د.عزالدين كناكرية - معظم القطاعات الأقتصادية تطالب الحكومة بتقديم دعم حكومي لها لتبقى قادرة على المنافسة او تحقيق عائد مناسب ،والعديد من القطاعات الاخرى تطالب الحكومة بعدم رفع الضرائب عليها وعدم رفع اسعار اي من المواد او الخدمات التي تؤدي الى زيادة كلفها،وقطاعات اخرى تطالب بتقديم مزيدا من الدعم لمساعدتها في الاستمرار بعملها بشكل افضل ،وفي الحقيقة ان العديد من هذه المطالبات هي واقعية بل ضرورية لتمكين هذه القطاعات من التطور والنمو وتحقيق عوائد مناسبة تمكنها من توسيع مشاريعها وزيادة تشغيل الايدي العاملة وبالتالي زيادة الاستثمار بما ينعكس على زيادة النمو الأقتصادي ، الا ان التمكن من دعم هذه القطاعات يتطلب توفر وضع مالي جيد للخزينة يساعدها في تنفيذ هذه المطالب لذلك فالسؤال المطروح ،يتمثل فيمن سيدعم الخزينة لتكون قادرة على دعم القطاعات الاقتصادية المختلفة التي هناك ما يبرر دعمها ؟
فالقطاع الصناعي يساهم ب25% من الناتج المحلي الاجمالي و يساهم ايضا في تشغيل 15% من الايدي العاملة و في تغطية جزء لا يستهان به من عجز الحساب التجاري ،والقطاع الزراعي يلعب دورا هاما في المنظومة الاقتصادية والأجتماعية للمجتمعات الريفية،و يواجه تحديات عديدة ويعتمد بشكل كبير على المياه والكهرباء و يتأثر بشكل كبير بأي زيادة تطرأ على اي من نفقاته التشغيلية ،و البيانات تشير الى ان الصادرات الزراعية تشكل ما نسبته 11% من مجموع صادرات المملكة ،والقطاع السياحي يرفد الخزينة بعوائد كبيرة ويساهم بحوالي 15% من الناتج المحلي الأجمالي ويشغل عدد كبير من الأيدي العاملة ويعمل على تدفق عملات اجنبية من الخارج ويساعد في دعم احتياطي المملكة من العملات الأجنبي ،وتطالب هذه القطاعات الحكومة بتقديم الدعم لها لتتمكن من المنافسة مع الاسواق الخارجية.
كما ان القطاع الصحي الخاص يوفر علاج طبي عالي المستوى للمواطن ، و يعتبر الأردن مقصدا مميزا للسياحة العلاجية للمرضى الأجانب في ضوء المستوى المتقدم للخدمات الطبية المقدمة اضافة الى تنافسية اسعار الخدمات الطبية المقدمة في الاردن مقارنة بمختلف دول العالم ،وقطاع التعليم يعتبر واحدا من اجود انظمة التعليم في البلدان النامية ويمثل الأنفاق في الأردن على التعليم حوالي 13.5%من الناتج المحلي الأجمالي ، ويحتل المركز الأول في العالم العربي ،كما أن ما يقارب 2.5%من سكان الأردن ملتحقون في الجامعات، وقطاع الأسكان يعتبر من القطاعات التي تساهم بشكل رئيسي في توفير السكن الملائم لكافة الفئات من المواطنين وتقدر الحاجة السكنية في المملكة بحوالي 33 الف وحدة سنوي ، وتطالب هذه القطاعات بدعم حكومي لتشجيع اقامة مشاريعها .
وقطاع التأمين يقدم خدمات هامة وضرورية سواء للصناعة او التجارة او النقل او السياحة او غيرهاو يشير العاملون فيه الى انه يعيش اصعب الظروف وانه يحقق خسارات متراكمة جراء خسائر الـتأمين الألزامي، وقطاع النقل يمثل العصب الأساسي في تنقل المواطنيين وفي تنمية الحركة التجارية، وقطاع الأنشاءات الذي يتشابك مع معظم القطاعات الاخرى و يعتبر اكثر القطاعات حساسية للتغييرات الأقتصادية والعوامل الديمغرافية والأجتماعية، وهو من اهم القطاعات الرافدة للاقتصاد الوطني ويساهم با نسبتة حوالي 15% من الناتج المحلي الأجمالي ويشغل اكثر من 30% من الأيدي العاملة في الأردن،وتطالب هذه القطاعات بعدم زيادة الضرائب عليها .
. وهناك اهمية كبيرة للقطاعات الأقتصادية الأخرى لا تقل اهمية عن القطاعات المذكورة كقطاع البنوك الذي يوفر التمويل اللازم للمشاريع الاقتصادية ، وقطاع الاتصالات الذي تضاعفت مساهمته في الناتج المحلي الاجمالي وتزايدت نسب تشغيل الايدي العاملة لديه، ،و قطاع التعدين الذي يساهم بشكل كبير في زيادة الصادرات الاردنية ودعم احتياطي المملكة من العملات الأجنبية ، والقطاع التجاري الذي يعمل على توفير السلع للمواطنيين باسعار ونوعية مناسبة ، وقطاع الخدمات الذي يساهم بشكل كبير في تشغيل الايدي العملة والتقليل من حجم البطالة، وتطالب هذه القطاعات بعدم زيادة الضرائب عليها او زيادة اي من المواد التي تنعكس على نفقاتها التشغيلية.
الا أن المعادلة الصعبة التي لا بد من الأشارة اليها تتمثل بالسؤال الذي تم طرحه في بداية المقال وهو هل الخزينة قادرة على تنفيذ كل هذه المطالبات ؟ ومن سيدعم الخزينة لتكون قادرة لتغطية كلفة المتطلبات الأخرى المتمثلة في توفير الأمن وتغطية نفقات الاجهزة الأمنية والعسكرية ونفقات التأمين الصحي والتعليم و وتجهيز البنى التحتية و تسديد رواتب الجهاز المدني والعسكري وتغطية نفقات الرواتب التقاعدية للمتقاعدين في الجهازين المدني والعسكري وتمويل النفقات التشغيلية للوزارات والدوائر الحكومية ونفقات فوائد القروض الداخلية والخارجية وتوفير السلع الأساسية بأسعار مناسبة كالخبز والمياه والكهرباء وغيرها؟وكيف ستكون الخزينة قادرة على تلبيه كل هذه المتطلبات في ضوء البيانات المالية التي تشير الى صعوبة الوضع المالي للخزينة ، والى توقع وصول العجز المالي للخزينة بشقيه عجز الموازنة وعجز الوحدات المستقلة هذا العام الى حوالي 3 مليار دينار وبلوغ المديونية الداخلية والخارجية حاليا الى ما يقارب 17 مليار دينار؟
ان دعم الخزينة للقطاعات الأقتصادية المختلفة ،ودعم هذه القطاعات للخزينة هي عملية متبادلة ،فدعم الحكومة للقطاع السياحي او الصناعات او غيره مثلا سيؤدي دون شك الى نمو هذه القطاعات وزيادة ايرادتها وارباحها وبالتالي رفد الخزينة بعوائد اضافية تتمثل بضرائب المبيعات او الدخل او الرسوم او غيرها ، الا ان الوضع المالي الصعب للخزينة يحتم الأستمرار بالبحث حول الاولويات الوطنية و الحلول والبدائل لتخفيض عجز الموازنة وتعزيز قدرة الخزينة لتكون قادرة على تلبية الأحتياجات المتعددة .
فهناك من يرى حلولا عديدة لدعم الخزينة منها، تخفيض الحكومة لنفقاتها وترشيد الانفاق العام ،ومحاربة الفساد وتحصيل الاموال المنهوبة ،وزيادة الايرادات دون المساس باصحاب الدخول الفقيرة والمتوسطة ،وتعديل قانون ضريبة الدخل ،والتقليل من الهدر المالي ،وتخفيض الفاقد الناتج عن الجوانب الفنية وعن الأستخدام غير الشرعي للمياه والكهرباء والمحروقات والطحين والأعلاف وغيرها ،والسعي للحصول على المنح الاضافية في ضوء الوضع الأستثنائي الصعب للخزينة ، و السعي لتعويض الاردن عن كلفة ايواء اللاجئيين السوريين ،واستمرار التباحث مع الشقيقة مصر لرفع معدلات توريد الغاز المصري وغيره،
جميع الحلول المذكورة مجتمعة ستساعد بلا شك في تعزيز قدرة الخزينة على دعم القطاعات المختلفة وعلى تلبية الالتزامات العديدة ،وقد تم التطرق الى معظمها من قبل العديد من الجهات سواء الحكومة او النواب او الحراكيين او الكتاب الصحفيين او الاعلاميين ، الا ان تحديد القطاعات التي يتطلب تقديم الدعم لها وحجم هذا الدعم وشكل هذا الدعم يعتمد على عوامل عديدة لابد من الوقوف عندها الى جانب الى قدرة الخزينة على تنفيذها ، من حيث حجم تشغيلها للأيدي العاملة الاردنية ،والقيمة المضافة المتحققة للأقتصاد الوطني ،وحجم العملات الاجنبية المتدفقة للمملكة ،وحجم مساهمتها في الناتج المحلي الأجمالي وغيرها ، وهذا يدعوا الى اهمية اجراء مراجعة شاملة للأولويات الوطنية من خلال التنسيق العملي ما بين القطاع العام والخاص ،بما يمكن من الاستخدام الامثل للموارد الوطنية واقرار الخطط التي تزيد من تعزيز قدرة الاقتصاد الوطني على مواجهة التحديات والأسراع في اقرار زيادات عاجلة على السلع الكمالية والتي منها التبغ والمشروبات الروحية وزيادة رسوم تصاريح العمل وخاصة رسوم تصاريح العمل للخادمات ورسوم تسجيل وترخيص السيارات الفارهة وغيرها ودراسة عدم تخفيض اسعار البنزين خاصة البنزين 95 عند انخفاض الأسعار العالمية واستخدام الفرق في تخفيض سعر زيت الوقود المستخدم للكهرباء للمساهمة في تقليل خسارة الكهرباء قدر الأمكان اضافة تكثيف الاتصالات مع الدول العربية والاجنبية ودول مجلس التعاون الخليجي لأستثمار السمعة الجيدة للكوادر الاردنية العاملة في هذه الدول من حيث الكفاءة والامانة والاخلاص في العمل، لأتاحة الفرصة للعمالة الاردنية والمتقاعدين العسكريين والمدنيين الشباب من الحصول على فرص وظيفية في تلك الدول بما يساعد في تخفيض حجم البطالة وزيادة قيمة حوالات المغتربين من العملة الأجنبية، وتوظيف العلاقات الجيدة والمصداقية التي يتمتع بها الاردن لتمكين الشركات الصناعية الأردنية من زيادة صادراتها الى تلك الدول ولأيجاد فرص للشركات الأردنية كشركات المقاولات وتكنولوجيا المعلومات وغيرها للمشاركة في اقامة المشاريع الاستثمارية في تلك الدول ، بحيث تساعد تلك الحلول مجتمعة من الخروج من الوضع الأقتصادي الصعب للتحول الى اوضاع تزيد من معدلات النموالاقتصادي المأمول
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو