمسؤولية و الالتزام ، و ايضاً لا يملك أمن الجامعات القدرة على السيطرة على آلاف الطلبة المتدفقين في آن واحد، و عمادة شؤون الطلبة لا تملك الوقت الكافي لمتابعة شؤونهم إلا في حالات تقديم الشكوى، و الرئاسة ليس لديها قانون صارم لاتباعه في الجامعات و أصر على المحسوبية التي تخلخل السلطة الجامعية مما يؤدي إلى التسيب و الخراب.


فكيف نعيد السلم للجامعات ..؟ يجب ان نعترف بأننا مقصرون في توعية أبناءنا بأن السلم هو النجاح و أن التعليم هو مشروع استثماري يبدأ صغيراً و يتبناه الطالب في المراحل القادمة من النواحي الاجتماعية و الاقتصادية و العلمية و هو المسؤول الرئيسي عن هذا الاستثمار.. فالعلم لا يقف عند الخروج من باب الجامعة.. بل هناك تقدم و سريع جداً و العصور في تنافس حضاري و تكنولوجي لا بد من مواكبته بالعلم و الفكر و الفهم.. فاستبدال العلم بالعنف أسلوب غير حضاري و تخلف فكري شخصي و يشمل العامة و لا يؤدي إلا إلى الإنهيار و لا يظهر البعد الحضاري و الثقافي للبلاد و طريقة سهلة لهدم ما بناه أجدادنا الهاشميين من صروح علمية متقدمة من أجل رفعة العلم و استخراج كفاءات و خبرات تنافس مثيلها في العالم ..

فعلينا تقديم العلم بدلاً عن الصراع لاستقطاب الطلاب دعماً لميزانية الوطن و إيجاد التوازن الاقتصادي و خاصة في تلك الأزمة التي تمر بها البلاد و تعويض الخزينة بسبب قلة توافد السياح مقارنة بالسنوات السابقة بسبب الأوضاع السياسية .. فلتكن الجامعات بطلابها مرتكزاً سلمياً يعتمد عليه الوطن لا أداة تشوهه فنحن باشد الحاجة للوحدة العربية و ليس التفرقة التي تشير للضعف و الاختلال الأمني..

فالتعاون ضروري من أجل حماية الوطن من خلال أمن الطلاب و التعليم في آن واحد .. فالتعليم أصبح في خطر والسبب يعود في تحول الجامعات إلى ساحات اقتتال .. فمراقبة الطلاب عبر كاميرات منتشرة في شتى أنحاء الجامعة داخل القاعات و في الساحات و الممرات و وضع عقوبة صارمة بالفصل لمدة خمس سنوات و تعميمه على كافة الجامعات كي لا يلتحق بمقاعدها و التلبس الذي يثبت إدانة الطالب يساعد في اعتقاله بسرعة و إزالة الظلم عن الآخرين.. في ذلك أعتقد بأن الأمن و الأخلاق ستعود للجامعات و يشع النور من طلابها ..

إسراء أبو جبارة
كاتبة و محللة سياسية


 
gnews

أحدث الأخبار



 




الأكثر مشاهدة