السبت 2024-12-14 05:35 ص
 

هيئة تنظيم إشعاعي أم مستشار إعلامي؟

07:00 م

د.أيوب أبودية - باتت تدمي القلب حقيقة أن هيئة تنظيم العمل الاشعاعي والنووي قد أصبحت الناطق الاعلامي باسم هيئة الطاقة النووية الأردنية مؤخرا وغدت مهمتها التنظير الوطني لمشاريع وزارة التخطيط ووضع خطط الطاقة الاستراتيجية على المدى الطويل حتى عام 2030 بدلا من وزارة الطاقة والثروة المعدنية! فمن غير المعقول ان تتحول وظيفة هيئة تنظيم العمل الاشعاعي والنووي من مراقب على النشاطات الاشعاعية والنووية الى مروج اعلامي لمشاريع الاردن النووية التي لا تحظى أصلا بقبول شعبي أو بموافقة نيابية؟ وهذا بحد ذاته يتنافى مع الهدف الذي أسست من أجله الهيئة ومع المعايير الدولية التي تحضر على الهيئات الرقابية الترويج للبرامج النووية!! اضافة اعلان


جاء في العديد من الصحف المحلية يوم الأحد 13-10-2013، ومنها الغد الغراء، نقلا عن وكالة بترا، تصريح لرئيس هيئة تنظيم العمل الاشعاعي حول حاجة الاردن لمفاعلات نووية مبررا ذلك بزيادة الطلب على الكهرباء سنويا بنسبة 7% بحيث يتأمل عطوفته أن تصبح مساهمة الكهرباء النووية 40% في العام 2030. كما ادعى أن الهيئة التزمت ' بتنفيذ جميع الإجراءات والمعايير المطلوبة لحسن تنفيذ المشروع بما يضمن صحة الإنسان والبيئة' وهذا كلام غير دقيق يحتاج الى توضيح ورد لكشف الحقائق للمواطنين.

فإذا تجاوزنا قلة الخبرة وعدم فهم دور ومسؤليات هيئة تنظيم العمل الاشعاعي والنووي وعدم جواز ان يقوم شقيق (رئيس الهيئة) بترخيص مفاعل نووي يديره شقيقه والرقابه عليه في كافة الاعراف الدولية ... وإذا تناسينا الملايين التي هدرت بوعود زائفة لبناء اول محطة نووية في الاردن عام 2015 .. ثم 2016 ثم 2018 ثم 2020- 2030 ... وإذا تجاهلنا التأكيدات الرسمية بإنتاج وتصدير اليورانيوم عام 2012 ... فلا يمكننا السكوت عن الاستمرار في الترويج لوعود فارغة في هذا الظرف الصعب.

فردا على الشق الأول من التصريح فان دعوى انتاج 40% من الكهرباء النووية عام 2030 سوف تجعل الأردن سادس دولة في العالم تنتج أكثر من 40% من كهربائها نوويا، وهي: هنغاريا واوكرانيا وبلجيكا وسلوفيكيا وفرنسا على الترتيب التصاعدي. ولكن اذا استثنينا بلجيكا التي قررت التخلي عن مفاعلاتها النووية بحلول عام 2025، واذا استثنينا أيضا دول الاتحاد السوفياتي السابق، تبقى فرنسا الوحيدة التي سوف تتفوق علينا عندذاك، علما بان الرئيس الجديد فرانسوا هولاند قرر خفض انتاج الكهرباء النووية الى 50% في السنوات القادمة!! وبذلك نكون نحن وفرنسا على قمة السلم النووي في العالم من حيث نسبة توليد الكهرباء النووية، وسوف نكون ثاني محطة نووية في العالم لا ثالث لهما تبرد المفاعلات بالمياه العادمة (بعد المحطة اليتيمة في بالو فيردي في الولايات المتحدة الامريكي-أريزونا)، أليس ذلك تأكيدا أن مشروعنا النووي وهمي!!!

أما بشأن دعوى التزام الهيئة بالمعايير الدولية في ترخيص بناء المفاعل النووي البحثي في جامعة العلوم والتكنولوجيا فهذا كلام مردود جملة وتفصيلا للاسباب التي وردت في رد الناشطين البيئيين على الهيئة في الرأي بتاريخ 4-10-2013، حيث كانت التجربة أليمة وأنجز أكثر من 42% من البناء قبل أن تصدر دراسة تقييم الأثر البيئي وكانت الاجراءات المتخذة في منتهى اللاشفافية الى درجة استفزت المئات من أهل المنطقة الذين هاجموا مكاتب الكوريين في الموقع خلال شهر حزيران من عام 2012. وتكرر أسلوب الاستبعاد حيث تم عقد الجلسة الحوارية (والتي هي من شروط دراسة تقييم الأثر البيئي) للمفاعل البحثي بتاريخ
6/1/2013من جهة غير مختصة بدراسات المفاعلات النووية ومرتبطة بالجامعة التي سيقام فيها المفاعل وخلال عطلة ما بين الفصول بدون دعوة الهيئة التدريسية أو مجلس الطلبة أو المجتمعات المحلية المحيطة، مما يخالف أسس الوكالة الدولية للطاقة الذرية بالشفافية ومحاورة المجتمعات المحلية، فاذا كانت دراسة المواقع النووية الجديدة التي يتحدثون عنها في الموقر سوف تسير على المنوال نفسه فعلى مشاريع الطاقة النظيفة والصخر الزيتي والغاز الرحمة، وعلى صحة الانسان والبيئة الاقتصادية والمستدامة السلام! وقد غدا واضحا للمطلعين على دراسة تقييم الأثر البيئي أنها تشير بوضوح الى الخطورة المحتملة على حوض مياه اليرموك وأهمية اجراء دراسة جديدة ومعمقة للموقع تخوفا من الحركات الآرضية، فكيف توافق وزارة البيئة على هذه الدراسة وتتبعها هيئة تنظيم العمل الاشعاعي والنووي بترخيص الموقع للبناء وأي من الدراسات التكميلية لم تنجز بعد وكذلك أي من خطط الأمن والأمان والمسؤولية القانونية، وبخاصة لقرب المشروع من سوريا المرشحة لعدم الاستقرار لفترة مجهولة!

لقد بات واضحاً للقاصي والداني فشل الهيئة في اقناع الشعب الاردني بهذا المشروع والمعلومات المغلوطة المتكررة ... بل أكاد اجزم ان هيئة النووي وشركاتها التابعة لها التي لا تنتج شيئا وتغولها على السلطات الرقابية تمثل النموذج في حديث جلالة الملك عبدالله الثاني قبل ايام عندما وضع يده على الجرح العميق، متحدثا بحزم وقوة عن قضية الترهل الاداري وضعف الاداء الحكومي وبأنها من أهم معيقات التقدم في مجمل عمليات الاصلاح على مختلف المستويات!


 
gnews

أحدث الأخبار



 




الأكثر مشاهدة