وطني ، ولو شُغِلتُ بالخبز عنه

أيّها المحتج ، احتج ، احتج ، احتج ، وأضرب بكعب صوتك أوتاد الأرض حتى ترتجّ ، وأطلق سراح الهواء في حنجرتك ، وأفكك عُقد حبال صوتك ، وتلحّف الإسفلت خيمة يقصدها حجيج الوطن متى أسjطعوا إليها سبيلا ، والجرحى الذين سرق الليل محاجلهم ، وناصفاهم أنصاف أحلامهم ، أربط الشارع برباط حذائك ، وتحزّم حديد الخبز الأبيض ، وتلثم بوجهك فلا أحد يعرفك ، حتى أنت ما عدت تعرفك ، وخبّأ في جيبك الخلفي عبوة من بكاء ، وأحتفظ في جهازك التنفسي بشهقتين ، أو شهقتين ونصف ، وأستنشق ما شئت من الغاز المسيّل للدموع ، وأبكي عليه من الضحك ، أو أضحك عليه من البكاء ، من حقك أن تحتجّ ، لا بل لن يشكرك وطنك إذا لم تحتج ، 'احتج لكن بشرف' وأصرخ بأصدح صوت ، ولو دون صوت ، ولكن 'بشرف'. اضافة اعلان


لا تسحب الأرض من تحت السماء فتسقط علينا ، لا تقطع بيديك معصمينا ، ليس دوما ينجي البتر يدينا ، وماذا سنبني بيدينا ، إذا متنا كلينا ، أيها المحتج إني أثوّرك ، وألقّم جرحك ببُراد البارود ، وأسوق لك منشورا سرّيا مفاده : 'احتج لكن بشرف'

سر على راحتيك ، فهنا التراب مقدس فاحذر أن تدوس على التراب ، لا تحرق زيتونة ، ولا تكسر قلب حجر تنبض حياتنا به ، ولا تسرق تفاح غيرك ، فلسنا في عام المجاعة ، لا تقطع الطريق فتقتل طفلا منعته إطاراتك المشتعلة من أن يدرك مشفى ، فلا شيء ينقذه من نوبة جهلك حينها ، أو ترغم أختا أن تنجب طفلتها على قارعة الوطن ، لا تقدح ولا تمدح ، 'احتج لكن بشرف' .


لسنا لصوصا ولا قطّاع سُبُل ، ولم نكن يوما جياعا ، توسّدنا آرائك الضوء ، وتيمّمنا عرق التراب ، وتمضمضنا كحل الوطن ، وربطنا تاريخنا المشرّف على بطوننا ، فكانت الجباه منّا استعارات تعلن أن كل فرد فينا ملك .

سأنشد 'موطني موطني' رغم أن معدتي خاوية ، وجيوبي حكمت بائعة الخبز بإخلائها ، فأنا أحمل في دمي من كرات الكرامة ، ما هو أثمن وأثقل من النفط الذي أراد إخوتي أن يسممونني به ، لا تحزن يا وطن أمي ، لن تنام الليلة جائعا ، أربطني حجرا على بطنك ، وأرقد وأنا ملئ عينيك ، فتظل وطني ولو شغلت بالخبز عنه.