الجمعة 19-04-2024
الوكيل الاخباري
 

الصدام الكبير



 
أقوى وأوضح موقف تصد لمحاولات نتنياهو ضم أراض بالضفة وشريط غور الاردن ذلك الذي أطلقه الملك عبر منبر دير شبيغل الالماني المهم. الملك يقول لإسرائيل ويسمع العالم ان هذا الضم سيترتب عليه “صداما كبيرا” مع الاردن الذي يدرس كافة خياراته بمواجهة هذه الخطوة الاسرائيلية التي تمس المصالح الاستراتيجية العليا للدولة الاردنية المرتبطة بقيام دولة فلسطينية على خطوط الرابع من حزيران 1967 وعاصمتها القدس الشرقية. الملك تحدث كرجل دولة وأراد استمالة العالم لموقفه فقال بلغة دبلوماسية رصينة انه لا يريد ان يطلق التهديدات او ان يخلق المشاحنات، لكن سيكون هناك صدام كبير وان كافة الخيارات امام الأردن مفتوحة.اضافة اعلان


لا يستند الملك في موقفه القوي لقوة الشرعية والقانون الدوليين فحسب، بل التوازنات السياسية التي تقول ان العلاقة بين الاردن واسرائيل علاقة منفعة متبادلة الطرفان مستفيدان منها، وان بينهم معاهدة تؤطر وتنظم هذه العلاقة، وقد وقع الاردن على هذه المعاهدة لأنها تحافظ على مصالحه الاستراتيجية، والمعاهدة تنص حرفيا عن امتناع اطراف المعاهدة من اتخاذ اي اجراء احادي قد يسبب الضرر لمصالح الطرف الآخر، فإن كانت المعاهدة لا توقف اسرائيل عن المساس بمصالح الاردن الحيوية فما حاجة الاردن بها، وان كانت العلاقة الثنائية لا تثني اسرائيل عن الإمعان بقتل حل الدولتين فمن المنطقي ان يعيد الاردن حساباته الثنائية مع اسرائيل، والاردن يملك بالفعل أوراق ضغط سياسية، دبلوماسية، امنية، اقتصادية، واستراتيجية قادرة على قض مضاجع نتنياهو.

الأثر الاستراتيجي العميق لموقف الملك بزمانه ومنبره يكمن في انه يخلق البيئة ويمهد الطريق للدفع للامام بالمواقف الأوروبية والعربية الرافضة لسياسة الضم الاسرائيلية والتي ما تزال ترى في حل الدولتين انه المخرج السلمي العادل للصراع الدائر، كما تفتح مقابلة الملك المجال وتعطي ذخيرة وقوة لمناهضي سياسة الضم داخل الولايات المتحدة وداخل اسرائيل. قبل المقابلة الملكية، كانت كثيرا من المواقف اما رمادية او غير موجودة بانتظار حدوث الضم ومن ثم الاكتفاء بإدانته. كان ذلك وضعا خطيرا للغاية وهو تماما ما يعتاش عليه نتنياهو الذي يستمر بالقول ان القضية الفلسطينية ليست اولوية وانه سيمضي بمخططه ولن يجد صعوبات او مواجهات تذكر لتحقيقه.

بعد هذه الخطوة الكبيرة، مطلوب جهد دبلوماسي وامني مكثف في المرحلة القادمة للبناء على موقف الملك القوي والاستراتيجي. شهر حزيران يجب ان يكون الشهر الاكثر كثافة بالعمل لسفرائنا ليطلبوا من الدول التي تستضيفهم مواقف واضحة معلنة من الضم، وان يشبكوا من السفراء العرب والمسلمين للدفع بإتجاه عمل جماعي منسق لشرح والتحذير من خطر الضم، ويجب ايضا ان يسمح لهم بالاشتباك مع الاعلام في الدول التي يعملون فيها في محاولة للتأثير بالرأي العام خاصة دبلوماسيينا في اسرائيل فلا يجوز ان نبقى نتحدث اعلاميا مع انفسنا ولدينا خيرة الدبلوماسيين القادرين على الاشتباك الاعلامي المقنع. كما ويجب استثمار القنوات الامنية التي تتمتع بكم كبير من المصداقية والاحترام لدى العالم واسرائيل لشرح موقف الأردن وخياراته العديدة الدبلوماسية والسياسية والاقتصادية والاستراتيجية والامنية.