الجمعة 29-03-2024
الوكيل الاخباري
 

الانهيار سببه قصور تشريعي وتقصير رسمي



أي انهيار؛ ربما هذه هي أسبابه التقصير والقصور القانوني، لكنني أتحدث عن انهيار عمارة اللويبدة على رؤوس ساكنيها، الذين نترحم على المتوفين منهم، وندعو بالشفاء ونتضامن مع المصابين وذوي الضحايا، الذين سقطت على رؤوسهم البناية دونما حرب ولا ضرب ولا تفجيرات أو صواريخ أو كوارث ما، كما يحدث في كل مناطق الصراعات والحروب.. هؤلاء ماتوا والذين سقطت بهم وعليهم أبراج نيويورك أيضا ماتوا، لكن شتان بين السقوطين علما أن الجاني قد يكون واحدا، وهو خلل في العقل والنفس والأخلاق والضمير.اضافة اعلان


تتحدث نقابة المهندسين الأردنيين عن دراسات للمباني في الأردن، تفيد بأن 23% منها قديمة متهالكة تحتاج لصيانة أو إزالة، وأن 83% من هذه المباني موجودة في العاصمة عمان، وهي تحت مسؤولية وإشراف و»مسقفات « أمانة عمان، لكن ما الذي تفعله أمانة عمان بشأنها؟ وكيف تتعامل مع الملاحظات بل والشكاوى المتعلقة بوجود أخطاء فنية أو خلل ما يهدد عمارة؟.. هي لا تفعل شيئا تقريبا، سوى كشف حسي، وترسل المواطن وشكواه للمحافظ أو المتصرف، ويصبح الموضوع (صرد كلام).. ولا يتم حل أي مشكلة، وعندي مثال حي يمكنني ومن خلاله محاججة أي مسؤول يعترض على كلامي..

المشكلة لا تنحصر فقط بالمسؤولين والمؤسسات، فكل الشكاوى والملاحظات والتقارير الهندسية تصبح مجرد قصة، بالكاد يسمح قانون الجوار الذي هو من اختصاص الحاكم الإداري.. بالكاد يسمح بمناقشة الجوار، بينما القضية الفنية التي قد تهدد حيوات الأبرياء، لا قانون فعليا يختص بالنظر فيها، حتى المحاكم، تعاني بدورها من عدم وجود قانون حاسم، يستند للتقرير الهندسي، ولا يصطدم بالإجراءات البيروقراطية الكثيرة، التي تتقاسم المسؤولية عن الأبنية، ومنها البلديات «الأمانة» ووزارة الأشغال العامة ونقابة المهندسين ومجلس البناء الوطني والمجلس الأعلى للبناء، حيث يضيع الموضوع بين هذه الجهات الكثيرة، وتتوه الروايات، بينما الرواية الهندسية الفنية التي تتحدث عن الخلل أو الخطأ الهندسي الذي يهدد السلامة العامة موجود ويتفاقم.

قبل أن تنطلق «المراجل» و»الفزعات» يجب أن يتواجد تشريع يحسم مثل هذه القضايا، فمكاتب الأمانة ومديرية الأبنية فيها إضافة إلى مكاتب الحكام الإداريين بل وأقسام الشرطة، تضج وتضيق بالشكاوى الكثيرة المتعلقة بالأخطاء الفنية الهندسية والأخطاء الحديثة الناجمة عن تآكل المباني أو قيام أحد سكانها بأعمال تتضرر منها تلك الأبنية، وتحتار الجهات الرسمية المختصة في أي قانون تنظر لحل المشكلة وإلى أي حد يمكنهم التدخل لحسمها، نظرا للخلافات والاعتراضات بين سكان العمارات، الذين قد يقبل كثيرون منهم بأن تنهار العمارة على رأسه ورأس جاره، ولا يمكن أن يقبل أن «يكسب جاره الشكوى أو الرهان».. فتقف الجهود والقوانين والشكاوى عند هذا الحد.. بانتظار الانهيار الحتمي.

هناك قوانين مطلوبة تتعلق بالطابق الأخير من أي عمارة، وفي حال لوحظت بداية خلل في سطح العمارة أو في الطابق الأخير، تقف الجهود والقوانين والصلاحيات عاجزة «هندسيا» عن التدخل الحاسم، والسبب كما أسلفنا كثرة المرجعيات بلا طائل.

يجب أن يتم الزام اي صاحب اسكان او عمارة، أن يعزل سطح البناء ضد كل العوامل الجوية، وتحديد وتوزيع الأحمال على السطح، وحين يبرز خلل ما ناجم عن عوامل جوية أو تغييرات بيئية أو طبيعية او عن أحمال زائدة، ويثبت هندسيا وجود مثل هذا الخلل، يجب أن يكون هناك قانون يلزم صاحب الطابق الأخير أو مالكي السطح بحل المشكلة نهائيا، ويجب أن تكون هناك صلاحيات للبلديات وأمانة عمان، كجهات فنية مسؤولة، ومع الاحترام للحكام الإداريين وقانون الجوار ومنع الجرائم، فليس هذه هي القوانين المطلوبة، بل مطلوب تشريع آخر، يلزم سكان العمارات بعزلها وترميمها جيدا، أو بتغطيتها ببناء رووف خفيف، وسطح متين لحمل الأحمال والخدمات.. وما يقال عن السطح والطابق الأخير، يقال عن كل مرافق أية عمارة، وعدم ترك الأمر لنزاعات الجيران والسكان التي تسيطر عليها المناكفات، أكثر من المتطلبات الهندسية والفنية والسلامة العامة للسكان المهددين أو المتضررين.