الخميس 02-05-2024
الوكيل الاخباري
 

أوروبا إلى أين؟



ثلاثة تطورات في الصراع الدائر بين روسيا ودول حلف الأطلسي، تدفع إلى الاعتقاد بأن القارة الأوروبية بأكملها تتجه نحو أزمة آخذة في التعقيد من يوم إلى يوم، وأوروبا هي قلب العالم إذا جاز التعبير، وأزمتها ستصيب مناطق عديدة من العالم، وخاصة منطقة الشرق الأوسط.اضافة اعلان


ميدان المعركة العسكرية هو أوكرانيا حتى الآن، وإذا أضفنا إلى ساحة المعركة ساحات الدعم والإسناد، والأطراف ذات العلاقة بالعقوبات الاقتصادية على روسيا فتلك هي الحرب العالمية الثالثة، بشكلها الجديد، أو في مرحلتها الأولى، وذلك هو التطور الأول الذي يبدو في ظاهره نوعا من الضغط لكي تنهي روسيا عملياتها العسكرية في أوكرانيا، ولكنه أقرب ما يكون إلى تطور يتحول تدريجيا إلى ترتيبات دائمة من شأنها إحداث تغيير جذري في مفاهيم وآليات العولمة، والعودة إلى مرحلة التكتلات الاقتصادية المنعزلة عن بعضها!

التطور الثاني هو ما يمكن تسميته «خصخصة الحرب» في أوكرانيا على خلفية دعوة الرئيس الأوكراني زيلينسكي الأجانب من كل أنحاء العالم للانضمام إلى ما أسماه اللواء أو الفيلق الدولي، ذلك التوجه الذي رد عليه الرئيس الروسي بوتن «إذا أردتم أن نلعب هذه اللعبة فهناك آلاف مستعدون للقتال إلى جانبنا» وأقل ما يمكن وصف كل هؤلاء من الجانبين بالمرتزقة الذين لا يمنعهم شيء من القتال مقابل أجر، خاصة في غياب دافع عقائدي أو أيديولوجي، وتلك لعبة قديمة، ها هي تتجدد في أوروبا، وربما تستوطن لفترة طويلة من الزمن، فأي بلاء قد يصيبها إن سمحت بحدوث تطور من هذا النوع؟

التطور الثالث هو الكشف عن مختبرات للتجارب البيولوجية، التي تقول روسيا إنها مختبرات تابعة لأميركا، ضمن مشاريع الحرب البيولوجية، ونشر الأوبئة، الأمر الذي يفتح السؤال الكبير حول فيروس كورونا، الذي أشغل العالم على مدى العامين الماضيين، وتسبب في خسائر فادحة في الأرواح وفي الاقتصاد الدولي، وما يزال.

لم تتردد روسيا بعرض هذه القضية على مجلس الأمن الدولي، وعلى المنظمات الدولية المتخصصة، في الوقت الذي رفضت فيه أميركا تلك الاتهامات، مشيرة إلى أنها تقدم المعونة فقط لتلك المختبرات في مجالات التجارب البيولوجية، من أجل تعزيز قدرة أوكرانيا على مواجهة الأوبئة، ومنها وباء الكورونا، ومتهمة روسيا بأنها على وشك استخدام الأسلحة الكيميائية في حربها على أوكرانيا، وتلك هي حرب التشويه والشيطنة المتبادلة بينهما، وتلك هي الصورة التي تزداد قباحة لطبيعة النظام العالمي القائم حتى الآن، فما هو شكل النظام الذي سيتشكل لاحقا، انطلاقا من قارة أوروبا، التي أشعلت الحربين العالميتين الأولى والثانية؟

تلك تطورات لا تبشر بخير، وكثير من قادة دول العالم يتجهون بأنظارهم بعيدا عن دول الاتحاد الأوروبي، أي نحو الولايات المتحدة الأميركية، التي أعلنت بوضوح أنها ليست مستعدة لمواجهة روسيا عسكريا، يتطلعون إليها الآن على أمل أن تطل إدارة الرئيس بايدن بعقلانية وبعد نظر تجاه مصير العالم، ومصالح الشعوب وأمنها واستقرارها، بل تجاه مستقبل حلفائها في حلف الأطلسي، والمعسكر الغربي، فتوقف تلك الأزمة عند هذا الحد، وذلك عن طريق التفاوض المباشر بينها وبين الإدارة الروسية، فإذا لم يتحقق أمل من هذا النوع، قد يأتي زمن تلعن فيه أوروبا خصمها، وتلعن حليفها معا.