الوكيل - سمعنا كلاما كثيرا حول محاولة انتحار العفيف الأخضر في الآونة الأخيرة، و تتبعت ما كتب عنه في الصحف التي أكدت بأن يده شلت و لم يستطع الكتابة بها، و مل من الاتكال على بعض أصدقائه و معارفه الذين كان يملي عليهم ما يرغب في كتابته، لكن محاولة الانتحار باءت بالفشل فنقل إلى أحد المستشفيات باريس، لكنه توفي يوم السبت 27 تموز (يوليو) 2013.
عرفت الخبر عبر أحد الأصدقاء فاتصلت بالصديق الروائي خليل النعيمي وقلت له بأن العفيف توفي، وأن عملية الدفن ستتم يوم الأربعاء 31 تموز (يوليو) 2013، ضربنا موعدا و ذهبنا لتوديع صديقنا العفيف – الذي اختلفنا معه ولم نعد نلتقي به منذ حرب الخليج الأولى- لما وصلنا إلى المستشفى لم نجد أحدا. طلبنا تفسيرا من المسؤولين فأحالونا إلى المقبرة المقابلة إلى مستشفى «مونفيرماي»، لما دخلنا القاعة التي كان موجودا فيها التابوت، وجدنا الصديق ناصر بن رجب يقف وحيدا ينتظر، فسألناه فقال إنه لم ير أي شخص آخر غيرنا، وينتظر أن يأخذوا جثة العفيف.
و في الأثناء جاء أحد أصدقائه، وهو مهندس مصري، وجد نفس الصعوبات في التنقل لكون الأشغال المقامة في الطريق المؤدي إلى المستشفى هي التي أعاقته عن الحضور في الوقت المناسب ، تكلمنا عن ظروف موته ثم افترقنا نحن الأربعة ولا أحد آخر كان معنا لتشييع جثمان هذا المفكر التونسي الذي كان مثار جدل ونقاش طويلين.
كنت وأنا متوجه إلى المستشفى أفكر بأنني سألتقي مجموعة من الكتاب و الإعلاميين و المفكرين العرب الذين لهم علاقة بالعفيف، أو بفكره، غير أنني لم أجد أحدا، فصرحت بذلك إلى الدكتور خليل النعيمي فقال في حيرة و ألم إنه فكر في الأمر نفسه، و راح يذكر غياب بعض الأسماء التي توقع أن تكون موجودة.
عرفنا بعدها أن الانتحار لم يكن هو سبب موت العفيف، فالسبب هو مرضه بالسرطان في الرئة والذي عم جسمه، ما دفعه للعملية الانتحار التي لم تنجح.
قال لي الدكتور خليل النعيمي:
كيف بالله عليك مفكر و رجل في مستوى العفيف لم يحضر لموته أي شخص؟ تساءلنا كثيرا و نحن عائدان إلى باريس، و راح كل منا يتكلم عن بعض الذكريات التي جمعته مع العفيف ( نعرفه منذ سنة 1975) ، الذي كان يتمنى البعض أن تسنح له فرصة الحديث معه ، أو أن يمنحه لقاء في صحيفة، لذلك افترضت أن يحضر، على الاقل، بعض رجال السياسة، أو الرفاق الذين كانوا معه ، خاصة في السنوات الأخيرة من حياته…
سؤال محير فعلا، ربما يعود ذلك إلى أن الناس ليست على علم، أو ذهبوا في عطلة، أو حمدوا الله على أن عملية الانتحار لم تود بحياته، وبالتالي فهم يفكرون أنه لا زال على قيد الحياة.
لقد مات المفكر العفيف الأخضر بعد صراع مرير مع المرض، تاركا وراءه مجموعة من الكتابات و المواقف، و على الباحثين و المهتمين بالشأن السياسي أو الفلسفي أو الفكري العربي أن يعودوا إليها خصوصا في هذه الفترة فترة ما يسمى بـ «الربيع العربي». مات العفيف وحيدا تقريبا، و حضر جنازته أربعة أشخاص لا غير (هم نحن)، والآن ستبدأ الكتابات، كعادتنا في مثل هذه الاحول، حوله ذكراه مادحة خصال الرجل و محللة أفكاره ومواقفه، وربما متأسفة على رحيل مفكر عربي كبير أصاب و أخطا في الكثير من تحليلالته و مواقفه .
رحمه الله رحمة واسعة.
العفيف الأخضر في سطور
هو مفكر تونسي مثير للجدل انقلب من أقصى اليسار إلى الليبرالية.
ولد سنة 1934، مكثر، تونس.
تلقى تعليمه بجامع الزيتونة في الخمسينات، ثم بمدرسة الحقوق ليعمل بعد ذلك محاميا فيما بين 1957 و1961، وشارك في الدفاع عن صالح النجار الذي حكم بالإعدام بسبب تهمة محاولة اغتيال الحبيب بورقيبة. غادر البلاد بعد ذلك نحو باريس ثم نحو المشرق العربي ليقيم في بيروت، وانخرط هناك بالمقاومة الفلسطينية وشارك في حركة الجدل السياسي والفكري الذي عرفته بيروت وأسس ما يشبه المدرسة الفكرية. ثم عاد إلى فرنسا حيث أقام منذ سنة 1979 حتى رحيله.
انضم في الخمسينات إلى الحزب الحر الدستوري الجديد.
قام بترجمة بيان الحزب الشيوعي، وهو ما جعله يحظى بمكانة خاصة في أوساط اليسار الطلابي التونسي في السبعينات والثمانينات. غير أنه تحول إلى أحد دعاة الليبرالية منذ سقوط الكتلة الشرقية في مطلع التسعينات.
وصف «الثالوث المخيف: طاهران وعفيف» (الطاهر وطار والطاهر بن عيشة، بسبب كتاباتهم المثيرة للجدل في جريدة الثورة والعمل.
تأثر بكتابات عبد الرحمن الكواكبي وشبلي الشميل وطه حسين وقاسم أمين ولطفي السيد وسلامة موسى وأحمد أمين.
قام بمحاولة انتحار فاشلة في منزله بباريس في يوم 27 يونيو 2013. وكان قبل انتحاره بأسابيع قد ترك نصا عن كيفية الانتحار. أما دافعه للانتحار فكان، على الأغلب، بسبب أنه في مراحل متأخرة من مرض السرطان حيث أخبره الأطباء أن لا أمل بشفائه، كما أنه لم يكن حوله من يعتني به في أواخر أيامه.
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو