الجمعة 29-03-2024
الوكيل الاخباري
 

حماس في عمّان: زيارة إنسانية أم سياسية؟



لم تنقطع العلاقة بين عمان وحماس منذ اغلاق مكاتبها قبل نحو 22 عاماً، لكنها ظلت “منضبطة” ومحسوبة لاعتبارات سياسية، ووفق قنوات إنسانية غالباً وأمنية أحيانا، ربما كانت الزيارة الأولى لرئيس مكتبها السياسي السابق، خالد مشغل، ولقاؤه مع الملك (تموز 2012) اول مناسبة لكسر حالة (القطيعة السياسية)، لكن لا يتردد المسؤولون على الطرفين من التأكيد دائماً على ان الاتصالات بينهما مستمرة، وان كانت اللقاءات “نادرة” وفي مناسبات اضطرارية أو إنسانية.اضافة اعلان

بعد “حرب غزّة” الأخيرة (أيار الماضي) أعيد طرح سؤال العلاقة الأردنية مع حماس مرّة أخرى، كان مزاج الشارع الأردني آنذاك منحازاً -بشكل واضح- للانتصار الذي حققته المقاومة في (11 يوماً) ضد الاحتلال، وكانت المواقف الرسمية قد استثمرت بشكل جيّد بالرسائل التي خرجت من الاحتشادات والاعتصامات، وقتها سألت إحدى المرجعيات السياسية الأردنية عما اذا كان الأردن معنيّا باستعادة ورقة “حماس” في سياق التحولات التي طرأت على القضية الفلسطينية، وتأثيرها على مصالحنا الوطنية، فأجابني بأن الأردن على اتصال مع قيادات حماس، لكنه يعرف عنواناً واحداً للفلسطينيين وهو “السلطة الفلسطينية”، ولا نفكر بالتعامل مع أي عنوان آخر.
في نهاية حزيران الماضي جرى ترتيب لقاء في الدوحة بين مسؤول أردني ومسؤولين من حماس، وتم التباحث – بطلب من حماس- حول إمكانية زيارة رئيس المكتب السياسي، إسماعيل هنية، لعمان، لكن ذلك لم يحظ بموافقة أردنية، او ربما تم تأجيل الرد على هذا الطلب، لكن يبدو ان استعادة الأردن لدوره الإقليمي بشكل عام، ودوره السياسي اتجاه الفلسطينيين وقضيتهم بعد انتهاء “حقبة” ترامب وصفقة القرن، ثم ما جرى بعد حرب غزة على صعيد الداخل الفلسطيني والإسرائيلي ايضاً، أعاد من جديد – سؤال العلاقة مع حماس الى ذاكرة “القرار” الأردني.

على إيقاع “تشييع” جنازة المرحوم، إبراهيم غوشة، وما ردده المشيعون من هتافات عكست مكانة حماس وحاضنتها الاجتماعية، حاولت حماس ان تبعث بأكثر من رسالة، سواء على لسان هنية الذي يزور الأردن للمرّة الأولى او على لسان مشعل الذي ما يزال يحمل الجنسية الأردنية، مضامين الرسائل كانت واضحة تماماً، وقد سبق وان سمعتها من السيد مشعل في آخر لقاء معه، قال: لدينا في حماس أربعة محددات ترسم علاقتنا مع الأردن، الأول: أمن الأردن وهو مقدس بالنسبة لنا، الثاني: لا نتدخل في الشأن الأردني، الثالث: الحركة الإسلامية في الأردن “جماعة وطنية” وعلاقتنا معها كعلاقتنا مع أي حركة إسلامية أخرى، تقوم على الاحترام المتبادل والواجب المشترك، اما المحدد الرابع فهو اننا ضد التوطين والوطن البديل، وضد التدخل في قضية “المواطنة”، لأن اللاجئ الفلسطيني حيِثما كان يبقى ضيفاً ويجب ان يحترم أصول الضيافة.

زيارة قيادات حماس -إذاً- لعمان، سواء جاءت في سياقات “إنسانية” مفهومة او بترتيب من طرف ثالث، تؤسس -في تقديري- لمرحلة جديدة من العلاقات السياسية بين حماس وعمّان، الأمر الذي يعكس ما يفكر به الأردن سياسياً تجاه “مستجدات” المرحلة المقبلة، وأكاد أقول تجاه “التحالفات” والصراعات التي تعكسها “مرايا” الحالة الفلسطينية تحديداً والعربية والإقليمية بشكل عام، ابتداء من “قمة بغداد” الى استعادة “دمشق” وصولاً الى ترسيم حدود النفوذ الإيراني والتركي والإسرائيلي ايضاً….