لا يجد المواطن العربي نوافذ كثيرة للامل , لذا استبدل نوافذ الامل بنوافذ الانتحار , فكل التقارير الواردة من الدول العربية تُشير الى ارتفاع حالات الانتحار سنة تلو اخرى , والاردن ليس بمعزل عن ارتفاع نسب الانتحار او التلويح به , فلا يمضي اسبوع الا وتنشغل كوادر الدفاع المدني واجهزة الامن بإقناع مواطن بالعدول عن قرار انتحاره او نجاح مواطن في التخلص من وجع الحياة بإنهاء الحياة .
وبات الانتحار او التلويح به سلاح فعال للتخلص من اعباء الحياة وكأن الاجهزة الرسمية لا تستجيب لاوجاع الناس الصادقة الا تحت التهديد , او التلويح ببيع الابناء كمقدمة للانتحار , وصارت الروح سلعة رأسمالية خاضعة للعرض والطلب , فإزدياد التعداد السكاني يتم التعامل معه بمنطق ازدياد العرض وبالتالي ينخفض السعر ويقل الطلب , فالمواطن بات سلعة رخيصة في عالمنا ولم تعد قيمة الحياة تساوي الكثير .
ثمة رأي موازٍ يقول ان ارتفاع الخَلق واكبه انخفاض في الاخلاق , وبالتالي باتت الثوابت الدينية عُرضة للاستهتار مع انخفاض الوازع الديني وتاليا انخفاض الوازع الاخلاقي فأرتفعت نسبة الانتحار وارتفعت موجبات التخلص من الحياة لمن لا يجد قوت يومه او فرصة عمره , ونسي الناس او تناسوا كيف جعل الله من قيمة النفس الواحدة وكأنها تساوى الناس جميعاً. قال تعالى: “ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِى إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِى الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا “.
انحدار الوازع الديني سبب رئيس ولكنه يحمل تناقضا عجيبا في ظل اصرار القوى الدينية على انها الاكثر انتشارا بين الناس والاكثر تأثيرا فأي تأثير هذا الذي يقولون , وهم يرون تلك الحركات تدعم العنف وتزهق الارواح مجانا مانحة نفسها خِتم الايمان ومفاتيح الجنة , بل باتت تتسابق في التكفير وازهاق الارواح لكل مخالف حتى لو كان من ضمن المدرسة الفكرية .
انحدار الوازع لا يعفى المؤسسات الرسمية والحكومات من وزر ازدياد الانتحار , فالسياسات الخاطئة والعواصف الاقتصادية التي عصفت بقوت المواطن ومستقبله الفردي مسؤولة عن الارواح المزهوقة , وانحسار الامل في التغيير الحقيقي والمعالجات الصحيحة لاوجاع الناس تدفعهم الى الموت قهرا بعد طول معاناة , لذا يختصر الناس حياتهم لتوفير معاناتهم .
دون تهويل او مبالغة دخلت قطاعات واسعة من الشعب في حالة من الاكتئاب والاحباط وانسداد فسحة الامل , وطغت الميول الانتحارية على قطاع واسع , فالشباب المُصطف على ابواب السفارات للهجرة يمارس فعلا من افعال الانتحار , والهارب من جحيم وطنه بقارب المهربين يمارس الانتحار المُعلق على شرط الهروب من خفر السواحل , وهناك الكثير من الحالات التي نراها على الطرقات وهي تمارس فعل الانتحار ان كانت من سائق طائش او من قاطع طريق مشغول بحسابات اللحظة الراهنة وعودته الى منزله فارغ اليدين .
الميول الانتحارية تسير على قدمين في شوارعنا وجامعاتنا ومؤسساتنا , دون ادنى التفات من مراكز القرار الاجتماعي او السياسي , وكل فرد بات قنبلة موقوتة يمكن ان تنفجر غضبا او قتلا وسط حالة استرخاء رسمية وتثاؤب شعبي غريب .
نعلم ان القوانين بحاجة الى تعديل ونعلم اكثر ان الازمة مرشحة لمزيد من التفاقم في ظل اقليم مشتعل ويسير نحو نهايات غامضة تُحاك خارج الجغرافيا العربية , ولكن نريد على الاقل معالجات سريعة للحالة الراهنة بإعلاء التثقيف وارساء العدل حتى على قاعدة المساواة في الظلم , فهذا على الاقل يُريح الناس ويمنحهم شعور المساواة .
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو