الجمعة 29-03-2024
الوكيل الاخباري
 

الحوار والتفاهمات الوطنية قبل الانتخابات



حسم الملك أمر الانتخابات النيابية بصدور ارادته الملكية بإجرائها، وسارعت الهيئة المستقلة لتحديد موعدها في العاشر من شهر تشرين الثاني(نوفمبر) المقبل، اي لم يعد يفصلنا عنها سوى ثلاثة أشهر.

اضافة اعلان


الانتخابات البرلمانية بعد جائحة كورونا وما خلفته من ازمة اقتصادية رسالة تؤشر الى استقرار الدولة، وسعي محمود لإدامة السلطة التشريعية ودورها، والاهم – وهو الغائب وهو ما يريده الناس ويطمحون له- سلطة مستقلة للبرلمان، وترسيخ حقيقي لآليات العمل الديموقراطي في البلاد.

بدأت الهيئة المستقلة للانتخاب عملها بكل جدية، وكانت على أهبة الاستعداد، فباشرت عملها بحملات للتوعية والترويج، وهذا أول الغيث، وللإنصاف فان الهيئة المستقلة منذ تأسيسها ادت دورا مهما في تعزيز نزاهة الانتخابات وشفافيتها، وأوقفت العبث الذي تعرضت له سابقا.

حتى قُبيل موعد اجراء الانتخابات ستظل هناك اسئلة عن مصير الحكومة والبرلمان الحالي، فان حُلَّ البرلمان حكما ستستقيل الحكومة وستأتي حكومة جديدة، وستتعامل مع تحديات واستحقاقات متعددة ومختلفة.
البرلمان حتى وان لم يُحل فهو في حكم المعطل والمنتهي، وحتى في جائحة كورونا كان غائباً، والاضواء مسلطة على حكومة د. عمر الرزاز وهل ستبقى وتصمد وتستمر رغم العواصف التي تتعرض لها؟
وهذا يقود للسؤال الاكثر اهمية: هل ستغير الانتخابات البرلمانية المقبلة الواقع والمشهد الاردني، وهل ستكون الانتخابات نقطة تحول وانطلاق لتطويق الازمات الداخلية المتصاعدة، وهل سيستعيد مجلس النواب ثقة الشارع ولو جزئيا ومرحليا؟
أكثر ما يقلقني ان تجرى انتخابات نيابية ونعيد انتاج المشهد نفسه الذي نشكو منه، فتبقى الديموقراطية عرجاء من دون قواعد ثابتة، والتوازن بين السلطات مفقود، فما يسأله الناس هو: ما قيمة البرلمان إذا كان عديم الاثر، ولماذا ننتخب إذا كانت تجاربنا السابقة تفضي الى اختيار نواب يتسابقون لتحقيق مصالحهم الشخصية باستثناءات قليلة، ويعقدون صفقات مع الحكومة على حساب المجتمع؟

نقاش طويل حدث في السنوات الماضية عن مكامن الخلل، وسر تواضع تجربتنا البرلمانية، وكثيرون اعادوا السبب الرئيس لقانون الانتخاب، وعدم جدية الدولة في اصلاح الامر لتبقى السلطة التنفيذية صاحبة القول الفصل.
لا أخالف هذه الرؤية، واعتقد ان هناك تفاصيل كثيرة يجب ان تحسم في اروقة الدولة حتى تصبح الارادة السياسية حاسمة في انجاز تحول ديموقراطي بعد ثلاثة عقود على عودة الحياة النيابية عام 1989.
نعيش اليوم أزمة خانقة، والوضع الاقتصادي والاجتماعي والسياسي صعب ومعقد، وتداعياته مرهقة، وفي الوقت ذاته لغة الحوار معطلة، والصراع والمكاسرة نهج يسود ويتعمق، والحريات العامة تتراجع وتواجه تحديات غير مسبوقة، والسؤال المطروح الآن: كيف نذهب في ظل هذه الاجواء لانتخابات، وماذا ستفرز، وهل مناخات الاحباط تشجع على الذهاب لصناديق الاقتراع، وماذا لو ارتفعت اصوات تدعو لمقاطعة الانتخابات؟

دائما أدعو لان تكون الانتخابات بمواعيد واستحقاق ثابت حتى لا تتحول للغز، ولكني اريد للانتخابات المقبلة ان تسهم في انتقالنا خطوة للأمام، وفي تثبيت دعائم البناء الديموقراطي، وليست كرنفالا واحتفالية لا تغير مداميك الواقع.
المطلوب الان وبشكل عاجل نزع صواعق كل الانفجارات المجتمعية، وازالة كل مظاهر الاحتقان بالشارع، والعودة الى حوار وطني منتج وملزم، واحترام قواعد العمل الديموقراطي، ووقف كل انتهاكات حقوق الإنسان وخروقاتها، وفتح الفضاء للعمل المدني والنقابي دون قيود، والبحث في مقاربات جديدة للإصلاح الاقتصادي والسياسي.

إذا لم نسابق الريح لإعادة بناء التفاهمات والتوافقات الوطنية فالانتخابات البرلمانية لن تحدث فرقا، وسنظل نراوح في المكان نفسه، والازمة تتناسل منها ازمات جديدة، ولكم في أزمة نقابة المعلمين نموذج وعبرة.