الوكيل- ترى باحثة أميركية أن إسرائيل تواجه أزمة جيوسياسية محققة، فاحتياجات تل أبيب الأمنية تتجاوز قدراتها العسكرية، مما يجعلها تعتمد على قوة خارجية ليس فقط لامتلاك قدرات عسكرية قوية، ولكن من أجل رسم سياسات خارجية تجاه العالم العربي. وهذه المتطلبات الثقيلة تثقل كاهل دولة صغيرة.
وتقول ريفا بهالا نائبة رئيس الشؤون الخارجية في مركز ستراتفور في تحليل نشره موقع المركز، إن الأمن من وجهة نظر الإسرائيليين مسألة حياة أو موت،ولهذا تحتاج إسرائيل إلى إيجاد ظروف جيوسياسية وترتيبات دبلوماسية معقدة، مع الحفاظ على الجاهزية العسكرية من أجل مواجهة الأخطار القوية التي تحدق بها.
فخلال السنوات الـ33 الماضية خيم على إسرائيل شعور بالاطمئنان، مما سمح بظهور نظريات مختلفة من شأنها إنهاء الاعتماد على القوى الخارجية, لكن سرعان ما ظهر شعور بالقلق داخل نفوس الإسرائيليين قبل أن ترسخ أي من تلك المناقشات جذورها، وهذا ما يوضحه ما يدور داخل محيط إسرائيل في كل من الأردن ومصر وسوريا.
وبحسب الباحثة،يعتبر وادي نهر الأردن على درجة كبيرة من الأهمية بالنسبة لأمن إسرائيل في الناحية الشرقية , وما دامت إسرائيل تسيطر على الضفة الغربية فيمكنها التغلب على قوات محلية موجودة في الصحراء إلى جهة الشرق, وستحاول تحييد وادي نهر الأردن سياسيا من أجل الإبقاء على نجاعة هذه الترتيبات أيا كان حاكم الضفة الشرقية.
وباختصار فقد اعتبرت إسرائيل حكام الأردن الهاشميين ضعفاء لاعتبارهم شريكا أمنيا نافعا، ولكن ليس بالضعف الكبير الذي لا يجعلها تراهن عليهم في الحفاظ على حدودها الشرقية مع الأردن.
غير أن ترتيبات حفظ الشراكة الأمنية مع الأردن تخضع الآن لقدر كبير من التوتر، فالهاشميون يواجهون دعوات للإطاحة بهم من نفس قبائل الضفة الشرقية ومن الفلسطينيين والإسلاميين الذين شكلوا منذ عقود دعائم الدولة، وذلك بسبب كون الدولة تضعف تحت ضغط ارتفاع الأسعار.
وتقع سيناء على الحدود الجنوبية الغربية لإسرائيل، وهي أرض غير ذات جدوى اقتصادية، لكنها منطقة عازلة نموذجية، ولعل أهميتها الإستراتيجية الكبيرة تكمن في كونها عازلا بين المناطق المأهولة في إسرائيل وأكبر جيش عربي وهو الجيش المصري.
إسرائيل تراهن على أن الجيش المصري سيحمي اتفاقات السلام معها (رويترز) لكن السؤال الذي يطرح نفسه في أوساط الدوائر الإسرائيلية السياسية هو هل ستستمر سيناء كمنطقة عازلة في ظل مصر الإسلامية, والجواب على ذلك يوجد داخل الجيش الذي شكل العمود الفقري للدولة المصرية منذ عهد جمال عبد الناصر عام 1952.
وخلال الشهر الماضي تكشف دور الجيش، وكان الاختبار الأول خلال الأزمة في سيناء حينما تفاوض الجيش المصري مع إسرائيل حول الضمانات الأمنية، بينما كانت حركة الإخوان المسلمين في ذروة غمار النشاط الدبلوماسي. وجاء الاختبار الثاني حينما حاول الرئيس محمد مرسي ومن جانب واحد الدفع قدما بمسودة دستور لترسيخ قبضة الإخوان المسلمين على السلطة.
وانتظر الجيش إلى حين تصعيد أعمال العنف والبدء في مهاجمة المؤسسات الحكومية العامة، وعندما تبين للرئيس مرسي عجز الشرطة عن السيطرة على الأمور استدعى الجيش للمساعدة في حفظ الأمن، وهو ما يؤكد مرة أخرى مدى ضرورة دور الجيش لاستقرار مصر.
ويمكن للمرء أن يستنتج أن الجيش المصري والإخوان المسلمين يكيفون أنفسهم ببطء من أجل نظام حكم 'ناصري إسلامي'، حسب ما تقوله نائبة رئيس الشؤون الخارجية في مركز ستراتفور.
وترى الكاتبة أن الترتيبات بين الجيش والإخوان موجودة وعلى قدم وساق, ويمكن لإسرائيل الاطمئنان نوعا ما وهي ترى الجيش المصري يلعب دورا جوهريا في استقرار مصر، وهو ما يمكن أن يحافظ على بقاء سيناء منطقة عازلة.
ومع ذلك فإن مشاهدة إسرائيل لرقصة الجيش والإسلاميين كافية لإثارة الرعب فيها وللزج بمزيد من القوات على حدودها كإجراء احترازي.
تحتاج إسرائيل إلى منطقة عازلة في الشمال، وفي الوقت الحالي فإن إسرائيل أنشأت خطا فاصلا، وهي لا تواجه خطرا تقليديا في الشمال، وسيبقى الحال كذلك لبعض الوقت, لكن الصراع في سوريا يشكل نوعا مختلفا من التهديد على حدود إسرائيل الشمالية.
فالمسألة مسألة وقت قبل أن تتقهقر قوات الرئيس السوري بشار الأسد من دمشق, كما أن النزاع سيؤثر بالضرورة على لبنان، وهو من شأنه أن يفشل الشبكة التي اعتمدت عليها إسرائيل في كبح جماح الخطر الذي يمثله حزب الله.
عبر هذا الطريق ستكون هناك محاولات دولية لإقامة حكومة انتقالية في سوريا، لكن التشاؤم سيد الموقف, وإسرائيل لا يمكنها استبعاد أسوأ السيناريوهات، وعليه فستستمر في تعزيز دفاعاتها الشمالية.
وفي ظل هذه الإستراتيجية المتقلبة، لا يمكن لإسرائيل أن تكون معزولة سياسيا, فستزداد حاجتها إلى شريك قوي في مواجهة المخاطر المحيطة بها، فالولايات المتحدة حليفتها الحالية تتحاور مع النظام الإسلامي الجديد في المنطقة, ولكن على ضوء هذا الحراك الإقليمي ستكون واشنطن مضطرة للبحث عن شركاء للمساعدة على السيطرة على المنطقة.
فعلى ضوء العلاقات التركية الأميركية في السنوات الأخيرة وتعامل أميركا مع حركة الإخوان المسلمين في مصر, سيكون من الصعب على واشنطن أن تعرف من سيمكنه تسلم مقاليد السلطة، ومع أي نوع من الإسلاميين يمكنها التفاوض معه، وهو أمر يصعب على إسرائيل القيام به بشكل مستقل من جهة الأيدولوجية أو الحجم أو الموقع.
وسيزداد ضيق نطاق المناورة الإسرائيلية مع ازدياد اعتمادها على القوى الخارجية، ومع تضارب مصالحها مع مصالح شركائها، وستواجه تل أبيب مستقبلا مصاعب أكثر في طريقة اتخاذ قراراتها والمزيد من الإبداع في سياستها الدبلوماسية.
ولعل من المفارقات أنه بينما تعيش إسرائيل ديمقراطية على النموذج الغربي في عصر الدكتاتوريات العربية، فإنها أكثر أمنا منهم لكون تلك الدكتاتوريات وصفة للضعف وأحيانا تتحول إلى دولة متفككة، وهذا ما سيجعل رغبة إسرائيل في البقاء على المحك مرة أخرى، وفق ما تقوله ريفا بهالا.
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو