من غير المقبول الوصول إلى أحكام جاهزة حاسمة حول الخلفيات والأسباب التي أدّت إلى حادثة إطلاق النار في مركز الملك عبدالله للتدريب، في الموقّر، ما أدى إلى مقتل المنفّذ النقيب أنور أبو زيد مع 6 من المدرّبين وإصابة آخرين.
أقرباء أبو زيد يشددون على ضرورة انتظار نتائج التحقيق، ويؤكّدون على أنّه كان ملتزماً دينياً، لكنه بعيد عن العلاقة بأي جماعة تكفيرية أو حتى حزبية. وبالرغم من أنّنا ما نزال أمام احتمالات، ومجرد مؤشرات، إلاّ أنّ احتمال أن يكون لهذه الحادثة علاقة بتحوّلات حدثت لدى النقيب أنور، وجعلته يقترب من أيديولوجيا 'داعش' -وهو سيناريو ما يزال 'افتراضياً'- يدفع بنا جميعاً إلى القلق والتفكير جديّاً في إعادة طرح السؤال المهم: هل نحن، حقّاً، محصّنون من هذا الفكر، أم أنّنا مجتمع هشّ يمكن اختراقه فكرياً، وبالتالي أمنياً؟
لدى تتبّع تطوّر ما يسمى 'التيار السلفي الجهادي' في الأردن، وجدنا (كما حذّرت في كتابي 'أنا سلفي: بحث في الهوية الواقعية والمتخيلة لدى السلفيين') أنّ هناك تطوّرين خطيرين أحدثهما هذا التيار-الأيديولوجيا في الأعوام الأخيرة. فبالإضافة إلى تضاعف حجم المؤمنين به، فإنّه تمكن من اختراق الطبقة الوسطى، بشرائحها المتعددة، عبر نماذج عديدة لدينا. كما أنّه اخترق الطبقة المهنية والمتعلمة، ومنهم طلبة جامعات وحاصلون على درجات عليا في التخصصات المختلفة.
عندما ذكرنا هذه المعطيات، خلال جلسة استماع دعانا إليها رئيس مجلس الأعيان السابق عبدالرؤوف الروابدة، ردّ بعض الأعيان: أثرتم قلقنا! فقلت لهم: من الطبيعي أن تقلقوا، بل من الضروري كي تشعروا بحجم الخطر الداخلي!
قبل حادثة الموقّر، كانت هناك محاولة لأول فتاة أردنية للالتحاق بتنظيم 'داعش'. وقبلها، قرأنا عن أبناء النواب الذين قتلوا مع 'داعش'، وعن عدد كبير من الشباب الذين يتركون الجامعات والوظائف ويلتحقون بالتنظيم. ولدينا، وفق تقديرات متباينة، بين 1500-2000 شخص مع 'داعش' و'جبهة النصرة'، فضلاً عن مئات القضايا المرتبطة بالتنظيم والتيار والمتعاطفين معهما أمام محكمة أمن الدولة.
بناء تحصين كامل من هذا التيار هو أمر وهمي؛ فحتى في أكثر دول العالم تطوراً أمنياً وديمقراطياً وثقافياً، هناك آلاف المصابين بهذا الفيروس. لكن الوضع لدينا أكثر خطورة وحساسية مع ما يحدث في سورية والعراق، واليوم الانتفاضة الفلسطينية، والنزعة الطائفية؛ وكل ذلك يتلاحم مع ظروف داخلية مساندة، ما يجعل من التحدّي أكبر وأكثر خطورة، واحتمال تأثر الشباب بهذا الخطّ العدمي الخطير أكبر بكثير من غيرنا من الدول والمجتمعات!
المقاربة الأمنية ناجعة وفعّالة، لكنها لا تكفي وحدها؛ فهناك عمل مهم وشاق ومركّب ومتخصص مطلوب في المجالات الثقافية والسياسية والعلمية والدينية. فظاهرة الدواعش أكثر احتيالاً وحيطة مقارنة بالحالات الأمنية السابقة، والذين يتحولون نحو الداعشية يمكن بسرعة وسهولة أن يصبحوا 'ذئاباً منفردة'، يقومون بعمليات خطرة أو يغادرون للالتحاق بهذه التنظيمات، فكثير منهم كما كان يشكو ذووهم لم يكن لهم سجل أمني سابق، ولم تظهر عليهم علامات واضحة نحو التشدد والتكفير، لكنّهم تفاجأوا بهم في فترة قياسية في أحضان هذا التنظيم!
في المقابل، وكما تعرفون، شكّلت الحكومة لجنة لمكافحة التطرف، يشرف عليها رئيس الوزراء نفسه، وأعدت خطة استراتيجية، لم تعلنها بصورة واضحة. وكنّا قد أشرنا سابقاً إلى أنّها استراتيجية سطحية وساذجة. وأوكد لكم، الآن وغداً، أن نتيجتها هي صفر مكعّب، طالما أنّها لا تبدأ من قراءة عميقة وصحيحة لشروط إنتاج هذا التيار، وقدرته على الوصول إلى شريحة اجتماعية واسعة!
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو