السبت 2024-12-14 09:42 م
 

ما بعد جائزة «تمبلتون»

08:17 ص
ما حدث في كاتدرائية واشنطن الوطنية يتجاوز تسليم جائزة دولية مهمة لتكريم جهود الاردن في سياق الوئام الديني، الى الاعتراف بدور الاردن وقيادته في تمثيل نموذج «الحكمة» الملهمة لكثير من الدول والشعوب، وهو دور لا يتعلق فقط بالقيم التي عبر عنها جلالة الملك في خطابه هناك، وانما بالمصالح التي تهم الاردنيين والعرب والمسلمين ايضا.اضافة اعلان

تعزيز الدور الاردني لدى دوائر صناعة القرار في العالم من خلال ابراز ما يتيمز به الملك من قدرة على فهم ومخاطبة الاخرين، وتقديم الاردن كحالة متميزة عن المحيط في سياق سياسي وديني وانساني سينعكس في اتجاهين : الاول على المستوى الدولي حيث سيجد الاردن مساحة وافاقا اوسع للتأثير على القرارات الدولية المتعلقة بقضايا المنطقة ومستقبلها، وسيحظى بانصات الكثيرين لما يطرحه من حلول وبدائل وبالتالي فان الدبلوماسية الاردنية ( السياسية والدينية ) ستتحرك دون عوائق لتملأ فراغا كبيرا عجز الاخرون عن ملئه، او اضطروا للانسحاب منه تحت وطأة افتقاد المشروعية،او بسبب تراجع ثقة العالم بهم.
اما الاتجاه الثاني فهو على المستوى الداخلي حيث سنشهد على المدى القريب سلسلة من القرارات والتحولات التي تتعلق بالاصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي وستكون» العقدة « الاصلية فيها اعادة الثقة بين الناس ومؤسساتهم، او بين المجتمع والدولة، اما المحرك الاساسي لها فهو تقديم الانجاز لا مجرد الحديث عنه، والاصرار على تكريس قيم الدولة كوقائع على الارض لا مجرد افكار تتحرك في الفضاء.
هذه التحولات على المستوى الداخلي ستحتاج الى استدارات على صعيد علاقة الاردن مع الاقليم حيث من المتوقع ان تتم عملية تحرير لهذه العلاقة من التباسات كثيرة، ليس فقط لفرز الاصدقاء من الاشقاء،او ترسيم المصالح الاردنية على مسطرة المستجدات والمتغيرات، وانما ايضا لاطفاء بؤر التوتر والقلق لدى المجتمع الاردني، وازالة الشكوك التي شكلت لديه الدافعية للاحباط او عدم القدرة على رؤية الانجازات والتعلق دائما بالسلبيات.
في سياق هذه التحولات الداخلية من المتوقع ان نشهد فتح ملفات مهمة منها ملف الاعلام الذي قد يصار الى تشكيل لجنة خاصة لدراسته وتقديم ما يلزم من توصيات لدعمه وتطويره تزامنا مع مناقشة قانون «الجرائم الالكترونية» الذي يصر جلالة الملك على ان تكون ثنائية الحرية والمسؤولية اساسا فيه، ومنها ملف الكتل البرلمانية الذي سيحظى باهتمام كبير لسد الفراغ الذي تركته الاحزاب، وللارتقاء بدور المجلس النيابي وضبط ايقاع علاقته مع الحكومة.
يبقى ملف اداء الحكومة في قضايا الاستثمار والبطالة والاصلاح الاقتصادي، ثم الاستعداد للانفتاح على المساهمة في برامج الاعمار ( سواء في سوريا او العراق)، من اهم ما تشهده المرحلة القادمة حيث من المتوقع ان يعاد «تقييم» الحكومة على هذه المسطرة، وان تفتح الابواب امام الضغط عليها لدفعها الى تعديل مسارات ادائها لمواكبة ما تعهدت به من التزامات امام جلالة الملك وامام الناس ايضا.
غدا نكمل ان شاء الهي.
 
gnews

أحدث الأخبار



 




الأكثر مشاهدة