الثلاثاء 23-04-2024
الوكيل الاخباري
 

الانسحاب الروسي من سورية




بسبب النزاع الدائر في أوكرانيا، مزيد من المعلومات الموثقة تقول بأن روسيا تعيد انتشار بعض من قواتها الموجودة في سورية، في خدمة العملية العسكرية الدائرة في أوكرانيا.اضافة اعلان


هذا أمر كبير وإستراتيجي لنا في الأردن والمنطقة، حيث إن الوجود الروسي في سورية عمل على إحداث توازن، وأدخل قواعد اشتباك، وإعادة جزء من الاتزان لمعادلة الأمن في سورية، بعد أن تراجعت قدرة سورية العسكرية والأمنية ما جعلها ميدانيا لحروب الإقليم.

المشهد السوري في غاية التعقيد الإستراتيجي، تتفاعل فيه قوات عسكرية إيرانية وتركية وأميركية وروسية وإسرائيلية وكردية وحزب الله.

نعم كل هذه الجهات لديها دور عسكري ما في سورية، ما جعل سورية صفيحا من اللهيب العسكري، قابلا للانفجار في أي لحظة، وجعلها ميدان حرب وتصفية حسابات من لدن قوى عديدة لا تشاء أن تتحارب مباشرة، تفضل الحرب غير المباشرة من خلال زج قواتها في سورية.

نسوق هذه المقدمة لنمحص بالدور الذي يلعبه التواجد العسكري الروسي في سورية، وقد حقق ذلك شيئا من التوازن، والأهم، أنه عمل على موازنة التغول الإيراني الكاسح والذي يعمل على طريقة الزحف الميداني غير المرئي، وبطريقة البناء من أسفل إلى أعلى.

لروسيا سيطرة جوية في سورية، وهذا مهم، ولكن السيطرة الميدانية في غالب سورية، خاصة في الجنوب، هي لإيران وأذرعها، وهي تستخدم هذا المكتسب العسكري، لبناء عوامل تهديد متقدمة لدول الإقليم، تمارس حرفتها الأساسية بتصدير اللااستقرار.

الخيار واضح أمام السوريين وغيرهم، في أن الدور الروسي يوازن ويكبح جماح إيران في سورية، ما جعل كثيرين بما فيهم السوريون يفضلون روسيا، فإيران بالنسبة لهم صديق مفيد ولكنه ثقيل وتكلفته عالية، يتعارضون معه أيديولوجيا كدولة علمانية.

إسرائيل أيضا مستفيدة من التواجد الروسي، فهو الذي يسمح لهم بالضربات الجوية على الأهداف الإيرانية دون اعتراض عسكري من أي نوع.

لكل ذلك، بات الوجود الروسي مهما من ناحية إستراتيجية، يفضله الجميع بما في ذلك الأردن، لأن بديله إيران، التي تعمل ليل نهار، وبطريقة لا مرئية، لتبني وجودها، وتعظيم تهديدها، كيف لا وهي التي نظرت للأزمة السورية، على أنها إحدى أهم حلقات تمددها الإستراتيجي من طهران، مرورا بالعراق، والآن سورية، وصولا لحزب الله والمتوسط.

إيران الآن على حدود الخليج والسعودية والأردن وإسرائيل، وهذا يعني كل أنواع المخاطر الأمنية التي لن تنتهي، يتطلب تفكيرا وازنا عاقلا وإستراتيجيا، يتجاوز استخدام آليات الردع العسكري التي لن تكون كافية.

جزء من الحل في دمشق وطهران، فمع الأولى، وإذا ما استعادت سورية قدرتها ربما سيوقف هذا شيئا من التمدد الإيراني الزاحف في الداخل السوري، ومع الثانية، فلا بد أن تذوق طهران جزءا مما تذيقه لمحيطها، خاصة إذا ما أخفق الحوار الإستراتيجي معها، والتوقعات أنه بالنسبة لها مجرد ملهاة.