على مدار الساعات الماضية، تجاوز عدد الشهداء 400 شخص، بينهم عشرات الأطفال والنساء، فيما أصيب أكثر من 500 آخرين بجروح بليغة، في واحدة من أكثر الليالي دموية منذ بدء العدوان. لا فرق لدى آلة القتل الإسرائيلية بين الأهداف، فالمنازل تُهدم بمن فيها، والمستشفيات تُقصف، والملاجئ لم تعد مكانًا آمنًا، بينما تتحدث حكومة الاحتلال عن "أهداف عسكرية"، وكأن قتل عائلة كاملة أصبح مجرد عملية "دفاع عن النفس" في عرفهم.
القانون الدولي، الذي لطالما تشدقت به القوى الكبرى، يقف اليوم عاجزًا أمام هذه الجريمة المستمرة. اتفاقيات جنيف ونظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، كلها قوانين ومواثيق لم تكن يومًا عائقًا أمام استمرار المجازر. فإسرائيل تدرك أنها فوق القانون، وأن الدعم الأمريكي والغربي سيظل يحميها من أي مساءلة، ما دامت المصالح السياسية والاقتصادية تتطلب ذلك. مجلس الأمن، الذي اجتمع أكثر من مرة، لم يتجاوز عبارات "القلق البالغ" و"الدعوة إلى ضبط النفس"، وكأن هذه العبارات تكفي لوقف القذائف التي تمزق أجساد الأطفال أو تمنع الطائرات الحربية من التحليق فوق الأحياء السكنية.
الصمت الدولي ليس مجرد تخاذل، بل هو تواطؤ يمنح الاحتلال الضوء الأخضر لارتكاب المزيد من الجرائم. بينما تُفرض العقوبات على دول أخرى بحجة انتهاكات حقوق الإنسان، تبقى إسرائيل كيانًا محصنًا من أي عقاب، بل وتحظى بدعم سياسي وعسكري مفتوح، يعزز من بطشها ويؤكد أنها قادرة على فعل أي شيء دون أن تخشى العواقب. ولكن، إلى متى؟ إلى متى ستبقى هذه الجرائم تمر دون حساب؟ إلى متى سيظل العالم يرى في الدم الفلسطيني مجرد خبر عابر لا يستدعي الغضب أو التحرك؟
في المقابل، فإن هذا العدوان لن يحقق لإسرائيل شيئًا سوى المزيد من المقاومة والصمود. عقود من الاحتلال والقمع لم تكسر إرادة الفلسطينيين، ولم تجعلهم يتنازلون عن حقوقهم، بل زادتهم إصرارًا على استعادة وطنهم. غزة، رغم الدمار والحصار، لا تزال تقاوم، لا تزال تقول إن الاحتلال لن يكون أمرًا واقعًا مقبولًا، وإن هذه الجرائم، مهما بلغت وحشيتها، لن تطفئ جذوة النضال من أجل الحرية والاستقلال.
اليوم، ومع استمرار هذا العدوان، لا يكفي أن تصدر بيانات الشجب والإدانة، ولا يكفي أن تعبر الدول العربية والإسلامية عن "استنكارها الشديد". المطلوب هو تحرك حقيقي وفاعل، تحرك يجعل الاحتلال يدفع ثمن جرائمه، ويضع حدًا لهذا التغول الذي تجاوز كل الحدود. غزة لا تحتاج إلى كلمات المواساة، بل إلى موقف حازم يوقف هذه الحرب المستمرة منذ عقود، ويعيد للإنسانية بعضًا من مصداقيتها التي فقدتها أمام هذا الصمت المخزي.
-
أخبار متعلقة
-
الشركة الأردنية الفلسطينية: تعاقدات لتصدير 4 آلاف طن خضروات إلى أوروبا
-
2700 شخص يستفيدون من مشروع تعزيز قدرة اللاجئين للاعتماد على الذات
-
الأمن يضبط مركبة ظهرت في فيديو يقودها صاحبها من المقعد المجاور
-
421 مليون دينار قيمة قروض بطاقات الائتمان حتى آب من العام 2025
-
بلدية إربد تواصل تنفيذ خطتها لتعبيد الطرق وتحسين واقع النظافة في المدينة
-
الغذاء والدواء تنفذ 5 آلاف جولة تفتيشية على المنشآت الغذائية خلال أيلول
-
إخماد حريق مركبة في متنزه غمدان دون إصابات
-
تعليمات جديدة للمركبات: موافقات أوروبية وخليجية إلزامية