الوكيل - الحكمة من الصوم في شهر رمضان إحساس المسلم بالجوع ليتذكر ان بعض المسلمين يعانون من الجوع من جراء فقرهم وعوزهم الا ان بعضهم يحول الشهر لمناسبة للانفاق والتباهي باعداد الولائم.
يقول الاربعيني محمد سلامة ان القيمة الشرائية تتضاعف في شهر رمضان على الرغم انه شهر عبادة وتهذيب للنفس ولكن الصيام لساعات طوال وما يرافقها من ارهاق في العمل يشعر الصائم بحاجته الى الطعام والسوائل بشكل كبير الامر الذي يدفع رب الاسرة الى شراء كل ما تقع عليه عينه.
ويخالفه في الرأي رب الاسرة ابو محمد العزام حيث يقول ان شهر رمضان من المفترض ان يكون شهر العبادة وفرصة المسلم لغسل ذنوبه وتجديد علاقته بربه من خلال المداومة على قراءة القرآن والاستغفار وشعور الغني بالفقير وهجر العادات السئية كالتبذير في الطعام الذي يكون مصيره سلة المهملات، في الوقت ذاته لا تجد اسرا كثيرة ما يسد رمقها، كما ان الزيادة في الطعام والشراب تسبب التخمة والخمول، ولذلك لا بد ان نستغل شهر رمضان بالعبادات وليس التباهي في الانفاق.
اما طارق النابلسي فبين ان التباهي والتفاخر امام اقاربه دفعه الى الاستدانة لاقامة وليمة كبيرة لا تختلف تماما عن الولائم التي يقيمها اقاربه على الرغم من علمه انه شهر العبادة، ولكن لا بد ان يرافق رمضان دعوة الاهل والاقارب لتناول الافطار وهي بحاجة الى تكلفة مالية عالية.
ويوافقه في الرأي طلال البسيوني ان تلك الولائم ترهق ميزانية الاسرة وتدفعها الى الاستدانة للخروج من مأزق الولائم الكبيرة حتى تطور بنا الامر الى اقامة 'صيوان' في ساحة البيت ليتسع لأعداد كبيرة من الاشخاص، كما اننا تعودنا على ان نربط مفهوم رمضان بالولائم الكبيرة الفخمة ودعوة الاهل والاقارب لها حتى ان بعض الاسر الكبيرة قد يدفعها الامر الى توفير مبلغ من المال استعدادا لهذا الشهر الفضيل.
اما علي الروسان فيشير الى ان بعض العادات السيئة كالمبالغة في اعداد الطعام والبذخ في الشراء بحيث أصبح شهر رمضان يثقل كاهل الأسر ويكلفها نفقات كثيرة لا داعي لها.
الخبير الاسري والمستشار التربوي الدكتور عطاالله الدوجان اوضح ان معظم الاسر في شهر رمضان تعاني من إفراط في الاستهلاك يصل إلى حد التبذير فهناك مشتريات تموينية تزيد عن الحاجة بكثير وهناك طعام يُعّدُّ يكفي لعدد من الأفراد ضعفي الأسرة والدليل هناك كميات من الطعام تبقى زائدة، وجرت العادة عند أسر كثيرة إعداد طعام جديد في كل يوم اما مصير الزيادة فهي الى الحاويات وهذا السلوك مرفوض شرعا بل وفيه إثم كبير لأنه من الإسراف المنهي عنه شرعا قال تعالى 'إنَ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ ? وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا' سورة الإسراء27 ، كما أن التبذير لا يقتصر أثره السلبي في الأسرة بل هو هدر للإمكانات الوطنية واضرار بالاقتصاد الوطني خاصة ونحن نستورد كثيرا من المواد الغذائية.
وتدعو دائرة الافتاء الى ضرورة الاقتصاد في رمضان وتجنب التبذير، حيث ان رمضان شهر الخير والبركات، يفتح الله عز وجل فيه على عباده أبواب رحمته، وينعم عليهم بجوده وكرمه، كي يشكروه على نعمته، ويسألوه المزيد من فضله، كما قال سبحانه وتعالى: (فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ) البقرة/ 152 والعبد الذي يتصف بالفقر إلى الله، والحاجة إليه، لا يليق به أن يقابل نعمة الله في شهر رمضان بالجحود والنكران، فيسرف في طعامه وشرابه، ويبذر في إنفاقه، ويتجاوز حدود النفقة المعتدلة إلى درجة الإفراط الذي يفسد البيوت، ويضر المجتمعات، وينقلب على المقصد الشرعي الحقيقي من الصيام، وهو تهذيب النفس وتخليصها من شحها وطمعها، والله عز وجل يقول:
(وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) الحشر/9.
الإسراف مذموم، ليس في مقتضى الشريعة فحسب، بل في منطق العقل والعادة أيضا؛ لأن لسان حال المبذر يشرح استخفافه بنعمة الله، واستكباره على الخلق، وسوء تصرفه وتدبيره؛ ولهذا وصف الله عز وجل المسرفين بأشنع الأوصاف حين قال: (وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا . إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا) الإسراء/26-27، وحذر عز وجل من عاقبة التبذير في الدنيا والآخرة فقال سبحانه: (وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا) الإسراء/29.
كما لا بد في شهر الخير تذكر المآسي التي يعانيها كثير من الناس في بلاد المسلمين، حيث لا يجدون قوت يومهم وليلتهم فضلا عن متع الطعام والشراب التي يتباهى بها المبذرون، ويعانون أنواع الأسقام وأحوال المشقة لفقرهم وحاجتهم، وقد روي في الحديث الشريف عن النبي صلى الله عليه وسلم: (أَيُّمَا أَهْلُ عَرْصَةٍ أَصْبَحَ فِيهِمُ امْرُؤٌ جَائِعٌ فَقَدْ بَرِئَتْ مِنْهُمْ ذِمَّةُ اللهِ تَعَالَى) رواه الإمام أحمد.
فالمسلم الحقيقي هو الذي يحمل الكَلَّ، ويكسب المعدوم، ويعين على نوائب الدهر، كما كان عليه الصلاة والسلام، فهو قدوتنا في الإحسان إلى الخلق، ورحمة أهل الأرض كلهم، وقد كان عليه الصلاة والسلام يبيت طاويا من الجوع، ويربط على بطنه الحجارة، ويمر عليه الهلال والهلالان ولا يوقد في بيته نار.
فكيف يهنأ بعد ذلك مَن يُضاعف نفقته لتحصيل أنواع الطعام والشراب والملذات التي مآلها الهدر والضياع، وكيف يحقق معاني التقوى التي شرع الصيام لأجلها، وكيف يطيب عيشه وحوله المساكين الذين لا يجدون ما ينفقون على أنفسهم وعيالهم ؟
العرب اليوم
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو