التخاصية

ماالذي تعنيه التخاصية؟..لايوجد في القاموس العربي (تخاصية) هي ببساطة كلمة تفسيرها :- بيع ما تملكه الدولة إلى القطاع الخاص,والوصف الصحيح والدقيق للتخاصيةهو:- ( تخلي الدولة عن إدارة قطاعات حيوية ومهمة لصالح القطاع الخاص).اضافة اعلان

أنا لا أنقل من مرجع , ولكن عملي لمدة (3) سنوات في وزارة التخطيط واطلاعي على برنامج التحول الاقتصادي والاجتماعي أهلني لفهم المسألة جيدا.
متى تحدث التخاصية ؟..في دول العالم المتقدم هناك شيء اسمه الرفاه الاجتماعي بمعنى أن قياس منسوب رفاهية المواطن مسألة مهمة , بريطانيا مثلا يستطيع فيها المتقاعد وعبر صندوق إدخاره وما تدفعه الدولة أن يقوم برحلة كل (3) سنوات إلى إفريقيا وينفق عبرها (20) ألف باوند..إذا الرفاه مسألة مهمة في الاقتصاد , حتى في إسرائيل هناك وزارة خاصة بالرفاه الاجتماعي..وحتى تنتقل لخصخصة القطاع العام الأصل أن يكون لديك منسوب جيد من الرفاه الاجتماعي..والاصل أن يكون دخل المواطن مجزيا , ومستويات التضخم متدنية.
في العالم الثالث لا يوجد رفاه اجتماعي بنفس مفهوم الرفاه في بريطانيا , لهذا تلجأ الدولة لدعم السلع والمحروقات والتعليم , ويكون حجم النفقات الرأسمالية في ميزانيتها عاليا جدا , حتى توفر للمواطن مستلزمات الحياه..بمعنى اخر يتم التعويض عن الرفاه الاجتماعي بعملية الدعم..وهذه العملية لا تحقق رفاها بقد ما تحقق قدرة على الحياة والاستمرار وتخفيض مستويات الفقر ,
خلال عملي (3) سنوات حفظت عن ظهر قلب كل البرامج الاقتصادية في الدولة ..
ولم يطرق أحد سؤالا مهما وخطيرا وهو..هل نحن كدولة لدينا التأهيل أو القبول الاجتماعي للانتقال إلى الخصخصة , بمعنى أن أي برنامج اقتصادي يحتاج لقبول اجتماعي لأن انعكاساته على الناس ستمس ربما القيم والعادات..وحين اسست الدولة برنامج التحول الاقتصادي , ألصقت به كلمة الاجتماعي لأنها تدرك أن المشاريع التي تستهدف عمل المرأة بحاجه لقبول اجتماعي , لهذا خرج العنوان يحمل شقين تحولا في جانب اقتصادي وتحولا في جانب اجتماعي ..
بالمقابل هل درسنا الأبعاد الاجتماعية في الخصخصة ؟..أو هل درسنا الاثر الإجتماعي ؟
سؤال آخر مهم..حين تنشئ مشروعا للخصخصة عليك أن تدرس مسألة السيادة الوطنية , والأردن دولة تنبهت لهذا الجانب مبكرا..وأخذت الأمر بالحسبان ,ولكن الخطورة في الأمر أنها لم تضع شروطا جزائية تمنح الدولة تأميم أي مؤسسة في حال شعرت المس في السيادة ..
وهناك أمر أود أن أعلق عليه أيضا وهو , أننا نسينا أن جزءا كبيرا جدا من الخصخصة أو بالتحديد من الأموال التي وضعت في صندوق التخاصية كانت قد ذهبت لبرنامج التحول الاقتصادي والاجتماعي وهذا البرنامج تحت حجة تجاوز بيروقراطية الدولة والإجراءات المعقدة لم يخضع للرقابة.
لقد تحدث الرئيس بشكل إيجابي عن القصة , أمس..وأنا من جيل صحيح أنه يرمي في لحظة بكتابات ساخرة على ورق الجرائد ولكني من أكثر الناس الذي فهموا برنامج التحول الاقتصادي الذي ولد في الدولة كمكمل لمشروع الخصخصة ..ومن أكثر الناس إطلاعا على الإنفاق ..والصحافة في لحظة تكون حالة وعي أكبر بكثير من المشرع أو حتى صانع القرار .
التخاصية مسألة تحتاج لمشاركة قطاعات واسعة من الناس في الحديث عن تأثيرها , ونتائجها ..وإذا مر مقال اليوم على خير , ربما سأكمل غدا عن ملاحظات مهمة تستحق أن نبوح بها .