في عدة مناسبات متتابعة ، أوضح رئيس الوزراء الدكتور هاني الملقي أنه في ظل تناقص المساعدات الخارجية ، فإن الاعتماد على الذات أصبح ' هدفا إستراتيجيا ' وليس مجرد شعار ترفعه الحكومة للتغلب على الأزمة الاقتصادية القاسية التي يمر بها الأردن حاليا ، وحسنا فعل رئيس الوزراء بمكاشفة الهيئات التي اجتمع بها على مدى الأسابيع الفائتة ، والتي أظهرت صعوبة الخيارات التي ستلجأ إليها حكومته لإدارة هذه الأزمة المعقدة .
أن يكون الاعتماد على الذات هدفا إستراتيجيا ، أم خيارا إستراتيجيا ، فذلك يعتمد على طريقة التفكير في طبيعة الأزمة التي نواجهها اليوم ، والتي أصبح نقص المساعدات الخارجية أحد عناصرها السلبية ، فنحن نواجه أزمة حقيقية - بعض أسبابها داخلية ، وبعضها إقليمية وعالمية - حتى بوجود المساعدات بالمستوى الذي كانت عليه ، فكيف إذا نقصت أو تضاءلت أو انعدمت ؟
ذلك يعني أننا أمام هدف هو في الحقيقة الخيار الوحيد ، في غياب خيارات أخرى ، من حيث المبدأ ، ولكن الوصول إلى الخيار الإستراتيجي باعتباره الناتج النهائي لعملية صناعة واتخاذ القرار يفترض أن يتبع أسلوبا محددا ، من خلال تنظيم حلقات نقاشية بين صانعي القرار ، ووضع تصور للوقائع المستقبلية الممكنة ، والتركيز على الأفكار وليس التفاصيل ، وتفكيك الأزمة إلى عدة أسباب لمعالجتها .
وفي الحقيقة إن الاعتماد على الذات كخيار إستراتيجي هو من أصعب الخيارات على الإطلاق ، بوجود أزمة اقتصادية اجتماعية بهذا الحجم من التعقيد ، وذلك المستوى من المديونية والعجز المالي، وتعثر مشاريع التنمية ، ومعيقات الإنتاج والتصدير ، ففي هذه الحالة تصبح المعالجات مؤلمة وخطرة ، حين يتحول الاعتماد على الذات إلى نوع من القرارات والإجراءات التي تمس الأغلبية الاجتماعية ، بصورة مباشرة ، أو غير مباشرة ، فتؤدي إلى تفاقم الأزمة بدل أن تحلها !
كان الله في عون رئيس الوزراء وفريقه الوزاري ، فذلك الهدف إن شاء ، أو الخيار كما أعتقد ، يحتاج إلى مزيد من المشورة الوطنية على نطاق واسع وجدي ، وإلى تخطيط إستراتيجي متين ، من أجل تحويل الهدف الحكومي إلى هدف وطني ، أساسه الشعب الأردني ، الذي أظهر على مر الأيام ، وفي أسوأ الظروف والأزمات أنه مستعد للتحمل والصبر ، إذا ما تمت مكاشفته بصدق وصراحة ووضوح .
لقد أثبتت الوطنية الأردنية بالحقائق والوقائع أنها متمسكة بالثوابت ، مدركة وواعية للتحديات التي يتعرض لها الأردن ، وقد صمدت في وجه الرياح التي اجتاحت منطقتنا على مدى السنوات السبع الماضية ، فقد تحمل الأردنيون من تبعات وآثام ' الربيع العربي ' ما لا يتحمله شعب آخر ، وتقاسموا الماء والهواء والخبز مع أشقائهم الذين احتموا بأمن واستقرار بلدهم .
تلك هي القاعدة الصلبة لأي تخطيط إستراتيجي ، إنها الشعب ذاته ، الذي يفترض أن يكون على يقين بأنه ' الغاية ' وليس الوسيلة ، لمعالجة أزمة لا يمكن حلها على أساس الاعتماد على الذات ، ما لم يكن مشاركا في اتخاذ القرار ، فالذات هنا هي ذات وطنية أردنية ، تتشكل من الإرادة السياسية ، والهوية الوطنية ، وموارد الدولة الطبيعية والبشرية ، والقدرة على تقوية البيئة الداخلية ، والانفتاح المتوازن على البيئة الخارجية، وبذلك يكون هدف الاعتماد على الذات هو الاستقرار والنماء ، وليس الانكماش والانكفاء !
[email protected]
www.yacoubnasereddin.com
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو