الأربعاء 2024-12-11 02:46 م
 

تكاسي!

07:06 ص

زمان، حين كان يمرض أحد أفراد العائلة مرضا شديدا ولها ولد في الخارج، كان يتم إرسال رسالة إليه بالبريد يطلبون منه الحضور. وما إن تصله الرسالة ويعلم بما حدث ويأتي، يكون المريض قد أتم أربعينيته!

اضافة اعلان


بينما اليوم الرسالة على الهواتف النقالة تصل أميركا قبل أن تصل زوجتك المطبخ لتحضر لك كأس ماء! فهل حفاظا على أرزاق من يعملون بالبريد، نمنع 'فيسبوك' والرسائل النصية و'واتساب'، وننتظر شهرين حتى نرسل الرسالة ونتلقى الرد عليها؟!


وقبل 'المولات'، كان هناك 'مول متنقل' بين الأحياء يسمى 'دوّاج'، يحمل فيه صاحبه الملابس والقطنيات وغيرها، ليبيعها. فهل حفاظا على أرزاق 'الدوّاج' لا نسمح بإقامة 'المولات'، أو البيع عبر المتاجر الإلكترونية؟! كما قبل ألعاب الأطفال الإلكترونية، كنّا في الحارات نلعب 'قلول'. فهل حفاظا على أرزاق العاملين في مصنع 'القلول' نمنع استيراد الألعاب الإلكترونية؟!


وقبل ظهور الغاز، كان لدينا 'البابور'. فهل حفاظا على موروثنا من 'نكاشات البابور' نمنع استخدام الغاز؟! وأيضا قبل الصيدليات، كان لدينا 'العطار'. فهل حفاظا على أرزاق العطارين لا نذهب للأطباء ولا نصرف الدواء، ونكتفي بزيت سمسم العطار؟!


كل يوم هناك اعتصام لأصحاب التكاسي بسبب بعض التطبيقات الحديثة التي من خلال هاتفك تستطيع أن تطلب سيارة أجرة، فتصلك في أسرع وقت، مع معلومات كاملة عن السيارة وسائقها، من دون حاجة لأن تقف في الشارع في الحر والبرد، ومن دون أن تستجدي أحدا.


أكبر تنفيعات في تاريخ الدولة الأردنية كانت مكاتب التاكسي؛ فكان الوجيه يولم لأحد المسؤولين ومن ثم يحصل منه على ترخيص مكتب تاكسي. أهم قطاع في الأردن تم توزيعه وتنظيمه على أسس اللحمة وجيرة الله تزوّد!


صاحب المكتب بعدها يجلس فقط ينتظر 'الغلّة'، بعد أن يقوم بتضمين السيارات بملبغ محدد. وإذا ما فكر في بيع 'طبعة' إحدى السيارات، فإنه يبيعها بما لا يقل عن 60 ألف دينار، والمنسف في ذلك الوقت لم يكلفه ربما 30 دينارا!


دعونا نسأل أنفسنا: أصحاب مكاتب التاكسي الذين ثارت ثائرتهم بسبب هذه التطبيقات، هل يوجد لديهم على الأقل مكاتب تستقبل اتصالات المواطنين وتلبي طلباتهم؟ هل فكر أحدهم بأن يكون للعاملين لديه زي موحد؟ هل راقبوا تصرفات السائقين العاملين لديهم واتخذوا إجراءات بحق المخالفين؟
أتعجب من كل الحكومات التي غفلت عن إعادة تنظيم ترخيص هذه المكاتب، وإعادة توزيع 'طبعات' التاكسي على بسطاء الناس والشباب العاطلين عن العمل، بدل تركها مصدر ثراء للبعض من دون أن يقدم أي شيء سوى ذلك المنسف!


نعم، ستنجح التطبيقات الحديثة، لأنك لن تصعد للسيارة لتستمع 'تقوى الهجر ويلاه من واين الصبر'. ولن تضع يدك على قلبك من الأجرة التي سيطلبها السائق؛ ففي المحافظات لا يتم تشغيل العداد، وكثير من الأجرة مبالغ فيه. ولن يقول لك السائق 'مش فاضي'، بعد أن يعلم وجهتك!


لا تعتصموا للمطالبة بوقف هذه التطبيقات، بل سارعوا إلى خدمة المواطن، ووفروا خدمة الاتصال، ولا 'تتحججوا' بالأزمات!


بدل نشر الإعلانات، سارعوا إلى التعاقد مع شركة تكنولوجيا تصمم لكم تطبيقا منافسا يوفر الوقت في الانتظار، ويوفر عليكم الجهد والمصروف.
لن توقف الاعتصامات تلك التطبيقات، بل سيوقفها فقط ما ستقدمونه أنتم من خدمات!


 
gnews

أحدث الأخبار



 




الأكثر مشاهدة