الخميس 2024-12-12 11:47 ص
 

وادي عربة .. حلم لم تكتحل عيون السكان برؤيته

12:28 ص

الوكيل - ينقسم خبراء ومعنيون بالشأن التنموي بين مؤيد ومعارض لقرار الحكومة بالتراجع عن ضم وادي عربة إلى سلطة العقبة الخاصة وإعادة ضمها إلى سلطة وادي الأردن، غير أن سكانا في الوادي عبروا عن خيبة أملهم من التراجع عن القرار بعد أن توقعوا حدوث نهضة تنموية بالوادي، وتحسن نوعية الخدمات المقدمة فيه. اضافة اعلان


ففي حين عوّل الأهالي وأبناء المنطقة كثيراً على 'السلطة الخاصة' بإيلاء وادي عربة أهمية كبيرة إبان قرار الضم، وحل مختلف المعيقات التي وقفت أمام مختلف القطاعات الخدمية منذ زمن، يؤيد البعض الآخر فكرة إبقاء المنطقة تحت إشراف سلطة وادي الأردن باعتبارها الأجدر بفهم متطلبات المنطقة.

ومنهم رئيس غرفة تجارة الأردن نائل الكباريتي الذي يرى أن القرار السابق بضم وادي عربة لسلطة منطقة العقبة الاقتصادية كان خطأ كبيرا ارتكبته الحكومة، مشيرا إلى أن العقبة لم تصل بعد للحلم الكبير الذي يجعلها منطقة صناعية ولوجستية، لكنها نجحت باستقطاب المشاريع العقارية والمتمثلة بأربعة مشاريع وجلها متأخر الإنجاز.

وبين الكباريتي أن منطقة العقبة محصورة ولم يتم فيها التنمية بأغلب المناطق داخل 'المنطقة الخاصة'، مؤكداً أن ضم وادي عربة للسلطة الخاصة شكل أعباء مالية اضافية ومجهودا كبيرا للسلطة الاقتصادية المترهلة أصلاً.

وتقع منطقة وادي عربة في الجزء الجنوبي من المملكة، والى الشمال من مدينة العقبة، ويعتبر امتداداً للأخدود الكبير الذي يمتد من حدود تركيا شمالاً وحتى كينيا جنوباً، ويشمل بالاضافة الى وادي عربة وادي الاردن والبحر الميت والبحر الاحمر وتبلغ مساحته حوالي 2400 كم مربع، تمتد بين خليج العقبة في الجنوب وغور فيفا في الشمال، وبذلك فهو يشكل ما نسبته 2.4 ? من المساحة الكلية للمملكة.

وكان مجلس الوزراء قرر مؤخراً ضم منطقة قضاء وادي عربة إلى سلطة منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة والإبقاء على موضوع المياه في وادي عربة تحت إشراف سلطة وادي الأردن، كون موضوع المياه يشكل منظومة واحدة في المملكة، غير أنه عاود قبل أسبوع وأعاد ولاية منطقة وادي عربة إلى سلطة وادي الأردن، وأقر إيجاد مخطط شمولي تنموي وتنظيمي للمنطقة، بحيث تصبح جاذبة للسكان والاستثمارات الاقتصادية، وتنفيذ مشروعات مختلفة.

وتوقع المجتمع المدني قبل التراجع عن القرار حدوث تغيرات جوهرية خصوصا في هذه المرحلة، بأن تحصل المنطقة على الاهتمام اللازم، وتقديم جميع التسهيلات التي تجعل منه مساهم في الناتج المحلي الإجمالي من خلال المشاريع الاستراتيجية الاستثمارية، كما كانوا ينتظرون تفعيل الشراكة بين القطاعين بشكل حقيقي بحيث يقدم كل قطاع واجباته ويحصل بالمقابل على حقوقه.

ولفت خبراء إلى ضرورة التركيز على وجود مخطط شمولي يأخذ بعين الاعتبار مقومات المنطقة السياحية والزراعية، وقدرة السكان على العمل في هذه المجالات، وجذب الاستثمارات السياحية للمنطقة والمشاريع الرديفة للسياحية، بالإضافة إلى التوزيع العادل لعوائد التنمية على المجتمع المحلي وتوسيع قاعدة المستفيدين منها.

وشددوا على أهمية إشراك أبناء المجتمع المحلي في العملية التنموية وإيجاد فرص عمل لهم.

وبين عميد معهد الإعلام الأردني الكاتب الدكتور باسم الطويسي أن البيئة الطبيعية في منطقة وادي عربة بمواردها وثرواتها تشكل مفارقة كبيرة، حينما تقارن مع خصائص المجتمع المحلي ونوعية الحياة التي يحياها، الأمر الذي يجعل من هذه المنطقة تحدياً وطنياً قد حان الوقت للالتفات إليه، ويتجسد ذلك في ضوء ما يتوفر لهذه المنطقة من فرص تنموية واعدة للاقتصاد الوطني بشكل عام، وما ينتظرها من مشاريع تنموية استراتيجية على المستويين الوطني والإقليمي طال انتظارها، قائلا 'حان الوقت لخوض غمارها وطنيا، وكفانا انتظارا، فالإنجازات والمشاريع الكبيرة على الطرف الآخر من الوادي لم تنتظرنا ولم تنتظر سلامنا'.

وأشار الطويسي إلى أنه يتوفر في منطقة وادي عربة فرصا استثمارية كبيرة أمام القطاع الخاص في مجالات السياحة البيئية، فالمنطقة بحق تعد واحدة من أهم مناطق للترواث الطبيعة التي تفتح الآفاق لسلسلة غير متناهية من الأفكار في مجال تنمية السياحة البيئية، إذا ما أخذت كبرنامج متكامل يجمع عاصر الجذب في البتراء ورم والعقبة مع صحراء وادي عربة ومرتفعاتها ومرتفعات الشوبك الغربية.

واعتبر أن المنطقة قابلة لظهور مجتمعات عمرانية جديدة، والتقليل من حدة تدني الكثافة السكانية، مع ظهور مشاريع تنموية جديدة، فإنها توفر إمكانية تطوير نموذج وطني للتنمية المستدامة المتوازنة في بيئة طبيعية نادرة وفريدة.

وقال المواطن محمد السعيديين إن ارتياحا عاما ساد بين أبناء المنطقة عند لقائهم رئيس الوزراء عبدالله النسور العام الماضي وبشرهم بضم وادي عربة إلى 'السلطة الخاصة' لكن أحلامهم الآن تبخرت لأن العقبة هي الأقرب من وادي عربة، وأن تفهم سلطة المنطقة الخاصة ونجاحها بإدارة المدينة السياحية سينعكس إيجابا على قضاء وادي عربة خصوصا فيما يخص آلية عمل القطاع الخاص في التعامل معنا.

ولفت المواطن علي الاحيوات أن قضاء وادي عربة سواء أكان مع وادي الاردن او السلطة الخاصة أصبح بحاجة ماسة إلى تأهيل كافة المدارس لتتماشى مع حجم النمو السكاني، لذا يجب عمل جميع التسهيلات والإجراءات التي من شأنها إن تظهر بمظهر لائق، إضافة إلى التخفيف من ظاهرة الفقر والبطالة، خصوصا وان السياحة تحقق أفضل عائد اقتصادي للعاملين في العقبة الاقتصادية مقارنة مع القطاعات الأخرى إذا ما أحسن استغلال القضاء كواحدة من ابرز المناطق البيئية.

وأشار المواطن تامر السعيديين إلى أن أبناء المنطقة استبشروا خيراً عندما قرر مجلس الوزراء بضم وادي عربة إلى سلطة منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة وهو مطلب من اهالي المنطقة طال انتظاره.

وأشار إلى أن الوجهاء والشيوخ تداعوا إلى اجتماع لوضع تصورهم الخاص للمنطقة، مبينا أن انضمام وادي عربة للعقبة كان أفضل بكثير للمنطقة من سلطة وادي الأردن لأسباب سياحية وتنموية ولقرب العقبة من المنطقة.

ويضيف 'سرعان ما تبخر أملهم وحلمهم وعاد مجلس الوزراء عن قراره لإعادة المنطقة لسلطة وادي الأردن'.

وكان وزير المياه والري، رئيس مجلس إدارة سلطة وادي الأردن، حازم الناصر قد أعلن الأسبوع الماضي أن مجلس الوزراء وافق على التصور الشامل، الذي قدمته لجنة البنى التحتية لإحداث تطوير شامل وتنمية متكاملة في وادي عربة، معتبرا أن ذلك يأتي 'استجابة من الحكومة للارتقاء بمستوى معيشة المواطن، وتطويرها وتحقيق غاياته مهما واجهت من ظروف في كافة المناطق، وعلى درجة واحدة من العدالة والمساواة'.

وبين الناصر أنه تم، بموجب ذلك، إعادة منطقة وادي عربة إلى سلطة وادي الأردن، لتعزيز التنمية الشاملة في كافة أرجاء الوطن.

وأكد أن الحكومة بقرارها، ومن خلال سلطة وادي الأردن، 'كونها الجهة القادرة على إحداث التغيير المنشود في منطقة الوادي لخبرتها الواسعة فيها، وكون قانونها يتيح تنفيذ الأعمال التي يحتاجها الوادي'، ستعمل من خلال 'وحدة خاصة على تنمية منطقة الوادي، الممتدة من الأغوار الجنوبية وحتى خليج العقبة، وتتواجد فيها تجمعات سكانية تعتمد على الزراعة وتربية المواشي'.

وأضاف أن الخطة ستشمل تنفيذ عدد من المشاريع، بعد توفير الأموال اللازمة لذلك، من خلال مخطط شمولي تنموي وتنظيمي، بحيث تصبح المنطقة جاذبة للسكان والاستثمارات الاقتصادية، وتنفيذ مشروعات مختلفة، إضافة إلى إجراء مسوحات شاملة للثروات الطبيعية في المنطقة وتقييم الصناعات القائمة والمنوي إقامتها لتحديد الاحتياجات اللازمة لها.

وووعد بأن تعمل السلطة 'وبخطى مدروسة على استكمال مشاريع الري، وتخصيص الوحدات الزراعية من مشاريع الري بالمنطقة، وكذلك الوحدات السكنية للمستحقين من أبنائها، على امتداد مناطق الوادي، الممتدة على مسافة 165 كم، وبعرض يتراوح ما بين 9-25 كم، بعد نجاحها بالمشاريع السابقة'.

وكشف أن الخطة ستحدد استعمالات الأراضي للأغراض المختلفة، وفق خرائط تراعي 'طبوغرافية' المنطقة، والبنى التحتية والمواقع التاريخية والأثرية والمحميات الطبيعية والبيئية وحتى البيئة الجاذبة لهجرة الطيور.

ويمتد قضاء وادي عربة على طول الطريق المؤدي الى عمان عبر البحر الميت، ويطغى الطابع الصحراوي على معظم مناطقه وهي قطر، رحمه، الريشة، أبو خشيبة، بئر مذكور، القريقرة، فينان، ويعتبر وادي عربة من المناطق الجافة في الاردن، ويبلغ المعدل العام لدرجات الحرارة حوالي 24 درجة مئوية، وتتجاوز درجة الحرارة صيفاً 45 درجة مئوية، بينما لا تنخفض شتاءً الى أقل من الصفر المئوي، ويعتبر مناخ وادي عربة شبه صحراوي يميل الى الجفاف، كما وتتسم المنطقة بتدني وتذبذب معدلات هطول الامطار في فصل الشتاء.

ويقطن المنطقة وما حولها عشائر: قبيلة السعيديين، وقبيلة الاحيوات، وعشيرة العمارين، وعشيرة الرشايدة، وقبيلة العزازمة وعشائر أخرى أصغر حجما، مثل العصيفات، الرواجفة، المناجعة، والمرزقة)، ويبلغ عدد سكان منطقة وادي عربة حوالي 6 آ?ف نسمة موزعين على تجمعات مستقرة هي: قريقرة، وفينان، والريشة، ورحمة، وبئر مذكور، وغرندل، وقطر والغويبة، إضافة لتجمعات مرتحلة في مناطق أبو خشيبة، والكهوف الجبلية، ووادي أبو السكاكين، وفينان.

وحسب أرقام دائرة الإحصاءات العامة العام 2007 فإن نسبة البطالة في الوادي تبلغ 22.7 % مقارنة مع 15.3 على مستوى المملكة، في حين تبلغ نسبة الفقر بالمنطقة حوالي 35.5 % حسب دراسة البنك الدولي لجيوب الفقر العام 2004.

لكن ليس هناك أي تغيير ايجابي من خلال المؤسسات الوطنية التي انشأتها الحكومة على رأسها سلطة منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة حسب مراقبون وخبراء في التنمية، طالبو 'السلطة الخاصة' بخلق حالة من التنمية تتسم بالشمولية ومعالجة جميع الاختلالات في التنظيم والتطوير في المنطقة.

الغد


 
gnews

أحدث الأخبار



 




الأكثر مشاهدة