الإثنين 2024-12-16 05:16 ص
 

ترجيح انتظار نتائج التحقيق قبل اتخاذ إجراءات حيال استشهاد زعيتر

11:44 م

الوكيل - لم يشهد الأفق السياسي الأردني تلبدا كالذي يشهده هذه الأيام، مع اقتراب نفاد المهلة، التي وضعها مجلس النواب أمام الحكومة لتنفيذ 'ثلاثية' قراراته، التي اتخذها الأسبوع الماضي، تحت طائلة التصويت على طرح الثقة بها.اضافة اعلان


المجلس صوت الأسبوع الماضي وللمرة الثالثة، على طرد السفير الإسرائيلي من عمان، وسحب سفيرنا من إسرائيل، وإطلاق الجندي المسرح أحمد الدقامسة، بدون أن يكتفي بالتصويت هذه المرة، بل أمهل الحكومة حتى بعد غد الثلاثاء، لتنفيذ قراراته وإلا فسيضطر إلى حجب الثقة عنها.

وعلى هذا الأساس، وضع موقف النواب وقراره، المجلس النيابي كله على المحك الشعبي، مثلما وضع الحكومة على المحك السياسي، وقياس مدة استجابتها لرغبات السلطة التشريعية والرقابية.

وعلى الرغم من ذلك، فإن كلا الطرفين (الحكومة والنواب) يعرفان يقينا أن موقفا كهذا يخرج من حضن القرار الحكومي ويتعلق بالدولة كلها، بما في ذلك المؤسسات الدستورية والأمنية.

وكان مجلس النواب صوت قبل نحو شهر على طرد السفير الإسرائيلي من عمان، إثر قيام برلماني إسرائيلي متطرف بتقديم مشروع قانون للكنيست الإسرائيلي لنزع الولاية الهاشمية عن القدس والمقدسات الإسلامية والمسيحية، غير أن تراجع إسرائيل المحدود أدى إلى طي الموضوع، وعاد المجلس وصوت الأربعاء الماضي على سحب سفيرنا من تل أبيب، وطرد سفير إسرائيل من 'رابية عمان' وإطلاق سراح الجندي أحمد الدقامسة على خلفية قيام حرس الحدود الصهيوني بقتل القاضي الأردني الشهيد رائد زعيتر على معبر الكرامة، وإطلاق 5 رصاصات عليه، على الرغم من أن الشهيد زعيتر كان أعزل، الأمر الذي أثار ردود فعل نيابية وشعبية وحزبية وحقوقية صاخبة.

وفي قرارة البيت النيابي، هناك من يعتقد أن النواب يعرفون أن قرارا كهذا ليس بيد الحكومة، وله علاقة مباشرة بالقرارات السيادية، ولهذا يرون أن مجلسهم وضع نفسه في زاوية ضيقة، قد لا يستطيع الخروج منها على المدى المنظور.

المشكلة أن النواب لو ذهبوا 'الثلاثاء' لطرح الثقة بالحكومة على خلفية عدم استجابتها لقرار اتخذه المجلس يتعلق بطرد السفير الإسرائيلي، فإن أي حكومة قادمة في حال تم إسقاط هذه الحكومة نيابيا، عليها قبل أن تطلب ثقة المجلس تنفيذ قرار النواب، وطرد السفير الإسرائيلي من عمان.

أما المحظور الآخر الذي يجب على النواب التفكير به قبل الثلاثاء الموعود، أنه في حال التصويت على طرح الثقة بالحكومة، فإن عدد النواب الحاجبين يجب ان يتعدى 76 من أصل 150 نائبا، وفي حال فشل المجلس في إسقاط الحكومة، فإن ذاك يعني ثقة جديدة بها، وليس هذا فحسب، بل يعني أيضا موافقة نيابية على بقاء السفير الإسرائيلي في عمان، وبالتالي فإن خسارة النواب شعبيا ستكون مضاعفة وغير مسبوقة، وسيكون المجلس السابع عشر الحالي أكبر المجالس النيابية خسارة شعبية في تاريخ البرلمانات السابقة، إذ لم يسبق لأي مجلس بعد الثاني عشر أن صوت على العلاقة بإسرائيل، وستغدو المطالبة برحيله على لسان الجميع ومطلبا شعبيا ضاغطا.

أما إذا لم ينفذ المجلس قراره بطرد السفير أو حجب الثقة، فإن ذاك سيعود بأثر سلبي رسمي وشعبي على المجلس، وسيظهر النواب بلا موقف، وستضرب مصداقية مجلس النواب، وستكون قراراته لاحقا بلا قيمة، وسينظر إليها باعتبارها قرارات شعبوية لا تقدم ولا تؤخر، وغير مقنعة للناس ولا للرأي العام ولا حتى للعالم، بعدما بات المجلس أمام مطرقة الرأي العام وسندان المصداقية.

عموما فإن النواب يرون أنهم إما أن يذهبوا نحو التصعيد مع الحكومة إلى آخر المطاف، وطرح الثقة بها إن لم تنفذ قرارهم، والاشتراط على أي حكومة مقبلة تنفيذ قراره ذاك، أو التراجع عن موقفهم وغض النظر عنه، وبالتالي فقدان الشعبية أمام الرأي العام.

أما من جهة الحكومة فالحال لا تختلف عن حال النواب أيضا، فهي تعرف أن النواب أكثر جدية هذه المرة في موقفهم، وقد يذهبون الى حد طرح الثقة بها إن أصرت على ضرب قرارات مجلسهم بعرض الحائط، وبخاصة أن علاقة النواب والحكومة لم تكن يوما سمنا على عسل أو 'قمرة وربيع'، وبالتالي فإن الرئيس النسور يعرف يقينا أن موعد الثلاثاء المقبل هذه المرة يختلف عن أي موعد آخر، وأن مجلس النواب لن يرضى بضرب شعبيته ومصداقيته بعرض الحائط من أجل عيون الحكومة أو خوفا من إحراجها دوليا وسياسيا.

وهكذا ينبغي على الرئيس النسور المعروف عنه إدراكه لما يريده النواب، أن يفكر أكثر وبجدية في موعد الثلاثاء، ويقدم للنواب جزءا مما يريدون، وإلا فإن حكومته قد تتعرض لهزة غير مسبوقة، ولن تكون لقدرته التحاورية التي يراهن عليها كثيرا، سبيل في إقناع النواب.

وبين هذا وذاك، يوجد في البيت النيابي أيضا، من يبحثون عن مخرج مرض للحكومة والنواب، وهؤلاء يرون أن حل العقدة يأتي من الدوار الرابع أولا، ويعتقدون أن الحكومة عليها التحرك سريعا لاستصدار عفو خاص عن الجندي المسرح الدقامسة، والحضور إلى 'العبدلي' حيث جلسة الثلاثاء بموقف يمكن أن يتم البناء عليه والخروج بحلول أقل تكلفة شعبية وسياسية ودولية، أقلها إطلاق سراح الدقامسة باعتباره أمضى ثلثي مدة سجنه.

وما يتسرب حاليا أن الحكومة بدأت بالبحث عن حلول لمواجهة أزمة الثلاثاء، ولعل اللقاء الذي جمع الرئيس النسور برئيس مجلس النواب عاطف الطراونة تركز في هذا الصدد، وفي سبل الخروج بحلول أقل تكلفة شعبية وسياسية ونيابية.

أما الرئيس الطراونة فلا يملك حلولا كثيرة يقدمها للنسور، ولا يمكن له أن يتجاوز المقترحات النيابية التي قد تبرز الثلاثاء المقبل، وبخاصة في ظل وجود عرائض حجب ثقة عن الحكومة في حال عدم تنفيذها قرارات مجلس النواب.

وترى مصادر مطلعة أن أسهل خيار بيد الحكومة راهنا هو الطلب من النواب الثلاثاء المقبل منحها مهلة لمدة أسبوعين أو ثلاثة، ريثما يتم الانتهاء من التحقيقات المشتركة حول استشهاد القاضي زعيتر.

وفي حال وافق مجلس النواب على المهلة سيكون أمام الحكومة وقت طويل للعمل مع النواب على طي صفحة الثقة والاشتراطات، وستتم المراهنة وقت ذاك على أن الرأي العام تجاوز مأساة استشهاد زعيتر.

وفي مقابل ما تفكر به الحكومة في هذا الصدد وإمكانية التهدئة، فإن نوابا لهم موقف تصعيدي دائم مع الحكومة، يرون أن الفرصة مواتية لتوجيه صفعة قوية لها، وإعادة الهيبة لمجلسهم، على اعتبار أن ما حدث هو موضوع شعبي كبير يمكن أن يمسح الكثير من الغضب الشعبي عن قرارات النواب.

عموما، فإن الثلاثاء المقبل سيكون موعدا مفتوحا على الكثير من الاحتمالات، لعل أولها طلب مهلة إضافية، وأكثرها تصعيدا هو الإصرار على طرح الثقة بالحكومة.

الغد


 
gnews

أحدث الأخبار



 




الأكثر مشاهدة