الجمعة 2024-12-13 01:43 ص
 

ملامح من فيتنام لفهم الحالة العراقية!

11:06 ص

يقرأ واضع السياسات الاميركية في الموضوع العراقي (والسوري).. يقرأ هنري كيسنجر قراءة مجزوءة!!. فالديمقراطيون لا يحبونه لانه بدأ بإدارة معركة روكفلر الرئاسية، وحين انتخب نيكسون الجمهوري انتقل معه الى البيت الابيض!!.اضافة اعلان

فالسياسة الاميركية في العراق، تتشابه الى حد ما مع السياسة الاميركية في فيتنام ايام حكم الديمقراطيين، فقد توسع كينيدي في قرار ابتعاث مستشارين عسكريين اميركيين الى جيش فيتنام الجنوبية حتى بلغوا في اواخر رئاسته تسعين الف خبير، وفي عهد جونسون صاروا نصف مليون جندي، ثم دعاء حلفاء واشنطن فجاء جنود كوريا الجنوبية وفورموزوا واستراليا.
.. وقتها كان الجيش الاميركي مستعد لمحاربة فيتنام الشمالية، لكنه وجد نفسه يحارب الفياتكونغ، ولم يكن قادة الجيش الاميركي يفهمون حرب العصابات:
فهي كما يقول كيسنجر لا تهدف الى احتلال الارض ولكنها تهدف الى السيطرة على السكان، معتمدة في ذلك على ايقاع الرعب في قلوبهم لمنعهم من التعاون مع السلطات الشرعية.
الى هنا والادارة الاميركية تعرف ما الذي تنتظره لو ان الجيش الاميركي عاد الى العراق لحرب داعش، لهذا فهو يلجا لحرب «من السماء» وليس من الارض، ويفضّل ان يحارب الجيش العراقي.. وهو هنا لا يختلف كثيرا عن جيش فيتنام الجنوبية.
والادارة مرتاحة الى دور الباشمركة لانها في الاساس جيش عصابات تحول الى قوة امن لمنطقة كردستان العراق، فهي مستعدة لجعله يأخذ دور جيش سايجون.
ونعود الى كيسنجر وادارة الديمقراطيين في فيتنام بالتقديرات الاستراتيجية العسكرية كانت تهدف الى انتصارات عسكرية يمكن ترجمتها الى مكاسب سياسية وهذا لا يمكن ان يحدث، لان حرب العصابات تستهدف انهاك الجيوش الاميركية وتحويل مكاسبها في السيطرة على الارض الى اعباء، امام عدو لا تراه، وإنما تسمع قرقعته في الليل.
فقد قسم الاستراتيجيون فيتنام الجنوبية الى ثلاث مناطق:
-ارض تحت سيطرة حكومة سايجون.
-وارض متنازع عليها بين حكومة سايجون وحكومة فيتنام الشمالية, وارض مسيطر عليها بالفيتكونغ.
وهذا تقسيم تعيس, لانه غير حقيقي. فقد كان الاميركيون يقاتلون في هضاب الوسط في حين ان الكثافة السكانية (80%) تعيش في السهول الساحلية وفي دلتا نهر الميكونغ, وهي المنطقة التي يسيطر عليها الفيتكونغ في الليل وحكومة سايغون في النهار!!
وبالانتقال الى المشبّه به العراقي, فداعش لا يهمها السيطرة على الارض, وانما يهمها انهاك حكومة بغداد, وانهاك طهران, وانهاك الولايات المتحدة وحلفائها معاً. وهي تتحرك بسرعة بين الموصل وكركوك وبغداد والرمادي.. وفي القامشلي ودير الزور وريف حلب. ولا يعرف أحد ما تريد اميركا من حلفائها غير زجهم في المعركة الارضية, وهي تعرف أن هؤلاء الحلفاء يملكون جيوشاً تقليدية يمكن ان تحارب جيوشاً.. ولكنها غير قادرة على دخول حرب مع حرب مع عصابات, يقودها قادة عسكريين كبار يفهمون الاستراتيجية, ويعرفون قتال الجيوش لانهم قاتلوا ايران ثماني سنوات, وقاتلوا الاميركيين!!
وخلاصة الاستراتيجية التي فهمها كيسنجر: ان الحروب التقليدية العسكرية لها شروط انتصار واضجة في حين ان رجل حرب العصابات ينتصر اذا لم يخسر الحرب. أما الجيش فيخسر اذا لم يكسبها!! ولهذا تجد الاستراتيجية الاميركية الان انها في مأزق كما كانت في فيتنام. وحين قرر كيسنجر ايام كان اللاعب الاول في البيت الابيض ووزارة الخارجية مع رئيس ينهار بفضيحة ووترغيت, حين قرر مفاوضة الفيتناميين الشماليين للخلاص من حرب لا يمكن كسبها, بالمفاوضات!! ولعله من المؤكد ان احداً في واشنطن لا يستطيع التفكير الان بمفاوضة داعش, أو اعطاء بغداد دوراً عسكرياً يؤمن لها فرصةالتفاوض مع داعش. مثلما ان احداً في واشنطن يمكن ان يقتنع بتسليم العراق الى ايران, للدخول في مفاوضات معها.. ذلك انها ليست فيتنام الشمالية كما ان احمد الجلبي ليس هو تشي منه!!
 
gnews

أحدث الأخبار



 




الأكثر مشاهدة