مر على الأردن حكومات من أصناف مختلفة؛ قوية وشديدة البأس، ضعيفة ومرتجفة، وما بينهما من حكومات لا لون ولا هوية لها.
وعادة ما ارتبطت صورة الحكومات؛ قوية أم ضعيفة، بشخصية رئيسها، فكان من بينهم من تمتع بـ'كاريزما' حاضرة، ومنهم من لا يملك من الصفات القيادية ما يؤهله لإدارة فريقه الوزاري.
وثبت بالتجارب الحية أيضا أن الولاية العامة للحكومة تتسع مساحتها وتتقلص تبعا لشخصية الرئيس؛ فإن كان من الأقوياء، فرض هيبته ونال من الصلاحيات الدستورية ما يجعله رئيسا بالفعل. وإن كان من الضعفاء أو المترددين، ترك لمراكز القرار الأخرى أن تتسلط عليه وعلى وزرائه، وتتحكم بقراراته صغيرها قبل كبيرها.
لا توجد حكومة في تاريخ الأردن تعمل باستقلال مطلق عن السلطات ومؤسسات القرار في الدولة. من الناحية الدستورية ليس ممكنا، لا بل فيه ضرر على الجميع. لكن كثيرا ما اختلفت آليات التنسيق والتعاون، وتراوحت بين صيغ تضمن تحقيق الأهداف من دون تغول، وصيغ تصادر صلاحيات الحكومة، وتحيلها لجهاز من الموظفين يعمل بإمرة المتنفذين في دوائر الدولة.
عشنا نماذج من كل تلك الحكومات، وشهدنا رؤساء حكومات لا يقدرون على تحريك كرسيهم من دون إذن، ومثلهم يعيشون على جهاز التنفس المزروع في مكان آخر. وحظينا بوزراء ينشدون الاستمرار في مواقعهم، لا بجدهم وعملهم، بل بدعم الأجهزة لهم.
لم تكن هذه حالنا على الدوام؛ فقد تولت مقاليد السلطة حكومات مقتدرة، ورؤساء أنداد، أخلصوا لقسم الولاء للوطن والملك، وذادوا عن صلاحياتهم بمنطق وحكمة.
ليس صحيحا ذاك الاعتقاد السائد بأن أجهزة الدولة الأمنية ومراكز القرار العليا، تتعمد الهيمنة على الحكومات، وإخضاعها لسلطتها. في أحيان كثيرة، كان رؤساء الحكومات والوزراء يتوسلون التبعية لتلك الأطراف، ويتنازلون طوعا عن صلاحياتهم أملا بنيل الرضا للاستمرار في السلطة.
عندما تخفق حكومة، لا بل حكومات في كسب ثقة النواب مثلا، فتلجأ إلى طلب المساعدة من 'صديق'، على من يقع اللوم هنا؛ على 'الصديق' أم على رئيس الحكومة العاجزة عن تحمل مسؤولياتها، وكسب ثقة النواب؟
عندما يسلم رئيس وزراء أمر التشكيل الحكومي للآخرين، ويقبل ما ينسب له من أسماء من دون نقاش، فإن المشكلة هنا في الرئيس لا 'المساعدين'. لقد منحه الدستور حقا أصيلا بمجرد أن كلفه جلالة الملك بتشكيل الحكومة، فمن يستطيع أن يجرده من هذا الحق بعد أن ينال الثقة الملكية؟
حين نغوص كصحفيين في كواليس تشكيل الحكومات الأردنية، سواء عبر ما يتوفر من وثائق وسير ذاتية لساسة، أو من خلال الحوارات مع رؤساء حكومات سابقين، في العهدين: عهد المغفور له الملك الحسين، وعهد الملك عبدالله الثاني، يتبين لنا أنه ما من وزير فرض على رئيس الوزراء بغير قناعته، وأن الرئيس المكلف كان قادرا على الدوام أن يختار من يشاء من الوزراء، لو تمسك بخياراته، ودافع عنها بشكل منطقي.
إرث الأردن الطويل مع الحكومات المتعاقبة، علمنا أن الحكومات القوية والقادرة، هي التي حمت مصالح البلاد، وصانت العرش من تبعات السياسة وكبوات السلطة التنفيذية. أما الحكومات الضعيفة، فهي التي ارتبط اسمها بالقرارات الفاشلة، والسياسات المخيبة، وأكثر من ذلك بتراجع ثقة الشعب بالدولة، وفقدان المؤسسات لهيبتها.
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو