الأحد 2024-12-15 08:47 م
 

لبنان .. بين مربع «المراوَحة» وهاوية «الفراغ»؟

07:45 ص

غداً.. ينتهي مفعول القرار الرئاسي,الذي كان اصدره الرئيس اللبناني ميشال عون في الخامس عشر من نيسان,بتعليق جلسات مجلس النواب لمدة شهر، بهدف قطع الطريق على «أغلبية» ساحقة داخل المجلس,سعت الى استغلال الخلافات «العميقة» التي تطبَع العلاقات بين اطراف «الإقطاع السياسي» الذي يُحكم قبضته على بلاد الارز,ولم تكن – رغم انها جزء منه – تمانِع في التمديد لنفسها دورة اخرى (المجلس الحالي مُنتخَب في العام 2009 لسنوات أربع)كونها غير مطمئنة الى ان معظمها,ستتوفر له فرصة للبقاء في المجلس المُمدِّد لنفسه اربع سنوات اخرى.اضافة اعلان


الخامس عشر من ايار اللبناني(دع عنك الفلسطيني الذي تتراجع ذكرى نكبته من على جداول الاعمال العربية,ولا تجد لنفسها مكاناً ولو احتفالاً خطابِيّاً,او بيانات انشائية تُحيي هذه الذكرى او تدعو جماهير الأمة الى تجديد العهد بأنها: لن تنسى ولن تغفر)سيكون مختلِفاً عمّا سبقه،بعد ان انتهت لعبة شراء الوقت التي سعى البعض إليها,فيما فشل آخر في استثمارها،نظراً لأن «الأخير»نظر الى استخدام رئيس الجمهورية صلاحياته الدستورية في تعطيل عمل المجلس – ولمرة واحدة مدتها شهر– كي يفرض قانون انتخاب جديداً,لا يحظى بالتوافق,كأمر واقع تحت طائلة حدوث الفراغ،الذي جاء كتهديد هذه المرة من اطراف عديدة,وليس كما كان يحصل سابقاً عندما يأتي من رئيس مجلس النواب نبيه برّي المتحالف مع سعد الحريري ووليد جنبلاط،الأمر الذي واجهه العماد عون بالتصلّب قائلاً :لا يهددونا بالفراغ.

معادلة التحالفات في لبنان,تتميز كعادتها,بالسيولة وسرعة الإنفراط,تماماً كالسرعة التي تأتي بها،وخصوصاً ان الخارج..الإقليمي و الدولي،لم يعد هو المؤثِّر الوحيد في تلك المعادلات,التي ما تزال تُبنى – وتُهدَم – على وقعِ الاوضاع الاقليمية,وإن بشكل أقل كثيراً مما كانت عليه،قبل ان تَفقِد «الاوراق» التي احتفظت بها بعض القوى اللبنانية..قيمتها,وبخاصة «تجييشها» لنصرة هذه العاصمة العربية او تلك – بما في ذلك تل ابيب – التي لم تغادِر اللعبة اللبنانية نهائياً,رغم ما لحقها من هزائم وخسائر وتراجع في النفوذ والتأثير,والذي «يُترجَم»(عملياً هذه المرة)ِبقرار اسرائيل بناء جدار عازل على كامل حدود فلسطين الشمالية مع لبنان،في اعتراض «ممهور» بـ»الكونكريت» وابراج الحماية،بعد ان كانت مجرد «بوابة» يملك جندي الاحتلال الاسرائيلي كامل الفرصة,كي يدفشها ببصطاره,ويأخذ كل وقته لاقتراف ما يحلو له من جرائم وارتكابات فظيعة,دون ان يجد من يردعه او يقول له: كفى.

اطراف اللعبة السياسية والحزبية اللبنانية المُرهِقة والمثيرة للسأم, كون العبث المحمول على أبعاد طائفية ومذهبية وارتباطات خارجية ومصالح شخصية وفئوية,هو الذي يحكُم قواعد هذه اللعبة،دخلت نفقاً جديداً يتمثل في الخلاف الآخذ في الإحتدام,بين «الرئاستين» الاولى والثانية,اي بين رئاسة الجمهورية ورئاسة مجلس النواب،حيث الصدام يبدو حتمياً,رغم كل محاولات التهدئة والإيحاء بأن الأمور تحت السيطرة,وأن الطريق «ممهّد»أمام فتح دورة استثنائية للمجلس النيابي في الفترة بين 15 ايار والعشرين من حزيران القريب,كونه الموعد «الأخير» لانتهاء ولاية مجلس الحالي،الذي ما يزال خيار التمديد له قائماً,رغم المعارضة»المُعلَنة»من قبل رئيس مجلس النواب وخصوصاً رئيس الجمهورية وتياره الاقوى مسيحياً,الذي يقف الى جانبه – أقلّه في هذا الخيار–حزب سمير جعجع,الذي لم ــ ولن يتوقف ـــ عن مواصلة لعبة إشعال واستغلال الخلافات بين الاطراف ذات الصلة,كي يُبقي لنفسه مساحة وهامش مناورة يتحرك فيه,علّ عامل الزمن يُسعِفه كي يخلِف الجنرال عون في قصر بعبدا– كما يتمنى ويأمَل–سواء بعد انتهاء ولايته,ام بتدخل من السماء كون الجنرال دخل عامه (ال81).

ماذا عن قانون الانتخاب الجديد؟

انتهت الاقتراحات والبدائل التي قدمتها اطراف اللعبة اللبنانية في شأن قانون انتخاب جديد..الى الفشل,وبخاصة تلك التي قدمها رئيس التيار الوطني الحر,صهر رئيس الجمهورية ووزير الخارجية جبران باسيل,وكان آخرها القانون «التأهيلي»الذي رفضته معظم القوى بما فيها تيار الحريري,وخصوصاً وليد جنبلاط الذي قرّر اخيراً (وليس آخراً) ان حليفه «الوحيد» في لبنان هو نبيه بريّ،ما طرح اسئلة حول البديل المقبول للقانون المعروف بـ»الستين»والذي ما يزال صامداً كخيار اخير,اذا فشلت كل مساعي التوصل الى قانون آخر ينهض بالضرورة على مبدأ «النسبية»,تلك النسبية التي سيُسلّم بها الجميع في النهاية،بعد ان يأخذ كل منهم حصته الكفيلة بالإبقاء عليه داخل اللعبة الطائفية والمذهبية طرفا مؤثرا،ما يُبرّر عودة الحديث عن عدد «الدوائر» التي سيُقّسّم لبنان..»إليها»,اذ دخل «العدد» في بورصة التجاذبات بين من يدعو الى ان تكون عشر دوائر(بِرّي)وبين من يرفض ان يقل عددها عن 13 –15 دائرة(أنصار عون) بشرط ان يترافق تخلّي تيار عون عن القانون التأهيلي,إقرار قانون النسبية وإيجاد «مجلس شيوخ»كما نص على ذلك اتفاق الطائف (مع بقاء الجدل بل الخلاف الحاد حول طائفة مَنْ سيرأسه,أهو»درزي»كما يتمسّك برّي بذلك؟ام»ارثوذكسي»كما يدعو تيار عون..لهذا)؟

ربما يجد لنفسه مكاناً,السؤال حول ماذا سيحدث في لبنان،اذا ما انتهت الدورة الاستثنائية العتيدة لمجلس النواب الى الفشل في شأن التوافق (وليس الاتفاق)على قانون انتخاب جديد بأي صيغة كانت؟وهل سيبقى المتقاتلون (وهم قِلّة)في الخنادق المتقابِلة على تفاؤلهم؟ام ان الجنرال فراغ سيفرض نفسه؟ وعندها لن يجد اللاعبون انفسهم الا في دائرة «مفتوحة»من المواجهات والسجالات التي قد «لا» تبقى عند ذلك «النوع» السلمي من الخلافات، بل تستدعي تدخّلاً خارجياً بأشكال مختلفة, يستدرج لبنان الى دائرة النار وحزام الفوضى الذي يضرب المنطقة منذ ست سنوات,بقرار اسرائيلي اميركي وبعض العربي؟
..الانتظار لن يطول.



 
gnews

أحدث الأخبار



 




الأكثر مشاهدة