يتجدد السؤال اليوم أكثر من أي وقت مضى، عن تراتبية الإصلاح في أجندة الدولة والمواطن بعد إحداث الكرك، واقبال الأردنيين بشغف على امنهم ورجالاته الذين يستحقون الإقبال والدعم والمناصرة ورفع مستوى المعيشة، وهذا لا يتناقض مع طرح سؤال الاصلاح اليوم خشية ان يتسلل الى وعي تيارين بأن اللحظة سانحة للانقضاض على الاصلاح وممارسة التعطيل بذريعة الامن، فالمواطن الاردني اثبت بلا جدال او نقاش شغفه بالأمن والإصلاح على التساوي، بل ان التقدم في مسار الاصلاح يريح الامن ويزيح عن كاهله اعباء ثقيلة ليتفرغ لمواجهة اعداء الحياة بسند شعبي واعٍ وراضٍ ولا نحتاج الى اثبات الفرق بين الرضا المدعوم بالوعي وبين الرضا بالقضاء السياسي وقَدره، خشية من الاقليم وتقلباته وحرصا على الواقع وثباته .
التياران القابضان على كوابح الاصلاح بقوة، هما تيار اليمين المحافظ الذي يرى في بقاء الواقع كما هو ديمومة لمكاسبه وحضوره، فهو يخشى التغيير خشيته الغرق، والتيار الثاني هو تيار تحطيم السلطة – الثوريون الاناركيون – الذي يعتقد انصاره، ان تعطيل الاصلاح وتأخيره يوفر بيئة غاضبة تكون حاضنة لافكارهم وتطلعاتهم، وبين مطرقة اليمين وسندان الاناركيون يقع الاصلاحيون، فاليمين يراهم خطرا على الدولة التي يعرفونها واستأنسوا بها ولها، والثوريون يراهم مجموعة من المائعين وهم اقرب الى الخيانة بحفاظهم على الدولة من الثورة والتغيير، ومن يراقب مواقع التواصل الاجتماعي يرى بروز هذا التيار بقوة وخاصة التيار الثاني الذي بات لا يصدق حتى نشره الطقس الرسمية .
الاصلاحيون اليوم يتعرضون لعملية تطبيش وتطفيش ممنهجتين من قوى اليمين المحافظ واصحاب الامتيازات العابرة للقوانين والدستور، ممن يجلسون على صهوة القرار، ولا يجدون قليل عطف من الثوريين ايضا، ولولا بعض بارقة أمل منحتها لهم الاوراق الملكية النقاشية لوقفوا طوابيرا على ابواب السفارات او فرادا على جسر عبدون، فواقعهم مشرذم ليس بحكم تشرذمهم الذاتي بمقدار ما هو تشرذم فرضته ايقاعات وموانة تيار اليمين وسلطته الواسعة على مفاصل القرار وارزاق العباد، مما يحول دون انطلاق اي رافعة تجميعية لهم سواء حركة ديمقراطية تجمعهم او حزب سياسي يجد منافذه للتواصل مع الناس، طبعا دون التقليل من حجم التباينات داخلهم، لكنها تباينات يمكن تجاوز اضرارها السلبية وانفلاتاتها الذاتية، فلا فوارق جوهرية بينهم يمكن ان تخلق صداما بل في اسوأ الاحوال سيكون هناك اكثر من درجة داخل اللون الواحد .
سؤال الاصلاح سيبقى ضاغطا على عصب الدولة اضافة الى ضغوطات اقليمية واقتصادية وسياسية، والفارق الجوهري انه قرار نملكه نحن ولا يملكه غيرنا وقادر على اراحة عضلات الدولة ومسنناتها ويمنح الامل لكثيرين يجلسون اليوم على قارعة الوطن وقد اداروا الظهر للقضايا الوطنية والمشاركة الفاعلة في الحياة السياسية، تاركين مسافة بينهم وبين الدولة وخطابها مما يفتح شهية اطراف كثيرة لملء هذا الفراغ فالطبيعة ترفض الفراغ، والآن نستطيع التحكم بتدرج الاصلاح ومفاعيله وقد لا يمنحنا الاقليم فرصة استمرارية التحكم بهذه المفاعيل، فهو يضغط بشراسة على أعصابنا الحيوية بشكل افقد الكثير من شبابنا اقبالهم على الحياة فاختاروا الوفاة انتحارا او الوفاء للهجرة والغياب عن ارض الديار حتى وهم بين ظهرانينا، بالعنف الاغبر والالتفات لكل ما هو غريب وطائش ورخو .
منذ سنوات ونحن نتعرض لضغوطات قاتلة ومنذ سنوات ونحن نترك تلابيب الفرصة تلو الفرصة تضيع، ولا اظن الوقت والاقليم سيبقى على وعده معنا بمزيد من الفرص، لانه ببساطة لا يمنح هذه الفرصة لاقطاره ذاتها، وعلينا الانطلاق بعد كل رسائل التحذير التي وصلتنا سواء من ارهاب او من فقدان امل أدى الى رفع منسوب الانتحار والشجار المجاني .
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو