الجمعة 03-05-2024
الوكيل الاخباري
 

ستون عاما ونيف



 
قبل سنوات تجاوزت الستين، كنت وما زلت خاليا من الأمراض السارية والمعدية، فول أوبش (عدا الجير)، وهذا إنجاز مريح، أن تصل إلى سن الوفاة بكامل لياقتك البدنية والنفسية، سيما وقد تبرعت قبل سنوات بكل ما أملك – أقصد جسدي-للأعمال الخيرية، عن طريق صديقي الحبيب موسى حجازين.اضافة اعلان


في ذلك الوقت أهدتني زوجتي طاولة تنس، لغايات حرق الدهون، وليس للمشاركة في دوري التنس المحلي بالتأكيد، مع أن ساقي تعرضت الى كسور متعددة، حينما سقطت عليها وأنا العب التنس في بيروت قبل أكثر من أربعين عاما، في سنتي الجامعية الأخيرة. أنا مرتاح حاليا، فلن يجد التنس ما يكسر فيّ، فقد تيبّس كل شيء، عدا قلبي وشعري.

ما يزال في قنديلي القليل من الزيت الذي لم أهرقه بعد في محاولة إنارة طريقي إلى مستقبل أقل ظلما، وليس أكثر عدالة، فلا عدالة في العالم قط. العدالة مفهوم افتراضي تماما، لا وجود له إلا في قلوب الضعفاء، الذين يعتقدون بأن سيف العدالة سوف يقتص لهم من الظالمين والمحتلين والقتلة وسارقي آمال الناس وطموحاتهم.

لم يتغير شيء .... أطبخ كل يوم تقريبا، واقرأ كل يوم، وأكتب كل يوم، وكأن الأرض لم تدر بي ملايين المرات حول نفسها وعشرات آلاف المرات حول الشمس.وسوف أردد في نفسي دائما، بيت زهير بن أبي سلمى، الذي قال فيه بعد أن بلغ من العمر عتيا:

رأيت المنايا خبط عشواء من تصب

تمتّه، ومـن تخـطئ يعمّر فيـهرم

والمقصود أن الموت مثل الناقة العمياء التي تمشي بتخبط، فتدهس من لا تراه وبلا تخطيط، وتترك ما لا تراه حيا، بلا تخطيط ايضا.... إنها خبط عشواء التي تتحكم بحياتنا ومماتنا، وبالصدفة المحض، وأنا موجود بينكم حتى ساعة اعداد هذا البيان، فقط لا غير.

إنها الستّون، لا بل السادسة والستون (ليش الكذب؟).

وأنا بإنتظار ناقتي العشواء – على مضض طبعا-سوف أبقى طفلا اهوجا وأهبلا ومفرط السذاجة كما كنت وكما صرت وكما أنا .... نيني نيني نيني كع كع.