في الساعات الماضية فقط، حقق 'المعسكر المحافظ' العربي في المنطقة انتصاراً معنوياً كبيراً، وبدت قوى الإسلام السياسي، عموماً، وكأنّها ضُربت بقسوة على رأسها، مع ثلاثة متغيرات إقليمية كبيرة ومؤثرة!
ظهرت العلامات الأولى بإغلاق قناة الجزيرة 'مباشر مصر'، ما تمّ تفسيره بوصفه مؤشّرا على نتائج زيارة المبعوث القطري، والضغوط السعودية لتغيير موقف قطر من الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، في حين ما يزال الموقف المصري للمضي في المصالحة يشترط التخلّص من قيادات الإخوان المسلمين الذين يتواجدون في الدوحة، وبما يجعلهم في حالة ترقّب شديد.
في الوقت نفسه، كان نائب رئيس الوزراء التركي بولند أرينج، يمدّ طرف خيط ودّ انقطع تماماً في الآونة الأخيرة للمصريين، ويلمح إلى إمكانية التعاون مع نظام السيسي من قبل الأتراك، بعدما كان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بمثابة الخصم الإقليمي والدولي الأول لهذا النظام خلال الأشهر الماضية، وبما يبدو 'إعادة تموضع' من قبل المسؤولين الأتراك، بعد الانكسار الكبير في الرهان على الثورة السورية وقوى التغيير في 'الربيع العربي'، الأمر الذي أضرّ خلال الفترة الماضية بالمصالح الأمنية والاستراتيجية والاقتصادية التركية.
المتغير الثالث، بالطبع، هو انتصار الباجي قايد السبسي بالانتخابات الرئاسية التونسية على منصف المرزوقي المدعوم من قبل حزب النهضة الإسلامي. وبالرغم من أنّ أمين عام 'النهضة' راشد الغنوشي، قام بتهنئة الرئيس التونسي الجديد، مؤكّداً احترام الحزب لنتائج صندوق الاقتراع والديمقراطية، وبالرغم، كذلك، من تجنب التونسيين لما حدث في مصر، فإنّ السبسي أقرب في توجهاته وعلاقاته إلى المعسكر المحافظ العربي، مقارنةً بالمرزوقي الذي بقي أميناً على وفائه للحظة الربيع الديمقراطي العربي التي جاءت به إلى الحكم بالتحالف مع الإسلاميين!
هل ثمّة نتائج نهائية مرتبطة بهذه التطورات، عنوانها طيّ الفصل الأخير من 'الربيع العربي'؟! أعتقد أنّه من المبكّر الوصول إلى هذه الاستنتاجات الحاسمة. ولربما انتقلنا إلى مرحلة جديدة من مراحل الصراع الداخلي في المنطقة، وإلى إعادة تموضع من قبل القوى الإقليمية والمحلية ومراجعة للحسابات من قبل الجميع!
ربما نجح المعسكر العربي المحافظ في كسب جولة تكتيكية مهمة، إلا أن هناك مرحلة طويلة صعبة وخطرة مقبلة. إذ ما يزال الوضع في العراق متدهوراً، كما هي الحال في سورية. كما أن لبنان يخضع لتلك الأزمات المتأججة. والحال كذلك في اليمن وليبيا. بينما ما يزال النظام العربي الإقليمي في وضع أقل بكثير من الإجابة عن التساؤلات المتعلقة بكل من جمود التسوية السلمية وتدهور الأوضاع في الضفة الغربية من جهة، ونمو النفوذ الإيراني وتمدده في المنطقة من جهة أخرى.
ما هو أهم من هذا وذاك، المعضلات الاقتصادية التي ما تزال تئن تحت وطأتها شرائح واسعة من المجتمعات العربية. وتبقي المطالب بحكم سياسي جيد، ديمقراطي أو رشيد، أقل دكتاتورية وأنظف وأكثر عدالة، تمثل هاجساً رئيساً للطبقة الوسطى التي أشعلت الثورات العربية، وهو ليس من الأمور التي يمكن وأدها وقمعها على المدى البعيد!
الحلم الديمقراطي والبحث عن العدالة والحرية والكرامة، هي مطالب مشروعة، بوصفها حقوقاً إنسانية طبيعية مؤجلة في عالمنا العربي. وإذا كانت المعركة اليوم بين الأنظمة وقوى الإسلام السياسي قد مالت لصالح هذه الأنظمة، فسيرتكب كثيرون خطأ فادحاً إن ظنوا أنّ ذلك انتصار على القيم والمطالب التي مثّلت شعاراً لثورات الربيع العربي.
على أعتاب العام المقبل وأمام مرحلة جديدة، أظن أنّ الجميع معني بالتفكير جيداً في رهاناته، وتقييم الموقف بصورة أكثر واقعية وحكمة وعقلانية؛ الأنظمة المحافظة، وقوى الإسلام السياسي، والمجتمعات وأبناء الطبقة الوسطى.
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو