الجمعة 29-03-2024
الوكيل الاخباري
 

هل ستتدخل عمّان لاستعادة مليار دولار؟



لا تستطيع الدولة الأردنية ان تفعل شيئا لكل من أودع مالا في مصارف لبنان، فالكلام عن أكثر من مليار دولار مودعة في مصارف لبنانية، تمتنع المصارف اليوم عن اعادتها.

اضافة اعلان


القصة هنا، ليست قصة تحاسد، فإذا كان صاحب المال الأردني، قد اختار مصرفا لبنانيا في عمان، من اجل إيداع أمواله، ثم قبل نقل وديعته الى مركز المصرف الرئيسي في لبنان، من اجل فوائد إضافية، او حتى نقل ماله من دولة غير الأردن الى لبنان مباشرة، فقد أصبح يحتكم للقانون اللبناني أولا وأخيرا، وفقا للعقد الذي تم توقيعه.

المصارف اللبنانية لم تعد تدفع الودائع بالدولار للبنانيين ذاتهم، في ظل انهيار سعر الليرة اللبنانية، وما يتردد عن تهريب أموال نافذين لبنانيين من لبنان الى الخارج.
الذين لديهم أموال في المصارف اللبنانية، من الأردنيين، امامهم حلول محدودة، إما انتظار استرداد لبنان عافيته الاقتصادية، وهذا امر مستبعد في ظل الازمة الطاحنة اقتصاديا، والمخاوف من سيناريو انهيار لبنان كليا، تحت وطأة الغضب والجوع والفوضى، وإما الذهاب الى القضاء، في هذه الحالة، سواء القضاء اللبناني، او الأردني اذا تعامل مع هكذا قضايا.
الاتصالات السياسية بين الأردن ولبنان، قد تكون مفيدة، اذا تجاوب معها اللبنانيون عبر إعادة أموال الأردنيين، وهذا يعني ان تجريب الاتصالات السياسية، امر ممكن، لكن السؤال الآخر قد يرتبط بالسبب الذي سيدفع عمان الرسمية للتدخل لدى اللبنانيين لدفع أموال مواطنيها، مادام بعضنا قد فضل ان يودع أمواله في لبنان بدلا من الأردن، لكنهم عندما تحل عليهم ازمة ثقيلة من هذا النوع، يستردون اعلى درجات مواطنتهم ويطالبون عمان الرسمية بالتدخل لأجلهم، هذا فوق ان العلاقة الأردنية اللبنانية، ليست بهذه القوة التي تجعل بيروت تتجاوب مع عمان.

في كل الأحوال، يبقى حق هؤلاء في مطالبة عمان الرسمية بمساعدتهم، حقا مشروعا، مع الادراك هنا ان لبنان الرسمي قد لا يتجاوب لاعتبارات كثيرة، بما يطعن أيضا في صدقية النظام المصرفي اللبناني، ويجعل المصارف اللبنانية في لبنان مهددة بسمعتها، فيما الأردن بالمقابل وبسبب كورونا، سمح للمصارف بدفع أرباح المساهمين العرب والأجانب، مع بدء الجائحة، ولم يقبل تجميدها، او تأجيلها، او حجزها، مفضلا ان يقع التأجيل على المساهمين الأردنيين وهو هنا، يحافظ على سمعته المصرفية، امام العرب والأجانب، وان كان يظلم مواطنيه أيضا في هكذا قصة، في ظروف حساسة عبرها الأردن، والفرق بين الحالتين كبير.

قصة الأردنيين الذين لهم ودائع وحسابات مالية، ليست حكرا على لبنان، ولا يوجد رقم رسمي حول أموال الأردنيين في الخارج، اذ ان بعض التقديرات تتحدث عن ودائع تصل الى عشرة مليارات دولار نقدا في مصارف الدنيا، وبعض التقديرات ترى هذا الرقم ليس نقدا وحسب، بل من ضمنه عقارات واسهم، وفي كل الأحوال لا توجد جهة اردنية واحدة، لديها معلومة دقيقة حول هذا الملف، خصوصا، ان هناك أموالا في دول لا تسمح قوانينها بكشف المعلومات حول حسابات المودعين، وهناك جزر عائمة فيها حسابات سرية لأردنيين بعيدا عن العيون العائنة والانفس النافرة، فلا تعرف ان كان جذر مالهم، حلالا، ام حراما.

كل هذا يقودنا الى استخلاص اخطر، أي ان هذه الأموال الأردنية في لبنان -ان صح رقم المليار دولار تماما- معرضة للخطر، او لتتحول الى قيمة منخفضة جدا، وهي حالة خبرناها في تجارب سابقة، خصوصا، بين الذين كدسوا ملايين الدنانير العراقية ذات يوم، واستيقظوا على قيمة صفرية لها، وهذا يأخذنا الى النتيجة التي تقول ان إيداع المال في الأردن، افضل بكثير من الخارج، مهما بلغت بنا الشكوك حول واقعنا ومستقبلنا، فوق ان مبدأ التدخل السياسي سيفشل على الاغلب، خصوصا، اذا احتج اللبنانيون في الشارع تحت عنوان يقول لماذا تردون للأردنيين أموالهم بالدولار، فيما تحجزون اموالنا نحن برغم ان هذه البلاد بلادنا؟..

هل ستتدخل عمّان لاستعادة مليار دولار لمواطنيها في لبنان. على الاغلب لن تتدخل سياسيا، واذا تدخلت فلن يتجاوب معها اللبنانيون لاعتبارات كثيرة، فلا يبقى امامنا الا الاستغفار، وانتظار فرج الله، هذا إذا توقفت كوارث المنطقة عند هذا الحد!.