السبت 2024-12-14 05:37 ص
 

هل العمالة الأردنية رخيصة

08:22 ص

إذا كان أجر العامل الألماني يعادل ثلاثة أمثال أجر العامل الأردني ، وكان إنتاجه يعادل خمسة أمثال إنتاج نظيره الأردني ، فمعنى ذلك أن العامل الألماني أقل كلفة من العامل الأردني ، والمنتجات التي يصنعها أرخص من المنتجات الأردنية المماثلة ، وتستطيع أن تنافسها وتتغلب عليها في عقر دارها.اضافة اعلان

عنصر الأجور أهم عناصر الكلفة الإنتاجية. وهو بالتالي أهم عوامل التنافسية في السوق العالمية ، فهل معنى ذلك أن علينا أن نضغط الأجور ونخفض مستوى معيشة عمالنا؟ على العكس من ذلك فالمطلوب زيادة الإنتاجية التي تسمح للعامل بأن يأخذ أكثر وللمنتج أن يبيع بسعر أرخص وأن يربح أكثر في الوقت ذاته.
الصين تحولت إلى عملاق اقتصادي بفضل غزارة الأيدي العاملة وتدني الأجور ، مما مكنها من إنتاج سلع رخيصة تستطيع اقتحام الأسواق العالمية بقوة تنافسية ، ولكن العمال الصينيين لم يسكتوا طويلاً على الأجور المتدنية وهم يطلبون أجوراً أعلى ليشاركوا في ثمار إنتاجهم. وقد وجدت الصين الحل الذي يرضي العمال ويرفع دخولهم ومستوى معيشتهم دون أن يؤثر على تنافسية المنتوجات الصينية ، وذلك عن طريق تحسين الإنتاجية بالتدريب والمكننة والتحفيز.
كان لدينا انطباع خاطئ بأن أجور العمال الأردنيين متدنية ، وأن ذلك يشكل جاذباً قوياً للاستثمارات ، ولكن الواقع الراهن لم يعد يؤكد ذلك ، فالأجور ارتفعت والإنتاجية لم تتحسن ، مما يرفع الكلفة ، ويلحق ضرراً بالقدرة التنافسية ، وفي نهاية المطاف يخسر العامل والمنتج.
ليس غريباً والحالة هذه أن نجد مستوردات الأردن ارتفعت خلال النصف الأول من هذه السنة بنسبة 15% في حين انخفضت الصادرات بنسبة 2%. كلمة السر في هذه الحالة هي التنافسية التي يبدو أن مرتبة الأردن فيها تتراجع ، ليس فقط لأن الإنتاجية عندنا لم تتحسن بالدرجة الكافية ، بل أيضاً لأن تنافسية البلدان الأخرى التي نتعامل معها تتحسن بسرعة.
ارتفعت أجور العمال في الأردن في الفترة الأخيرة بمعدل يفوق التضخم ، أي أن هناك ارتفاعاً حقيقياً في الأجور ، ليس لأن الإنتاجية زادت بما يبرر زيادة الأجور ، بل عن طريق الإضرابات والاعتصامات استغلالاً للظروف ، وهذا وضع غير صحي ، يدفع الاقتصاد الأردني له ثمناً غالياً ، ويلحق على المدى البعيد ضرراً بالطبقة العاملة نفسها ، بما في ذلك زيادة معدل البطالة.


 
gnews

أحدث الأخبار



 




الأكثر مشاهدة