الثلاثاء 23-04-2024
الوكيل الاخباري
 

هل تم انتشال الجميع من تحت الركام؟!



نعم؛ سوى غائب واحد، وهو الضمير، الذي ربما ظل مطمورا تحت ركام العمارة المنهارة، ومع النجاحات التي حققها الدفاع المدني وقبله مؤسسة الأمن العام، والعسكر بكل ميادينهم، ومع الجهد المقدس المبارك الذي قدمه الجنود، حين حفروا بأصابعهم لإنقاذ الطفلة ملاك، وغيرها من المصابين الأحياء، نقف وقفة إجلال وإكبار وتعاطف، ونترحم على كل من ذهبوا ضحايا للإهمال والتقصير، ووقفة شموخ واعتزاز بالجنود، وبجهاز الأمن العام كله، الذين يدفعون وحدهم ضريبة العرق والجهد ووحدهم يتلقون ردود أفعال الغاضبين وأفعال كل الخاسرين من غياب الضمير وغياب العقل والصدق.اضافة اعلان


سقوط العمارة على رؤوس ساكنيها، ما هو الا مثال مصغر عن سقوط كل السقوف على رؤوس أهلها، بسبب اختراقها من قبلهم بلا مسؤولية، أو بسبب تحميلها ما لا تحتمل من أصحاب الضمائر الميتة.. وقد يكون الكلام فلسفيا، لكنني متأكد بأن كل من يقرأه يفهمه، ويعلم بأن لدينا أكثر من مشكلة نتهرب من مواجهتها وحلها حلا جذريا، علما أن لا أحد مستفيدا من تركها تتفاقم، فانهيار العمارات والبلدان لا يضر سوى بأهلها، ويتركهم في العراء بلا مأوى ولا أوطان ولا إيمان، في حالة انهيار الدول والبلدان.
قلنا في مقالة سابقة بأن ثمة قصورا في التشريعات وموتا في الهمة الرسمية، وتقصيرا من مسؤولين تعودنا أن لا نراهم ولا نعلم أو نفهم شيئا عن انجازاتهم، لكننا اليوم لن نقبل بتقصيرهم، ووجب عليهم مغادرة المشهد فهم بلا فائدة، ولا يقومون بعملهم ولا يؤدون أماناتهم، ونعلم بأنهم ما داموا يتلقون «الغزل» والمديح من المتنفعين والفاسدين، فهم باقون، ضعيفون، وإن لم يكونوا مفسدين فبقاؤهم مفسدة، والمواطنون يدفعون مقابلها الثمن أمنهم ومستقبلهم بل حياتهم كلها!.

لا مسؤولية مباشرة من مسؤول واحد عن الكارثة، وهذا ما تقوله القوانين «القاصرة»، بينما في حقيقة الأمر والمنطق والعدل وروح المسؤولية وأخلاقياتها، هم المسؤولون عن العمارة المنهارة وعن أية عمارة ستنهار في الأيام القادمة، ولدينا الكثير منها سواء أكانت العمارات القديمة الموزعة في عمان القديمة، او العمارات الحديثة، التي تم تدشينها بمواصفات تجارية رغم المخالفات الكثيرة فيها، والتي يجري بشأنها أحاديث وتبادل اتهامات ومعلومات، وشكاوى وقضايا في المحاكم، عن بيع وخراب وموت الضمير.
لا يمكننا البوح بكل ما يعتمل في صدورنا المبتلاة بضمائر حية، وهذا هو الفرق بيننا وبين من لا ضمير عندهم، علما أن صمتنا عن هذه الكوارث غير محمود، بل مدان، ولن ينفعنا ولن يحمي أوطانا، لو اتسع الانهيار وسقط المعبد - لا قدر الله - على رؤوس العباد بفعل شيطاني أو بغيره..

بعد احتفالنا بالمئوية سجلنا سلوكا إيجابيا من قبل بعض مسؤولين، تعرفونهم، التزموا بأخلاقيات الديمقراطية والضمير الحي، فغادروا مواقع المسؤولية طوعا، بسبب بعض الأخطاء التي حدثت ضمن قطاعات مسؤوليتهم، علما أن مسافة قانونية كبيرة بينهم وبين مسؤوليتهم القانونية المباشرة عن هذه الأخطاء، لكننا سجلنا وسجل التاريخ لهم هذه المواقف الأخلاقية، وهذا ما ننتظره ونعتبره أملا يجب علينا تعزيزه في طبقات المسؤولية المختلفة، واعتبرناه خبرا، يفيد بأن الضمير لم ولن يدفن تحت أنقاض وركام الكوارث.. بل يصحو ويصدح بأن الحكومات والمؤسسات للمواطنين، وهي في خدمتهم، وليس العكس.