الخميس 25-04-2024
الوكيل الاخباري
 

قبل أن يختار الرئيس وزير الصحة!



أرقام مرعبة تلك التي بتنا نسجلها يوميا لأعداد المصابين بفيروس كورونا، فقد اقتربنا من كسر حاجز عشرة آلاف حالة. بينما الأرقام تتحدث عن نسب إشغال عالية في مستشفيات القطاع الخاص (100 %) والقطاع العام (75 %)، ما يعكس أن القطاع الصحي اليوم يعيش حالة إنهاك قصوى. على أرض الواقع، الوضع في منتهى الخطورة، ويحتاج إلى تحرك ما، قد يأتي على شكل قرارات تسهم في تسطيح المنحنى الوبائي مرة أخرى.اضافة اعلان

في الجانب الآخر، ما نزال نعاني من سوء وتخبط واضحين في إدارة ملف الفيروس من جهة، ومن الجهة الأخرى، هناك تحديات كبيرة تواجه هذا القطاع، وعلى جميع المستويات؛ العجز عن توفير رعاية طبية لائقة للمصابين بأمراض مختلفة، وشح أطباء الاختصاص والممرضين والفنيين، وأيضا تهالك البنى التحتية لكثير من المؤسسات الطبية.

لكن، إن اتفقنا على أن الهدف من إنشاء أي صرح طبي هو تقديم رعاية لائقة لكل من يحتاجها، فينبغي أن تنتبه الحكومة إلى آلاف المواطنين الذين يعانون أمراضا لا تتصل بكورونا، فهؤلاء في حاجة إلى اهتمام كبير يوازي الاهتمام الذي يخصص لعلاج المصابين بالفيروس.
منذ بدء الجائحة، تقلب على وزارة الصحة عدة أشخاص، ولم يستقر حالها إداريا حتى يومنا هذا. كل وزير جديد يكلف بإدارة الوزارة يقع فريسة ضغط العمل والإنهاك الذي تفرضه الجائحة بوتيرتها المتسارعة، فتضيع بوصلة الإنجاز وتختفي الجودة الطبية.
مهما بلغت خبرة الشخصية الطبية والإدارية التي سيختارها رئيس الوزراء لإدارة الوزارة، فإنها حتما ستبدأ عملها وهي تغوص في وحل من الترهل والتشعب والتشتت، وستخوض حربها بكوادر طبية وصحية منهكة. الوزير اليوم يقضي وقته بعيدا عن مكتبه، وغير قادر على المتابعة الميدانية؛ يحضر اجتماعات مجلس وزراء، اجتماعات في مجلس النواب، اجتماعات لجنة الأوبئة، ومركز إدارة الأزمات. في ظل هذه المعادلة لن ينجح في مهمته حتى لو كان شخصا خارقا للطبيعة.
على رئيس الوزراء بداية، وكما تحدثنا أكثر من مرة، فصل إدارة ملف وباء كورونا عن وزارة الصحة، وتفعيل صلاحيات رئيس لجنة الأوبئة ومنحه الملف برمته، تحت إشراف وزير الصحة. وبالتالي يمكن للأخير أن يتفرغ للتعامل مع معادلة القطاع الصحي التي وصلت اليوم مرحلة خطرة جدا.

الوزير الجديد يحتاج إلى وقت لإعادة ترتيب أوراق وزارته، أو كما قال الملك “تنظيفها”، ووضع خطط للمرحلة المقبلة على مستويات مختلفة، بهدف إعادة بناء المنظومة الصحية برمتها. لا يجوز أن يتسلم الوزير كل الملفات وحده، ودفعة واحدة، فهو لن يجد لا وقتا ولا طاقة لكل هذه الأحمال التي بتنا، كمواطنين، ندرك ثقلها.
القدرة على العمل والإنجاز تكون ممكنة حين تبدو المهام المناطة بأي مسؤول واضحة وجلية ومحددة. لكن تمييع الملفات وحصرها جميعها فوق أكتاف وزير الصحة، سوف يؤدي إلى إنهاكه وإفشاله، ولن تنفع أي جهود مهما كانت جبارة في أن تكون قادرة على تحقيق أي إنجاز.

أي شخص سيتسلم ملف وزارة الصحة في هذه المرحلة الحرجة وعلى هذه الحال من الفوضى والتخبط وتشابك الملفات، سيكون عاجزا عن العمل، وقد تؤدي جهوده المبعثرة إلى تهاوي المنظومة الصحية بسرعة لا يمكن إبطاؤها، لذلك لا بديل، عن فصل إدارة وزارة الصحة، عن ملف كورونا. إن أراد الدكتور بشر الخصاونة تحقيق منجز في القطاع الصحي، فليدرك أن المسألة لا تتعلق فقط باختيار شخص الوزير، وإنما بتقديم كل الدعم له من أجل إحداث فرق حقيقي في حياة المواطن. على الرئيس أن يساعد وزير الصحة المقبل من أجل أن يعمل بهدوء.