عقد مجلس مستشاري الملك في بريطانيا -المعروف بمجلس بريفي- اجتماعاً عاجلاً في 26 فبراير/شباط 1797، قرر فيه وجوب توقف بنك إنكلترا عن استبدال العملات الورقية بالمعادن الثمينة.
هذا القرار وافق عليه البرلمان الإنكليزي في 3 مارس/آذار من العام ذاته، تحت عنوان قانون تقييد المصارف والذي أنهى إلزام البنوك بتحويل العملات الورقية إلى ما يكافئها من الذهب أو الفضة.
كان الدافع وراء هذا القرار هو الحفاظ على احتياطي الذهب الإنكليزي الذي بدأ بالتناقص، خاصة وسط وجود مخاوف من حدوث مزيد من التراجع في قيمة العملات الورقية؛ إثر الغزو الفرنسي لبريطانيا، فيما عُرف لاحقاً بمعركة فيشغارد، والذي دفع المواطنين للإسراع بالتخلص من عملاتهم الورقية واستبدالها بالذهب.
طُرحت فترة التقييد المصرفي في البداية باعتبارها إجراءً مؤقتاً، ولكن تم تجديدها بعد ذلك عدة مرات، وظلت سارية لمدة 6 سنوات بعد انتهاء الحروب النابليونية في 1815، وسيطرت على مناقشات البرلمان لفترة بلغت 24 عاماً. وقد دفعت هذه الفترة بنك إنكلترا لإصدار عملات ورقية من فئة 1 و2 جنيه إسترليني للمرة الأولى.
التخلي عن غطاء الذهب إلى الأبد
بقي الغطاء الذهبي هو النظام المالي المعترف به على مستوى العالم في الفترة ما بين القرن التاسع عشر وحتى مطلع القرن العشرين، وهو النظام الذي يربط مباشرة قيمة العملة المحلية للدولة بالذهب.
شهد هذا النظام بعض فترات التقييد، عقب الحرب العالمية الأولى، قبل أن يتوقف تماماً مع ثلاثينات القرن الماضي تحديداً في عام 1931 حين تخلت إنكلترا نهائياً عن الغطاء الذهبي، وتبعتها الولايات المتحدة الأميركية في 1971، ليتخلى العالم عن هذا النظام المالي، مستبدلاً إياه بنظام النقد الورقي الإلزامي، والذي سمح لكل حكومة بإصدار عملة قانونية مُلزمة، يمكن تداولها مع العملات الأخرى المُعترف بها في سوق الصرف الأجنبي.
هل ترسم العملات الرقمية مستقبلاً جديداً؟
مع الألفية الجديدة، اقترب العالم من احتمالية التحول إلى العملات الإلكترونية، ليكتب بذلك فصلاً جديداً في تاريخ المال. ظهرت أولى العملات المشفرة (Cryptocurrency) في عام 2009، والتي عُرفت باسم بِت كوين (Bitcoin)، في أعقاب الأزمة المالية التي أصابت الولايات المتحدة والعالم من ورائها بسبب تبنيه الدولار الأميركي كعملة للاحتياطي النقدي.
تتمثل أبرز الفوارق بين العملات الورقية والمشفرة في مركزية الخدمات المصرفية، فبينما تتحكم الحكومات في عملاتها المحلية عن طريق البنك المركزي الخاص بها والعمليات المصاحبة، تتميز العملات المشفرة بلا مركزية تامة، ويتحدد سعرها بناء على قواعد العرض والطلب، بعيداً عن سيطرة الحكومات.
كما صُممت العملات المشفرة بحيث يتناقص إنتاجها مع الوقت، عكس العملات النقدية المعروفة، والتي تملك المؤسسات المالية المختلفة سلطة إصدار المزيد منها، وما يترتب على ذلك من ارتفاع معدلات التضخم.
يبلغ سعر البِت كوين الحالي نحو 1100 دولار، ما يجعلها أقوى العملات على مستوى العالم، ويقترب حجم السوق الخاصة بها من 20 مليار دولار. وتمتد قائمة العملات المشفرة لتضم ما يزيد على 500 عملة، إلا أن العملات التي تخطت قيمتها السوقية حاجز 10 ملايين دولار مطلع 2017 لم يتعدَّ 26 عملة.
إن لم تتمكن من هزيمتهم فانضم إليهم
في يناير/كانون الثاني 2016، أعلن بنك الصين الشعبي (PBOC) قرب امتلاكه عملة مشفرة خاصة به.
لا يخوض بنك الصين الشعبي غمار سوق العملات المشفرة وحيداً؛ إذ تقوم بعض المصارف المركزية الأخرى، مثل بنك كندا والبنك الاتحادي الألماني والسلطة النقدية في سنغافورة، تجربة العملات المشفرة كذلك.
في الصين، يزيد استخدام الدفع الإلكتروني ليضم شتى مناحي الحياة اليومية، من شراء المشروبات وحتى استخدام الهواتف الذكية في الدفع خلال احتفالات السنة القمرية. لذا لن يبدو التحول إلى استخدام العملات المشفرة تجربة شديدة الحداثة.
وبحسب صحيفة بلومبرغ، فإن تكلفة طباعة الأوراق النقدية ومواجهة التزوير، وإدارة المعاملات المالية في بلد يبلغ تعداد سكانه 1.4 مليار نسمة، هو أمر باهظ التكلفة. لذا فإن إضافة العملات الرقمية إلى النقود المتداولة سيسهم في تحسين شفافية وسرعة المعاملات المالية.
كذلك، تضيف بلومبرغ رأي دوان تشينشينغ، نائب رئيس شركة OKcoin، إحدى كبرى شركات تداول الـ'بت كوين' الصينية؛ إذ يقول إن إصدار عملة رقمية سوف يجعل مراقبة بنك الصين الشعبي لمخاطر النظام المالي وتتبع المعاملات المالية على مستوى الدولة أمراً أكثر سهولة. كما سيوفر للبنك المركزي صورة حقيقية لوضع الاقتصاد الراهن بشكل غير مسبوق. وهو ما يسمح بتغيير السياسات النقدية بشكل دقيق يلائم التطورات الجارية بشكل سريع.
كل هذا يضعنا أمام تساؤل: هل يتجه العالم قريباً نحو إلغاء العملات الورقية واستبدالها بالعملات الإلكترونية؟ وما سوف يتبع ذلك من تغيير في سوق العملات العالمية.
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو