الجمعة 29-03-2024
الوكيل الاخباري
 

رئيس الفترة الواحدة ترامب



تنحصر بتدرج قاعدة الدعم الانتخابية للرئيس الاميركي بجزء من الحزب الجمهوري تقع على اقصى اليمين. حتى المحافظين من غالب الجمهويين الوسطيين لم يعودوا يدعمونه، ويدركون الاذية التي أحدثها للحزب وتقاليده التي تكسبه القبول من جمهور الناخبين. ليس هذا أهم الامر، فرئيس الحزب الجمهوري رئيس الولايات المتحدة بدأ يفقد قبوله وتأييده من قبل النخب المستقلة الوازنة، وأيضاً من قبل البيروقراطية الاميركية، ومؤسساتها التي لم يدخر ترامب جهداً للنيل من مصداقيتها وتحطيم استقلالها ومهنيتها، لا لشيء إلا لتحقيق انتصارات سياسية ذاتية حتى لو كانت على حساب مصداقية المؤسساتية الاميركية غير الحزبية.اضافة اعلان


حق أي رئيس منتخب أن يعتبر انتخابه بمثابة التفويض من قبل الشعب لتنفيذ برامجه التي خاض انتخابات على أساسها، لكن واجبه أن لا يقدم هاجس حماية رصيده السياسي وشعبويته المفرطة على مصالح بلاده التي يرأسها. هذا تماماً ما حدث في تعامل الرئيس ترامب مع البيروقراطية التي وقفت بوجه سلوكه السياسي في قضية اوكرانيا ومحاولته الحصول على معلومات عن منافسه المتوقع في الانتخابات جو بايدن. شهادة السفيرة الاميركية في اوكرانيا، وبيروقراطيون آخرون في البيت الابيض، تشير بوضوح لعدم قبول المؤسساتية الاميركية لسلوك الرئيس ترامب، وشعور كثير من البيروقراط الاميركيين في الميدان أن رئيسهم أضعفهم ونال من مهنيتهم واحترام نظرائهم لهم.

تعامل الرئيس الاميركي مع ملف سورية، والمعارضة السورية، وحلفائه الاكراد، يدل أيضاً على عدم اهتمام أو احترام الرئيس الاميركي للجهود التي يقوم بها منفذو السياسات الاميركية في الميدان. تارة يعلن وقف دعم وتدريب قوات المعارضة السورية، تماماً في ذات الوقت الذي كانت قواته تدربهم على مواجهة تنظيم داعش الارهابي. وتارة أخرى، يتخلى عن ويكشف ظهر حلفائه الاكراد الذين كانوا يحاربون الارهاب مع قواته والقوات الدولية بنفس الخندق. وآخر إبداعات الرئيس الاميركي تبريره إرسال قوات للخليج في أنها ستكون مدفوعة الثمن! في تشخيص معيب ومحرج، يُظهر قناعة الرئيس أن جنود بلاده يعملون مقابل المال، وليس لحماية مصالح بلادهم وحلفائها كما تفعل جيوش الدول ذات السيادة.

لنا أن نتخيل الضيق والحرج وفقدان المصداقية الذي عانى منه منفذو السياسة الاميركية في الميدان بسبب سلوكيات رئيسهم، التي لم تكتف بعدم أخذ النصيحة البيروقراطية المحترفة، بل تجاهلت تماماً ضرورة الحفاظ على مصداقية من ينفذون السياسات، وضربت بشكل عميق مصداقية الولايات المتحدة مع حلفائها وأعدائها على حد سواء. قصر نظر استراتيجي شعر به الحلفاء، ثم وزراء إدارة ترامب العديدون المستقيلون، وها هم الان البيروقراطيون من غير الحزبيين يفعلون الشيء ذاته.

المشهد السياسي برمته، وسلوك البيروقراطية الاميركية المحايدة حزبياً والمحترفة مهنياً، الممتعض من سلوكيات الرئيس، تشير أن ترامب لن يتم انتخابه مرة ثانية، فهو لا يستحق إلا أن يكون رئيس المرة الواحدة.