الخميس 28-03-2024
الوكيل الاخباري
 

الأنا المتورمة عند وزراء هذه الحكومة



يطلب رئيس الوزراء، ممن حوله وحواليه، أن لا يتحدثوا إلى الإعلام، إلا بالتنسيق مع وزير الإعلام، من أجل ضبط الرسائل، وتوحيدها، وسط حالة الانفلات التي لمسناها مؤخرا.اضافة اعلان

هذا أمر جيد، لأن هناك سباقا محموما من الوزراء وتنافسا مكشوفا بحثا عن الشهرة، في أغلب الحالات، هذا على الرغم من أن المشهد الداخلي، لا يحتمل كل هذا القفز فوق أكتافنا، استثمارا لجائحة كورونا، تحديدا، وأنا أعتقد أن ظهور وزير الإعلام، ووزير الصحة، كاف ومنتج، بشأن الملفات المرتبطة بالوباء، وأي ظهور لوزراء آخرين، يجب أن يكون من خلال المؤتمر الصحفي الأسبوعي الذي يعقده وزيرا الإعلام والصحة، في رئاسة الوزراء، فقط، وليس عبر منصات ثانية، من أجل توحيد الخطاب، والاتفاق مسبقا، على ما يقال وما لا يقال، وتخفيف نبرة الحديث عن الأزمة، حتى تعود البلد تدريجيا إلى وضعها الطبيعي.

إذا كان بعضنا ينتقد الحكومة السابقة، إلا أنها بلا شك أظهرت تماسكا فريدا من نوعه في أزمة الوباء، وليس أدل على ذلك من الثنائية الوازنة، ثنائية العضايلة – جابر، ثم ظهور الحكومة بصورة موحدة تحت مظلة هذه الثنائية من خلال المؤتمرات الصحفية والملخصات، سواء في رئاسة الوزراء، أو مركز الأزمات، وهذا كان يعزز الروح المعنوية، كوننا أمام فريق ينسق مع بعضه البعض، ويوحد الرواية الحكومية، والرسائل النهائية للناس.

لقد قيل لرئيس الحكومة الحالي الواعد في موقعه، إن لديه ألغاما عائمة في حكومته، وهذا الكلام قيل منذ البداية، خصوصا، ممن يبحثون عن الشهرة، والأضواء، ولا يستطيعون إلا الانفلات من ضوابط العمل الرسمي وقيوده، ولو عدنا إلى تحليل مضمون الإعلام الأردني، لوجدنا أن كثرة من الوزراء تظهر في الإعلام، وفي حالات كثيرة، يقدمون رؤى متناقضة، ويؤكدون الدلالة على بحثهم عن مجد شخصي، حتى لو أدى ذلك، كما في بعض الحالات، إلى إصدار قرارات ونسبها للحكومة الحالية، فيما هي متخذة من عهد الحكومة السابقة.
أقصد هنا مثلا، قرار رفع الحد الأدنى للأجور، الذي تم اتخاذه مرتين في عهد الحكومة السابقة، ثم تقرر تأجيله، بسبب الظروف الاقتصادية، وعادت الحكومة الحالية، وأصدرته، ولم تكن شفافة في البدايات وقدمته باعتباره قرارها المتفرد، حتى اضطر بعض من في الحكومة السابقة أن يسرب ويوضح جذر القصة، بما أجبر الحكومة الحالية على تعديل روايتها والإشارة إلى أن هذا القرار قديم، لكنه لم يفعّل لاعتبارات الأزمة الاقتصادية.

التهجم على الحكومة الحالية، ليس لائقا، إلا لدى أصحاب الأجندات، لكننا نتحدث بصراحة أن كثرة تصريح الوزراء، ورشقهم إيانا بالكلام في كل الملفات، عزز من أزمة كورونا، ولم يخفف منها، كما هو مفترض، وتم الأمر بطريقة فوضوية، ولربما على رئيس الوزراء، ضبط إيقاع هؤلاء، كما أشرنا في مقالة سابقة، وتخفيف الظهور أيضا، حتى نساعد الناس، أن يخرجوا من وطأة الأزمة، وهذه إحدى مهمات الحكومة الحالية، وهناك دول عربية وأجنبية لديها أزمة كورونا، لكن حياتها وإعلامها طبيعي إلى حد كبير، لأن استعادة الحياة، مخرج النجاة الوحيد، في هذا العالم، وليس الانغلاق داخل دائرة الوباء فقط.

الأنا المتورمة لدى بعض وزراء حكومة الخصاونة هي المشكلة، إذ إن بعضهم ينظر في المرآة ويرى نفسه عشرة أضعاف حجمه الحالي، ولربما هذه هي طبيعة فلان التكوينية، أو طبيعة علان النفسية، لكننا نتحدث هنا عن فريق وزاري، لا يراد له أن يظهر بصورة الفريق الضعيف المهلهل، فيرسل الوزراء فاتورة فشلهم أو سوء إدارتهم إلى الرئيس ذاته، بسبب حالة الانفلات، وكأننا أمام منتخب كرة قدم، حارس المرمى يلعب فيه في الهجوم، ولاعب الهجوم يصفق مع الجمهور في المدرجات، ولاعب الدفاع يبيع البيبسي والساندويشات عند مدخل الاستاد، والجمهور نصفه على أرض الملعب، يشاغب هنا وهناك.

حسنا تلك الخطوة التي اتخذها الرئيس، وهي محل تقدير، والأهم المتابعة، والالتزام على المدى الطويل، وأن يخرج الرئيس بخلاصات عميقة، يستعملها في أول تعديل، ليتخلص من الحمولة السائدة في سفينته، فالموج مرتفع، والسماء ملبدة بالغيوم، والبرق من فوقنا، والرعد من حولنا، ولا نجاة إلا برحمة الله، قبل كل شيء، من هذا الوباء وكلفته الكبيرة.