الخميس 2024-12-12 05:48 م
 

نملك رفض ما يضرنا

07:05 ص

بعض الأوساط السياسية تتعامل مع التسوية المتوقعة للقضية الفلسطينية على أنها قدر قادم لا مناص منه، بل نسمع من البعض أقاويل بأن التسوية التي يجري التفاوض عليها سيتم التوقيع عليها قبل كأس العالم التي ستنطلق صيف هذا العام، ونرى في ألسنة هذه الأوساط وعيونها استسلاماً لما هو قادم، وأن الأردن سيتعرض لضغوطات لن يتمكن معها إلا بالقبول، ونتحدث هنا عن القضايا التي تمثل مصالح عليا للدولة الأردنية.اضافة اعلان

أولاً من حيث المبدأ لا يجوز التعامل مع ما نسمعه على أنه قدر وأن الأردن لا يملك مساحة للرفض لأي أمر سيتعارض مع مصالحه، وحتى لو كان الأردن دولة داعمة لفكرة السلام والحل السياسي فهذا لا يعني أن نقبل بما لا يحقق مصالحنا، أو بما يجعل الأردن يدفع ثمناً من هويته واستقراره وحقوقه لأجل أن يقال أن اتفاقاً تم توقيعه وأن عملية السلام ليست متعثرة.
ليست مصلحة أردنية أن يتم تحميل الأردن بشكل عملي توطين الفلسطينيين بتسوية تجعل الخيار الوحيد هو الإقرار بأن الفلسطيني ليس له مكان إلا الأردن، فالحرمان من حق العودة ضمن السياق الذي نقرأه يعني التوطين المتدرج لفئات من الأشقاء وتكريس التوطين لفئات أخرى.
ليست مصلحة الأردن أن يتم التوصل إلى اتفاق ندفع جزءاً من ثمنه، ومصلحتنا اتفاق يحقق للشعب الفلسطيني حقوقه الكبرى ويقيم دولته الحقيقية، وأي اتفاق ندفع ثمنه نقف في خندق رفضه بل ربما أكثر من ذلك، فليس هدفنا حل المشكلة الإسرائيلية أو تحقيق احتفالية التوقيع، وهذا ما أكده جلالة الملك عند لقائه نتنياهو قبل أيام بأن أولوياتنا مصالحنا.
وربما تحتاج بعض الأوساط إلى أن تتخلص من عقلية الاستسلام للقادم، فرغم كل مشكلاتنا الاقتصادية والأوضاع العامة حولنا فالأردن يملك القدرة على رفض ما يضر مصالحه، فنحن لا نريد اتفاقاً يخدم غيرنا يتحول إلى كرة نار داخل بلادنا.
الحكمة وحسن إدارة المراحل الصعبة سمة للقيادة الأردنية تاريخياً، وحتى لو كان هناك ثمن لموقف يحقق مصالحنا فالأردن دفع أثماناً لمواقف كبرى اتخذها واسألوا من عايشوا فترة كامب ديفيد، وكم كانت الضغوطات على الأردن ليدخل المفاوضات نيابة عن نفسه وعن الفلسطينيين، لكن الحسين رحمه الله رفض، وكذلك ما جرى عام 1990 ، ثم الحرب على العراق عام 2003 وحتى إدارة الأزمة السورية والضغوطات التي مرت على الدولة.
الأردنيون لن يقبلوا بحلول ندفع نحن ثمنها، وبقاء الأمور على حالها أفضل بكثير من تسوية تكرس ما رفضناه جميعاً خلال عقود، وما يجري تسويقه داخل بعض (النخب) من أن الحل قادم، وأننا في الأردن لا نملك إلا القبول، هذه الروح إما ناتجة عن موقف سياسي أو فهم غير مكتمل لما يجري.
لن نقول كما يقول البعض أننا نعول على الرفض الإسرائيلي لمقترحات كيري، بل نعول على أنفسنا كدولة وبنى اجتماعية وسياسية، فلن يقبل الأردنيون أن تكون هوية دولتهم ومصالحهم ثمنا لاحتفال العالم بتوقيع اتفاق بين السلطة وإسرائيل.
ومرةً أخرى فإن الحاجة ماسة إلى أن يستمع الأردنيون من دولتهم إلى حديث واضح المعالم عما يجري، إغلاقاً لأبواب التفسير والأقاويل والاجتهادات الموجهة.


 
gnews

أحدث الأخبار



 




الأكثر مشاهدة